الأردن يشيع العلامة والمؤرخ ناصر الدين الأسد

نال وسام الاستقلال وجائزة الدكتور طه حسين في اللغة العربية

الأردن يشيع العلامة والمؤرخ ناصر الدين الأسد
TT

الأردن يشيع العلامة والمؤرخ ناصر الدين الأسد

الأردن يشيع العلامة والمؤرخ ناصر الدين الأسد

شيّع الأردنيون بعد صلاة عصر أمس (الجمعة) العلامة والقامة الأدبية الرفيعة مؤسس الجامعة الأردنية وأول وزير للتعليم العالي الدكتور ناصر الدين الأسد الذي وافته المنية أول من أمس (الخميس) عن عمر ناهز 93 عامًا.
وأقيمت صلاة الجنازة من مسجد الجامعة الأردنية قبل أن ينقل جثمانه إلى مقبرة سحاب الإسلامية.
حضر الجنازة رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي، ورئيس الديوان الأسبق الدكتور خالد الكركي، وأمين عام الديوان الملكي يوسف العيسوي، ونائب رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة ووزراء ونواب سابقون، إضافة لطلبة من الجامعة الأردنية الذين تولوا تنظيم مراسم نقل الجثمان من مسجد الجامعة ودفنه في مقبرة سحاب الإسلامية.
وقد نعى رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، الفقيد الأسد، مستذكرا مناقب الفقيد والخدمات الجليلة التي قدمها لوطنه وأمته، حيث كان من الرواد الذين أسهموا في خدمة مسيرة التعليم العالي والحركة الثقافية.
وقال النسور إننا اليوم إذ ننعى شيخ العلماء الأسد فإننا نستذكر هذه القامة الشامخة التي تميزت بعلمها وثقافتها الواسعة وأخلاقها السمحة والإرث الحضاري الكبير الذي تركه للأجيال من بعده.
والأسد من مواليد العقبة عام 1923، ويحمل شهادة ليسانس في الآداب عام 1947، وماجستير في الآداب عام 1955، ودكتوراه في الآداب. وتبوأ مراكز ثقافية كثيرة في جامعة الدول العربية، وعين عميدا لكلية الآداب بالجامعة الليبية، ووكيلا للإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، وسفيرا للأردن في السعودية، ورئيسا للجامعة الأردنية خلال الفترة بين 1978 و1980، ووزيرا للتعليم العالي خلال الفترة بين 1985 و1989.
ونال الأسد وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، كما نال عدة جوائز منها: جائزة الدكتور طه حسين لأول الخريجين في قسم اللغة العربية في جامعة فؤاد الأول 1947، وجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1982، وجائزة سلطان العويس الثقافية في حقل الدراسات الأدبية والنقد عام 1994 / 1995، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من الأردن 2003.
والدكتور الأسد من أهم أعلام الفكر والأدب في العالم العربي، ومن أشهر الذين تصدوا للدكتور طه حسين ونقضه في نظريته (الانتحال في الشعر الجاهلي) ورد عليه حججه بأدلة. وهو واحد من المثقفين واسعي الثقافة الذين لم يقصروا اهتمامهم على تخصصهم الضيق بالأدب الجاهلي، بل كان نشاطه وتأليفه في الأدب العربي في عصوره المختلفة، بدءًا من الجاهلي وانتهاء بالحديث، إضافة إلى التحقيق، والبحوث اللغوية والدينية، وكان متميزًا في كل ما كتب، ورائدا في مجالاته.
والدكتور الأسد صاحبُ أوليات كثيرة. فهو أول أردني يظفر بدرجة الدكتوراه في الآداب من جامعة القاهرة. وأول أكاديمي أردني يعين عميدا لكلية آداب في جامعة عربية قيد التأسيس خارج الوطن (1959) وأول عميد لكلية الآداب في الجامعة الأردنية (1962) وأول رئيس للجامعة (1962 - 1968) وأول وزير تعليم عالٍ في الأردن وأول رئيس للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) وأول أردني يفوز بجائزة طه حسين (1947)، وجائزة الملك فيصل العالمية للآداب (1977)، وجائزة سلطان العويس للدراسات الأدبية والنقدية (1995).
والدكتور الأسد أديبٌ ناقدٌ، ذو حسٍّ نافذٍ، يستطيع به التمييز بين رديء الشعر، وجيّده، والأصيل والمُبتكر منه، والتقليدي الذي يجري شعراؤه على سَنَن الأولين، رغم أنه يعتمد معايير في نقده أقرب إلى القديم منها إلى الحديث.
وقد أجمع محبوه على أن اللغة العربية فقدت سادنا من سدنتها، وفقدت ساحات الثقافة والأدب في الوطن العربي شيخا من شيوخها الذي لا ننكر جميعا فضله. وهو آخر العنقود من صفوة الصفوة في تاريخ الأدب العربي المعاصر ولا يكافئ أسلوبه في الكتابة إلا أسلوبه في الكلام. وكانت الفصحى البليغة تجري على لسانه عفوًا دون تكلف، يزيد من جمالها وتأثيرها صوت جهوري فخم. فإذا أضيف إلى هذا كله قامة منتصبة وسمت مهيب وحضور قوي آسر، فقد اكتملت له آلة التأثير.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.