«ديشوم».. قطعة من مومباي في لندن

النكهات والأسعار تنسيك طابور الانتظار

طابور طويل أمام مطعم ديشوم في كوفنت غاردن (تصوير: جيمس حنا)
طابور طويل أمام مطعم ديشوم في كوفنت غاردن (تصوير: جيمس حنا)
TT

«ديشوم».. قطعة من مومباي في لندن

طابور طويل أمام مطعم ديشوم في كوفنت غاردن (تصوير: جيمس حنا)
طابور طويل أمام مطعم ديشوم في كوفنت غاردن (تصوير: جيمس حنا)

يشكل المطبخ الهندي عصب المطبخ البريطاني لأنه جزء لا يتجزأ منه، ولطالما اعتبر البريطانيون بأن الكاري هو الطبق الأول في بريطانيا، ولا تزال المأكولات الهندية في مقدمة «التيك أواي» التي يتم توصيلها إلى المنازل، على الرغم من التقدم الملموس الذي شهدته بريطانيا عامة ولندن تحديدا بسبب الثورة الطعامية التي شهدتها العاصمة في العقد الماضي، إذ أصبحت تضم أكثر من 350 نوعا من المطابخ الإثنية بعدما كانت تنعى حظها كونها فقيرة في المطبخ وجارة فرنسا الأنجح في هذا المضمار.
وبما أن الطعام الهندي مهم جدا في لندن، فكان من الضروري خلق مفهوم جديد يتعدى الأنماط العادية والمألوفة في المطاعم الهندية في بريطانيا، وكان الجواب سلسلة مطاعم «ديشوم» Dishoom في كل من منطقة كوفنت غاردن وشورديتش وكينغز كروس، وكانت النتيجة مأكولات رائعة وأسعار تنافسية ونوعية طعام جيدة في أجواء أشبه بأجواء مقاهي مومباي القديمة.
وقع خيارنا على فرع «ديشوم» في كوفنت غاردن، وهنا أشدد على مسألة توقيت الزيارة، المطعم لا يقبل الحجوزات إذا كان العدد أقل من 6 أشخاص، لذا يتوجب عليك الانتظار في طابور طويل لمدة تصل إلى 20 دقيقة في بعض الأحيان، ولكن إدارة المطعم تتنبه لهذا الأمر فترى العاملين يقدمون المشروبات والعصائر مجانا للحشود في الخارج، ولهذا السبب أنصحك بزيارة المطعم بعد فترة الغداء مباشرة، أي فترة ما بعد الظهر لتتحاشى الانتظار في أوقات الذروة التي عادة ما تكون ما بين الساعة الواحدة والثالثة بعد الظهر، مع الإشارة إلى أن المطعم يفتح طيلة النهار ويقدم الفطور الهندي أيضا.

* النظرة الأولى
* عند دخولك إلى المطعم تتذكر تلك المقاهي القديمة في بلداننا العربية، ففي بيروت على سبيل المثال هناك «مقهى الزجاج» تذكرني كثيرا بديشوم، والسبب هو الأرضية التي يزينها البلاط المربع الأسود والأبيض وطاولات من الخشب الداكن وفوقها قطعة من الرخام الأبيض، إنارة تتدلى من السقف على حبال، والأجمل من هذا كله القطع الصغيرة التي تزين المكان بما فيها منتجات هندية قديمة، وهذا الديكور يمتد إلى الطابق السفلي، وفي المراحيض تجد خزانة وضع فيها كمية من العلب والمنتجات الهندية فتشعر وكأنه في منزل قديم. واللافت هو وجود عدد كبير من المرايا القديمة بمختلف الأشكال والأحجام على الجدران.
الديكور في «ديشوم» مقصود لأن يكون على هذا النحو لينقل مشهد المقاهي القديمة في مومباي التي بدأه الزردشتيون بعد قدومهم من بلاد فارس إلى الهند، وتلك المقاهي المعروفة بالهند باسم «إيراني كافيه» Irani Cafe تستقبل رجال الأعمال بربطات العنق، وسائقي سيارات الأجرة بهندام بسيط، وهذا يدل على أن المقهى مفتوح للجميع لتناول أفضل المأكولات بأسعار جيدة، وبما أننا ذكرنا الأسعار، فسعر الغداء لا يتعدى ثلاثين جنيها إسترلينيا (50 دولارا) للشخص الواحد.

* الطعام
* يشدد «ديشوم» على استخدام المنتجات الطازجة التي يتم جلبها من مزارع معروفة في بريطانيا، فالطاهي الرئيس في «ديشوم» يختار الأشخاص الذين يعمل معهم والمزارع التي يشتري منها البيض والأسماك واللحوم والخضار، وهذا ينعكس في الأطباق اللذيذة.

* تذوقنا..
* من الأطباق التي تذوقنا وكانت رائعة المذاق: الدال الأسود Black house Dahl وهو الطبق الأشهر في المطعم (Signature dish) وماسالا برون Masala Prawns وماهي تيكا Mahi Tikka بالإضافة إلى البرياني بالدجاج وKacchi Lamb ودجاج مع الرمان Chicken and Pomegranate. من دون أن ننسى خبز النان العادي وبالجبن أو بالثوم.
تتميز لائحة الطعام في مطعم «ديشوم» كونها غنية، ولكنها بنفس الوقت سهلة ويمكن فهمها دون الحاجة لطرح الأسئلة باستمرار، وإذا كنت بصحبة الأصدقاء، فهذا المكان مناسب جدا لمشاركة الطعام، لأن الأطباق صغيرة ويمكن مشاركتها على طريقة المازة العربية أو التاباس الإسبانية. العنوان:
12 Upper St. Martin’s Lane
WC2 H 9FB
0207 4209320



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.