احتضن غاليري آزاد شوقي بمدينة السليمانية في إقليم كردستان، معرضا للنحاة الكردي بختيار بمو ضم (140) قطعة نحتية بمختلف القياسات والأحجام منها (90) منحوتة من الحجر، أما المنحوتات الأخرى فهي مزيج من الحجر وقرون الحيوانات البرية والخشب، وتمثلت بأشكال أسطورية وأخرى مستوحاة من طبيعة كردستان، بينما تروي جميع القطع قصصا وحكايات تاريخية لمعظم شعوب العالم.
بختيار محمد رءوف الملقب بـ«بختيار بمو» اختار الطبيعة مادة لأعماله التي جمع من خلالها كل المدارس التشكيلية وبلمسة منه خرجت بطريقة جديدة لا تشبه من سبقه في هذا الفن. نفذ الفنان أعماله على قطعة أرض يملكها على أحد المرتفعات في منطقته بمو، وحولها بجهوده الفردية إلى موقع لولادة أعماله التي اختار لصناعتها الحجر وعظام الحيوانات وقرونها، بتقنية في غاية الدقة وبأدوات بسيطة.
عشق بختيار بمو، فن النحت والرسم منذ أواخر ستينات القرن المنصرم، عندما كان في الرابعة من عمره، وبدأت موهبته الفنية تبرز بمرور الوقت، إذ كان ينظر يوميا إلى ما حوله من مناظر طبيعية خلابة، على الطريق الممتدة بين قريته والمدرسة التي درس فيها في منطقة بمو في إقليم كردستان، ويترجم أفكاره إلى أشكال من الطين ولوحات.
وعلى خلفية الأحداث السياسية المعقدة التي عاشها إقليم كردستان العراق عام 1974، نزحت عائلة بختيار نحو الأراضي الإيرانية، وهناك دخل المدرسة المتوسطة، وشارك في دورة فنية نظمها المركز الألماني. الإيراني المشترك، للفنون في طهران، حيث تعلم فيها كيفية استخدام المبرد في نحت قطع الحديد.
وفي عام 1976 عادت أسرة الفنان إلى كردستان العراق مجددا، لتتعرض هذه المرة إلى النفي نحو مدينة الناصرية في أقصى الجنوب العراقي، حيث الصحارى القاحلة فقط، التي لم تحرك في داخل بختيار أي أحاسيس فنية، إلا أن صور ومشاهد الأشجار والمروج والينابيع والجبال، بل وحتى الحيوانات والطيور التي شاهدها في كردستان، ظلت عالقة في ذاكرته، إلى أن عادت عائلته مرة أخرى إلى كردستان عام 1977 ليكمل دراسته ويعمل منذ ذلك الوقت في مجالات الرسم والنحت حتى يومنا هذا.
وقال بمو، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مخيلتي مليئة بمخزون لا حدود له من الأشكال والأفكار التي تتسابق فيما بينها لتكون هي الأولى في الواقع، والأعمال التي أنجزها إما تكون تعبيرا عن حكاية ما أو أسطورة أو ملحمة تاريخية، فالفنان يختلف عن أقرانه من الناس العاديين بأنه يمتلك الحدس والإلهام، أنا عندما أنحت من الحجر طيرا هذا الطير ليس كالطيور العادية بل يكون ذا شكل أسطوري موجود في خيالي».
وتابع بختيار بالقول: «العشق الموجود في داخلي تجاه الفن هو عشق بلا حدود ولا يمكن لأي شيء أن يقف في طريقه، فهو الذي يحركني للتعامل مع ما هو صلب في الطبيعة من الأحجار والحديد والخشب والعظام وقرون الحيوانات، ولا أستخدم عيني بشكل مستمر، في أعمالي، بل أعتمد على أصابعي في إظهار الدقة في نحت الأجسام».
وعن الطقوس التي يمارسها أثناء ممارسة النحت في مرسمه الذي بناه بنفسه خلال 1050 ليلة في مسقط رأسه على قمة رابية تبلغ ارتفاعها 200 متر، يقول: «أنا أغني مع نفسي الأغاني الكردية أثناء العمل وإنجاز أي قطعة فنية وأرقص وأصفق مع كل مرحلة من مراحل انتهاء العمل الفني».
وعن مشاريعه الفنية المستقبلية، يقول: «لدي عدد كبير من رسوم الطيور، خططتها بشكل دقيق وهي تكفي لتكون مادة لأكثر من خمسة معارض، بالإضافة إلى المئات من الرموز والتواقيع التي انتهيت أيضا من تخطيطها، ولم يبق أمامي سوى تأجير قاعة لعرضها».
الفنان الكردي بختيار بمو يستلهم الطبيعة في قطعه النحتية
يروي في أعماله أساطير شعوب الأرض
الفنان الكردي بختيار بمو يستلهم الطبيعة في قطعه النحتية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة