بغداد تستغرب تصريحات وزير خارجية الإمارات.. ومطالبات بتسليم سفيرها رسالة احتجاج

ردًا على اتهام الشيخ عبد الله الحكومتين العراقية والسورية بالمساعدة في تنامي الإرهاب

بغداد تستغرب تصريحات وزير خارجية الإمارات.. ومطالبات بتسليم سفيرها رسالة احتجاج
TT

بغداد تستغرب تصريحات وزير خارجية الإمارات.. ومطالبات بتسليم سفيرها رسالة احتجاج

بغداد تستغرب تصريحات وزير خارجية الإمارات.. ومطالبات بتسليم سفيرها رسالة احتجاج

بعد يوم واحد من الزيارة التي قام بها وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية إلى بغداد وإجرائه مباحثات وصفت بالإيجابية، أبدت الحكومة العراقية استغرابها الشديد من التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان واتهم فيها الحكومتين العراقية والسورية بالمساعدة في تنامي ظاهرة الإرهاب بالمنطقة.
وعبر وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في بيان أمس الأحد عن «الاستغراب الشديد لما صدر عن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان»، عادا أنه «كلام غير صحيح، إذ برهن النظام العراقي الجديد بما فيه الكفاية على أنه مُصرّ على إنشاء نظام على قاعدة الديمقراطية، ومشاركة واسعة لكل الأطراف، وليس فقط من حيث إقامة النظام، بل من حيث السياسات العامة التي طبقها عمومًا، بخاصة القوات المسلحة».
وأضاف الجعفري أن «رئيس الوزراء (حيدر العبادي) لا يسمح أبدًا بوجود أي نوع من المحاباة، والتمييز في سياسات القوات المسلحة في المناطق التي تدخلها، وفي المجاميع التي تعمل تحت مظلتها»، مشددا على أن «العمل تحت مظلة القوات المسلحة لا يكون إلا على أسس وطنية عراقية، ومن دون التمييز على خلفيّة طائفية، أو مناطقية، علاوة على أن الرئاسات الموجودة في العراق تعكس تعاملاً تكامليًا بين أبناء المذاهب والقوميات».
وأوضح وزير الخارجية العراقي أن «هذا الكلام أثار استغرابي، خصوصا أن الأخ وزير الخارجية عبد الله بيننا وبينه حوار مباشر، ولا يوجد حاجز»، لافتا في الوقت نفسه إلى أن «هناك لبسًا، وكان عليه أن يستفسر، علاوة على ذلك أن العلاقات العراقية الإماراتية تشهد صعودا مطردا نحو الأفضل».
وكان وزير الخارجيّة الإماراتي قال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إن محاصرة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن أن يتم من دون معالجة أسباب ظهوره وانتشاره في المجتمع، وهي أسباب خلقها نظاما دمشق وبغداد بقمعهما لشعبيهما وعدم تحقيق المساواة بين مواطني البلدين دون تمييز بين عرق أو دين أو طائفة.
في السياق ذاته، طالبت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي باستدعاء السفير الإماراتي لدى العراق لغرض الاستيضاح منه بشأن تصريحات وزير الخارجية الإماراتي. وقال عضو اللجنة عباس البياتي في تصريح أمس إن تلك التصريحات «لا تنم عن الدبلوماسية ولا عن الرغبة في تطوير العلاقات بين البلدين»، مشيرا إلى «أننا نطالب وزير الخارجية باستدعاء السفير الإماراتي لدى العراق لاستيضاح حقيقة الموقف الإماراتي من هذه التصريحات».
بدوره، عد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه التصريحات «مرفوضة لأنها تدخل في شؤون دولة ذات سيادة، فضلا عن أنها تدل على عدم معرفة أو غموض في الرؤية لما يجري في العراق رغم أن العلاقات بين العراق ودولة الإمارات علاقات جيدة»، مشيرا إلى أن «من شأن هذه التصريحات العمل على إثارة الفتن والبغضاء في وقت نسعى فيه إلى توحيد المواقف باتجاه محاربة (داعش)، والإمارات عضو في التحالف الدولي ضد هذا التنظيم الإرهابي بينما مثل هذه التصريحات تمثل دعما لتنظيم داعش».
على صعيد متصل، دعا رئيس التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي وعضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية مثال الآلوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الدول العربية إلى «الكف عن التدخل في الشؤون العراقية ما دامت لا تريد دعم العراق في حربه ضد (داعش)، علما بأن هذه الحرب مرشحة للانتقال إلى كل دول المنطقة، وهو ما يتطلب منها جميعا الوقوف بوجه هذه الموجة وعدم الاكتفاء بتوزيع الاتهامات الظالمة وغير المنصفة».
وأضاف الآلوسي أن «في العراق مشكلات وإخفاقات، وهو ما نعترف به جميعا ونعمل على تخطيه، وما الجو الديمقراطي الذي نعيشه في العراق رغم كل ما يعانيه من خلل وقصور إلا تجسيد لمساعينا لمواجهة التحديات بينما كثير مما نعانيه موروث من النظام السابق الذي لم يراعِ خصوصيات دول الخليج رغم وقوفها معه في كثير من المراحل». وأشار الآلوسي إلى أن «السياسة الإماراتية عودتنا على التعقل والهدوء وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وهو ما يتطلب منهم الاستمرار في هذه السياسة وهذا أفضل لهم ولنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».