الحكومة اليمنية تكشف عن مشاركة أميركية في مشاورات مسقط

تأكيدًا لما نشرته {الشرق الأوسط} عن المحادثات الأولى بين الطرفين

صورة ضوئية لما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس (السبت)
صورة ضوئية لما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس (السبت)
TT

الحكومة اليمنية تكشف عن مشاركة أميركية في مشاورات مسقط

صورة ضوئية لما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس (السبت)
صورة ضوئية لما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس (السبت)

أفصحت الحكومة اليمنية رسميًا، ولأول مرة، عن موقفها من المحادثات السياسية متعددة الأطراف التي تجري في العاصمة العمانية مسقط برعاية عمانية، كاشفة كذلك عن مشاركة أميركية في تلك المحادثات.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت أول من أمس (السبت)، نقاطا عن «مسودة اتفاق» جرى تسريبها تتعلق باتفاق جمع مسؤولين حوثيين وموفدين عن سلطات التحالف، بشأن إنهاء الأزمة في اليمن. ويفضي مشروع الاتفاق إلى إنهاء الحرب الدائرة هناك، وإعادة السلطة الشرعية، والبدء في حوار سياسي لا يستثني أحدًا، والقبول بمبدأ إعادة تقسيم اليمن إلى إقليمين بدلا من ستة في إطار وحدة فدرالية، مع إعادة تكوين الجيش، واستبعاد أي دور سياسي للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
ومن خلال وسائل إعلام يمنية، عبرت الحكومة اليمنية عن انتقادها للمحادثات التي تجري في سلطنة عمان، ونسبت مواقع إخبارية يمنية لراجح بادي الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية، قوله إن هذا الحوار «لا يعني الحكومة اليمنية، ونتائجه غير ملزمة لها».
ونقلت وسائل إعلام يمنية عن راجح قوله إن «نتائج المفاوضات الأميركية مع الحوثيين وإيران لن تحقق الأمن والاستقرار في اليمن».
وكان محمد عبد السلام الناطق الرسمي لميليشيا الحوثي، أكد أن حركته تجري مباحثات بشأن الأزمة اليمنية «مع العديد من الأطراف الدولية والإقليمية يتم التباحث حولها في سلطنة عمان».
وبدفع من وساطة عمانية، فإن هذه المحادثات هي الأولى التي يجريها الأميركيون مع الحوثيين منذ بدء عمليات «عاصفة الحزم» في 26 مارس (آذار) الماضي.
وقال المتحدث راجح بادي لوكالة الصحافة الفرنسية في الرياض إن «المحادثات بين الحوثيين والوفد الأميركي جاءت بناء على طلب الجانب الأميركي». وأضاف أن وفد المتمردين الذي يترأسه صالح الصمد رئيس المكتب السياسي للحوثيين وصل قبل أيام إلى مسقط، في «طائرة قدمها الأميركيون».
وردا على سؤال عن مضمون المحادثات، تمنى بادي أن تندرج في إطار الجهود الدولية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216، الذي ينص خصوصا على انسحاب الحوثيين من صنعاء ومدن أخرى سيطروا عليها منذ العام الماضي. وأرجأت الأمم المتحدة مفاوضات سلام كان مقررا أن تبدأ في 28 مايو (أيار) السابق، بعد الفشل في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية المختلفة.
وكرر بادي أمس أن «أي لقاء في جنيف أو سواها يجب أن يركز على وضع آلية لتطبيق القرار 2216».
يُذكر أن صحيفة «واشنطن بوست» كانت قد كشفت عن احتجاز الحوثيين لخمسة أميركيين، وأن جهود واشنطن للإفراج عنهم متواصلة، رغم أنها لم تنجح حتى الآن.
وتتحدث التسريبات عن نقاط سبع يجرى الاتفاق بشأنها، كنتيجة لمساعٍ عمانية ظلت تعمل في الظل للتوصل إلى حلّ للأزمة اليمنية. وتحتفظ سلطنة عمان بعلاقات مع مختلف الأطراف اليمنية. وقد راجت أنباء عن لقاء جمع الثلاثاء الماضي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع ممثلين عن جماعة الحوثي كانوا قد وصلوا إلى سلطنة عمان بواسطة طائرة عمانية حطت في مطار صنعاء. وبالإضافة لمحمد عبد السلام الناطق الرسمي للحوثيين، يوجد في مسقط كذلك صالح الصماد رئيس المجلس السياسي للحوثيين.
وأشارت مصادر إعلامية أمس إلى أن الوفد الحوثي قد يقوم قريبًا بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو، بدعوة من وزارة الخارجية.
وتتضمن هذه النقاط قبول الحوثيين بمقررات مجلس الأمن، ومن بينها الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة وعودة السلطة السياسية كاملة إلى صنعاء. كما تدعو إلى البدء تنفيذ مخرجات الحوار وعفو عام للحوثيين يصدر بقرار من الرئيس عبد ربه منصور هادي. وتدعو كذلك نقاط الاتفاق إلى خروج صالح لدولة أخرى، وتعهد الحوثيون بأن يشكلوا كيانًا سياسيًا ويكون لهم دور في الحياة السياسية في المستقبل، ولكن بحجمهم الحقيقي، كما كان قبل سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتعالج نقاط الاتفاق واحدا من مطالب الحوثيين بإعادة تقسيم الأقاليم، حيث ينص على إعادة النظر في تقسيم اليمن الفيدرالي إلى إقليمين بدلا من ستة في إطار وحدة فيدرالية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.