وفد حوثي يزور مسقط وسط أنباء عن وساطة عمانية.. وتوقعات بلقاء مع قيادات إيرانية

طائرة عمانية حطّت في صنعاء وحملت الوفد * مصادر لـ {الشرق الأوسط} : اتساع نطاق التحالفات القبلية لمواجهة الحوثي *صنعاء تتعرض لأعنف هجوم على مقر الحرس الجمهوري

طفل يمني يحمل سلاحا أثناء احتفالات بعيد الوحدة التي أقامها اليمنيون في صنعاء أمس (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحا أثناء احتفالات بعيد الوحدة التي أقامها اليمنيون في صنعاء أمس (رويترز)
TT
20

وفد حوثي يزور مسقط وسط أنباء عن وساطة عمانية.. وتوقعات بلقاء مع قيادات إيرانية

طفل يمني يحمل سلاحا أثناء احتفالات بعيد الوحدة التي أقامها اليمنيون في صنعاء أمس (رويترز)
طفل يمني يحمل سلاحا أثناء احتفالات بعيد الوحدة التي أقامها اليمنيون في صنعاء أمس (رويترز)

دخلت سلطنة عُمان مجددا على خط الوساطة في اليمن، لإقناع جماعة الحوثيين بالدخول في حوار سياسي مع خصومهم السياسيين. وتواترت الأنباء، أمس، عن وصول طائرة عُمانية إلى العاصمة صنعاء، يبدو أنها حصلت على إذن من التحالف الدولي، كانت تقل وفدا عمانيا، حيث التقى الوفد مسؤولين سياسيين تابعين لجماعة الحوثي، كما أقلت الطائرة قياديين حوثيين إلى مسقط.
وأعلن قيادي لدى جماعة أنصار الله الحوثية أن وفدا من الجماعة سيتوجه (أمس) إلى سلطنة عمان لمناقشة بعض القضايا المتعلقة باليمن. وقال المصدر، لوكالة الأنباء الألمانية (لم تذكر اسمه) إن وفدا يرأسه المتحدث الرسمي باسم جماعة «أنصار الله» الحوثية محمد عبد السلام، والقيادي لدى الجماعة علي القحوم، وصالح الصماد رئيس المجلس السياسي للجماعة، في طريقه إلى عُمان استجابة لدعوة وجهتها السلطنة لبحث سبل حل الأزمة والحرب الدائرة في اليمن. وأشار المصدر إلى أن مؤتمر جنيف، المزمع عقده نهاية الشهر الحالي، سيكون من ضمن القضايا التي سيتطرق إليها الوفد.
الوساطة العمانية تعيد الدور السياسي لمسقط، والذي تباطأت حركته بسبب انقلاب الأوضاع في اليمن بعد الهجوم الحوثي على عدن. وكانت السلطنة قد أبلغت الحوثيين بضرورة تجنب التصعيد العسكري قبيل اقتحامهم مدينة عدن التي كان يتحصن فيها الرئيس عبد ربه منصور هادي. وذكرت تقارير إعلامية، أمس، أن الوفد العماني الزائر لصنعاء التقى رئيس اللجنة الثورية العليا (الحوثية) محمد علي الحوثي. وتوقعت مصادر سياسية يمنية أن يجري الوفد الحوثي مباحثات في عمان مع قيادات إيرانية تقوم بزيارة سلطنة عمان بصورة غير معلنة.
على صعيد آخر، تتزايد حالة الرفض الشعبي وفي أوساط القوى والتكتلات السياسية لمؤتمر جنيف المزمع عقده أواخر الشهر الحالي، برعاية الأمم المتحدة، وذلك للوقوف أمام التطورات الراهنة. وأكدت كثير من القيادات السياسية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه إلى جانب رفض الحكومة اليمنية المشاركة في المؤتمر واعتذارها عن ذلك، فإن التطورات السياسية في الساحة اليمنية «تبين أنه لا جدوى من انعقاد هذا المؤتمر، في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون رفض تطبيق القرارات الأممية المتعلقة بتطبيع الأوضاع الأمنية والعسكرية والسياسية في البلاد»، فبنظر مختلف القوى السياسية اليمنية فإن الحوثيين «جماعة متمردة على الشرعية المحلية والدولية وتستخدم القوة والسلاح لتحقيق مطالب سياسية في الوصول إلى الحكم، بعيدًا عن أسلوب الانتخابات القانونية التي ارتضى اليمنيون ممارستها كأسلوب للوصول إلى كرسي الحكم، منذ أكثر من ربع قرن من الزمن».
وأعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، اعتذاره عن عدم المشاركة في مؤتمر جنيف، غير أن مصادر سياسية يمنية كشفت، لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاورات تدور حول المقاطعة الكاملة للمؤتمر، أو مشاركة نسبية وضئيلة ولا تخول الوفد المشارك عن الجانب الحكومي التوقيع أو الالتزام بأي شيء على الإطلاق. وتشير المصادر إلى أن الرأي الداعي للمقاطعة هو الأقوى في كل الأوساط.
وتشهد الساحة اليمنية المزيد من التطورات بخلاف تلك التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام، فقد كشفت مصادر سياسية وقبلية يمنية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن نطاق التحالفات السياسية والقبلية ضد الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في اتساع مطرد. وأشارت المعلومات إلى أن التحالفات تجري بين القوى القبلية وبالأخص في شمال وشرق البلاد. وقال مصدر قبلي رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «مهما كان التدثر الذي يتدثر به الحوثيون، فإن القبائل اليمنية من شرق البلاد إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، لن تقبل بأن تأتي حفنة من الأشخاص لحكمها». وأضاف المصدر أن «القبائل اليمنية قد ارتضت أن يمارس الجميع العمل السياسي، وأن يعمل الجميع تحت مظلة الأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى السلطة». وأردف أن «الحوثيين انتهجوا أسلوب القوة الذي لا يجدي مع القبائل اليمنية الأخرى التي لن تقبل بالوضع الراهن».
وقالت المصادر إن شخصيات قبلية بارزة من قبائل حاشد وبكيل ومن أسرة الأحمر، بصورة خاصة، إضافة إلى قيادات عسكرية بارزة، تشرف على إعداد معسكرات خاصة في إحدى المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية. وبين المعلومات التي كشفت عنها المصادر وجود عدد من القيادات العسكرية السابقة، التي خاضت حروبًا داخلية في السابق، من أجل التخطيط لحرب تسفر، في الأخير، عن تحرير العاصمة صنعاء وبقية المحافظات من هيمنة وسيطرة الميليشيات الحوثية.
وبحسب المعلومات فإن تلك المعسكرات تضم عسكريين من المسرّحين من أعمالهم عقب حرب صيف عام 1994، إضافة إلى متطوعين من الشباب الجنوبيين الذين التحقوا بالمعسكرات والمقاومة من عدد من بلدان دول الخليج العربي. وتشير المعلومات إلى أن هذه التحالفات تتوسع باتجاه الالتقاء مع القوات العسكرية والقبلية التي بدأت، قبل عدة أيام، التحضير لمعركة عسكرية لتحرير محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي. وقالت مصادر قبلية مطلعة في شرق اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن لدى القوى المناوئة لجماعة الحوثي والمؤيدة للشرعية «مشكلة بسيطة تكمن في عدم التنسيق الكامل والتحرك في ضوء هذا التنسيق لإسقاط صنم الحوثية». ودعا المصدر إلى تنسيق واسع بين القبائل في المنطقة التي تعرف جغرافيتها بشكل جيد ولديها خبرة في القتال مع مثل تلك الجماعات، إضافة إلى التنسيق الواسع مع قوات التحالف.
على الصعيد الميداني، نفذ طيران التحالف سلسلة من الغارات الجوية على عدد من المحافظات والمواقع التابعة للميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح. وقال شهود عيان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطيران كثف ضرباته، أمس، على منطقة حزيز في جنوب صنعاء. ويعتقد أن تلك المنطقة تحتوي على مواقع عسكرية تتبع قوات الحرس الجمهوري الموالي لنجل المخلوع، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري (سابقا). وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، استهدف طيران التحالف صنعاء بغارات غير مسبوقة استهدفت، بحسب الشهود «دار الرئاسة، وتلال النهدين ومقرات الحرس الجمهوري.



اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
TT
20

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

بالتزامن مع تدشين جماعة الحوثي حملات استقطاب واسعة لأطفال وشبان إلى معسكراتها الصيفية لهذا العام، عادت ظاهرة اختفاء المراهقين إلى الواجهة مجدداً في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط مخاوف حقوقية ومجتمعية من تصاعد الظاهرة واستخدامها غطاء لعمليات التجنيد القسري.

وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تسجيل ما لا يقل عن ثماني حالات اختفاء مفاجئة لأطفال وشبان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، في مدينة ذمار وعدد من المديريات المجاورة، دون أن تتمكّن أسرهم من معرفة مصيرهم أو الجهات التي تقف وراء اختفائهم.

ويرى ناشطون حقوقيون في محافظة ذمار أن تصاعد حالات الاختفاء خلال الفترة الأخيرة ليس أمراً عابراً، بل يمثّل مؤشراً خطيراً على عمليات تجنيد منظّم تمارسها الجماعة الحوثية بحق القاصرين، في إطار ما تسميه «المعسكرات الصيفية». وأكدوا أن العام الحالي شهد تصاعداً غير مسبوق في جرائم الخطف، معظم ضحاياها من الفتيان والمراهقين.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

وأشار الحقوقيون إلى أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذه المعسكرات إلى غسل أدمغة الأطفال والمراهقين بالأفكار المتطرفة وتلقينهم مفاهيم طائفية، تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال تحت شعارات دينية وسياسية، من بينها «نصرة فلسطين».

وقائع مؤلمة

من بين أحدث حالات الاختفاء التي وثّقتها مصادر محلية، اختطاف الطفل أكرم صالح الآنسي من وسط مدينة ذمار قبل يومين، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما شهدت المدينة حادثة اختفاء الطفل مهنأ حفظ الله (13 عاماً) في أثناء خروجه من منزله، دون أن تنجح أسرته حتى الآن في العثور عليه رغم عمليات البحث المكثفة.

وسُجلت أيضاً حالة اختفاء لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إلى جانب حادثة غامضة أخرى لاختفاء خمسة إخوة من أسرة واحدة، جميعهم دون سن البلوغ، في أثناء قضاء إجازة عيد الفطر في ضواحي المدينة.

وأكد شهود عيان أن الأطفال الخمسة: عبد الرزاق، وهايل، وهناء، وملايين، وجنى، اختفوا في الثالث من أبريل (نيسان) الحالي دون أي أثر، في حين لم تُسفر جهود الأسرة الذاتية عن أي نتيجة.

وتحدّث سكان لـ«الشرق الأوسط» عن تنامي الظاهرة، متهمين جماعة الحوثي باستخدام عمليات الاختفاء وسيلة للابتزاز السياسي والمجتمعي، وفرض واقع التجنيد بالقوة.

قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)
قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)

وقال أحد السكان، ويدعى خيري، إن المحافظة تحوّلت خلال الفترة الماضية إلى «ساحة مفتوحة» لخطف المراهقين، متهماً قادة الحوثيين بالوقوف خلف عمليات الاختفاء، خصوصاً بعد رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى المعسكرات.

وأضاف خيري أن الحوثيين يسعون لتحويل الأطفال إلى «دروع بشرية» أمام الضربات الأميركية، واستثمار ذلك لاحقاً في الخطاب السياسي والإنساني، مشيراً إلى أن عشرات الشبان اختطفوا من عدة مناطق بذمار وتمّ إخضاعهم للتعبئة الفكرية والعسكرية دون علم أو موافقة أسرهم.

وكان القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعيّن في منصب محافظ ذمار، قد دفع خلال الأعوام الماضية بمئات المجندين، معظمهم من الأطفال والمهمشين واللاجئين الأفارقة، إلى خطوط القتال عبر دوريات عسكرية تابعة للجماعة.

ويحذّر ناشطون من أن استمرار هذه السياسة يضع حياة آلاف الأطفال والشبان في خطر حقيقي، ويهدّد النسيج المجتمعي لمحافظة ذمار التي ترفض الغالبية العظمى من سكانها الزج بأبنائهم في حروب لا علاقة لهم بها.