قد تحتاج دوائر الأمن الألمانية إلى شخص مثل شيرلوك هولمز كي يحل لغز عملية السطو التي وقعت قبل أكثر من خمسة أعوام وما زالت التحريات تراوح مكانها لتحديد الفاعل، وتعتبر العملية اليوم أكثر عمليات السطو إثارة في تاريخ ألمانيا. فمنذ وقوع العملية في الـ25 من شهر يناير (كانون الثاني) عام 2009 تزداد القصة تعقيدا وكأنها فيلم بوليسي، وكل ما يتوفر حتى الآن لدى الشرطة من أدلة هو كمية ضئيلة من الحمض النووي عثر عليها على قفاز السارق، لكن المشكلة الأكبر أن السارق هو توأم من بويضة واحدة، والعلم ما زال عاجزا على التفريق بين التوائم.
والقصة بدأ ليلة الـ25 من يناير بعد منتصف الليل حيث تسلل أحد التوأمين اللبنانيين عباس وحسن (27 عاما) إلى متجر كا. دي. في. الفخم في برلين ويقصده الأغنياء وسرق مجوهرات بين ساعات ومصاغ بقيمة مليوني يورو لكن الفاعل نسي قفازه ما مكن الشرطة من رفع الحمض النووي عنه واعتقدت أن الطريق أصبح سهلا للقبض عليه إضافة إلى الاعتماد على صور كاميرات الفيديو التي التقطت له وهو من المتجر الذي دخله بعد كسر إحدى نوافذه المطلة على بهو خلفي. لكن ظن مدير الشرطة في برلين خاب بعد أن علم أن عباس وحسن توأمان لذا لم تعد تُعرف من التقطت صوره، وتأكد من ذلك بنفسه عندما وقف أمام الأخوين اللذين لا يمكن التفريق بينهما وكان شخص يقف أمام مرآة، فأسرع للاعتماد على نتائج الحمض النووي وكانت الخيبة الأكبر، فالحمض النووي كما بصمات اليد متطابق لدى التوائم من البويضة الواحدة، فاضطر إلى إطلاق سراحهما مع أن واحدا منهما هو الفاعل لكن لا تتوفر أدلة إثباتية عنه رغم يقين الشرطة بأنهما خططا للعملية وواحدا منهما نفذها معتمدين على التشابه غير العادي بينهما ويبدو أنهما على علم بمسألة تشابه بصمات اليد والحمض النووي.
واللافت أن التوأمين لا يسكنان برلين بل بلدة صغيرة في ولاية سكسونيا السفلى ولهما سجل لدى الشرطة هناك ويعيشان على المساعدات الاجتماعية، وسبق لهما أن استغلا التشابه بينهما للتخلص من مخالفات قانونية، ومن غير المعروف بعد سبب اختيارهما لهذا المتجر الفخم ببرلين. وما يثير غضب دوائر الأمن أن كل المعلومات التي جمعت خلال السنوات الماضية غير كافية أبدا بل قليلة كي تساهم في تحديد الفاعل ومن هو صاحب الحمض النووي. كما أنه لا يمكنها الاعتماد على الصور التي التقطتها أجهزة الفيديو في المتجر، فهي تحمل صور شخص أو شخصين لا يمكن التفريق بينهما أن في الطول أو طريقة المشي، وهذا يزيد التحقيقات تعقيدا إلى اليوم، لذا يعتمد رجال المباحث على العثور على جزء من الغنيمة لكن الاعتقاد السائد أنها وجدت طريقها إلى خارج ألمانيا منذ زمن طويل عبر عصابات التهريب وما أكثرها في برلين.
والحديث اليوم هو عن طريقة علمية جديدة من أجل التفريق بين الحمض النووي لدى التوائم ويعمل معهد الطب الشرعي في مستشفى شاريته ببرلين منذ عام 2013 على تطويرها لتميز المادة الوراثية لدى التوائم المتماثلة، لكن المشكلة أن الفحص بواسطتها يتطلب الكثير من المواد الجينية وآثار للحمض النووي والمحققون لم يعثروا إلا على كمية قليلة جدا من عرق الفاعل على قفازه الذي تركه دون أن يدري وهو على عجلة من أمره للخروج من المتجر، كما أن هذا الفحص باهظ الثمن. أما من الناحية القانونية فهو غير وارد في قانون الجنايات ليعتمده القضاء الألماني كدليل على ارتكاب جنحة كما أنه يتطلب وقتا كي يعتبر جزءا من هذا القانون.
ومن أجل كسب الوقت أوكلت الشرطة الجنائية في برلين القضية إلى خبراء صور رقمية يتفحصون اليوم بواسطة أجهزة متناهية الدقة قياس طول الفاعل الحقيقي من بين التوأمين وتقدير وزنه بالاعتماد على الصور التي التقطتها كاميرات الفيديو يوم السطو وطريقة تحركه وطول وجه تقاسيمه وتفاصيل دقيقة أخرى، كي تقارن مع التوأمين اللبنانيين حسن وعباس مع إدخال في الحسبان فارق العمر، وتريد الشرطة نتائج سريعة، فحسب القانون الجنائي الألماني (قانون التقادم) تسقط تهمة السرقة البسيطة عن من تحوم حوله الشبهات بعد خمسة أعوام وبعد عشرة أعوام بالنسبة للسرقة الصعبة كما هي الحال مع التوأمين، ولا يمكن إلقاء القبض على الاثنين لأنه يعتبر خرقا للقانون، فهل كان حسن عباس على علم بكل ذلك؟
لبنانيان توأمان يوقعان الشرطة الألمانية في حيرة
أحدهما قام بسرقة محل في برلين والحامض النووي المشترك هو الخيط الوحيد

لبنانيان توأمان يوقعان الشرطة الألمانية في حيرة

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة