تساؤلات حول مكان اعتقال ومحاكمة أم سياف

خبراء: يتوقعون خضوعها للتحقيق أمام أعضاء لجنة استجواب المعتقلين ذوي الأهمية

تساؤلات حول مكان اعتقال ومحاكمة أم سياف
TT

تساؤلات حول مكان اعتقال ومحاكمة أم سياف

تساؤلات حول مكان اعتقال ومحاكمة أم سياف

لم تكشف الولايات المتحدة بعد عن نياتها بشأن أول معتقل بارز من تنظيم داعش يقع في قبضتها، بعد مرور يومين على أسر أم سياف في سوريا. وتم اعتقال السيدة، التي وصفتها الولايات المتحدة بأنها زوجة عضو تنظيم داعش أبو سياف، خلال غارة للقوات الخاصة يوم السبت وهي، وفقا للبيت الأبيض، محتجزة لدى الجيش الأميركي في العراق.
غير أن أسرها يثير جملة من التساؤلات الشائكة أمام إدارة أوباما، التي اعتقلت عددا قليلا من الإرهابيين، وحاكمت أولئك الذين اعتقلتهم أمام محاكم فيدرالية أميركية. ولم تقم القوات الأميركية، في عهد أوباما، بأي اعتقالات في ساحات المعارك خارج أفغانستان، وأغلق الجيش الأميركي المعتقلات التابعة له هناك وفي العراق. ولدى سؤاله عما ينتظر أم سياف، قال العقيد ستيف وارن، كبير المتحدثين المؤقت باسم البنتاغون: «ليس لدينا ما نصرح به بعد».
وبدأ المدافعون عن حقوق الإنسان، الذين يتذكرون الانتهاكات القانونية والبدنية في السجون الأميركية خلال فترات الحرب، في الضغط على إدارة أوباما لتوجيه الاتهام إلى أم سياف في محكمة فيدرالية أو إخلاء سبيلها. وقالت أندريا براسو من منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «إذا كان لدى الولايات المتحدة أدلة كافية حول انتهاك أم سياف للقانون الأميركي، فإن عليها توجيه الاتهام إليها، وعرضها فورا على قاضٍ، وتمكينها من الاتصال بمحامٍ، وتلقي العلاج الطبي. وإذا لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لتوجيه الاتهام لها، فيجب إطلاق سراحها». كما قالت إنه «بالنظر إلى الاستخدام واسع النطاق لوسائل التعذيب في السجون العراقية، لا ينبغي على الولايات المتحدة تسليمها (أم سياف) إلى السلطات العراقية، إذ إن ذلك يعد انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب». وقالت كارين غرينبرغ، مديرة برنامج الأمن الوطني في كلية الحقوق بجامعة «فوردهام»، إنها كانت تتوقع أن يسبق أي قرار باعتقال أم سياف استجواب مسؤولين أميركيين لها. ولم تؤكد إدارة أوباما يوم الاثنين ما إذا كانت أم سياف قد خضعت أو ستخضع للتحقيق من قبل مجموعة استجواب المعتقلين البارزين المكلفة باستجوابها، ولكن ذكر موقع «ديلي بيست» أن المجموعة تقوم باستجوابها.
وقالت غرينبرغ: «ما دامت الولايات المتحدة ستكون البلد الذي يحاكم الإرهابيين، سواء كانوا يمثلون تهديدات محددة للولايات المتحدة أم لا، فمن المنطقي مثولها أمام المحاكم الأميركية، وتقديم الأدلة إلى قاضٍ، وتوجيه اتهامات إليها». وأشارت غرينبرغ إلى أن التحقيقات التي تسبق توجيه الاتهامات للمشتبه في تورطهم بعمليات إرهابية، «لم تعطل القدرة على محاكمتهم». وصرح وارن يوم السبت لصحيفة الـ«غارديان» إن الإدارة لن تنقل أم سياف إلى معتقل غوانتانامو. وأفادت شبكة «سي إن إن» بأن أم سياف مواطنة عراقية، ولكن «هيومان رايتس ووتش» قد وثقت انتهاكات واسعة النطاق، وخصوصا بحق النساء، في سجون وزارتي الداخلية والدفاع، مما يجعل تسليم السجناء إلى السلطات مشكلة تتنافى مع التزامات الولايات المتحدة الدولية. ومن غير الواضح، بحسب الخبراء، ما إذا كان اتهام أحد المنتمين إلى تنظيم داعش يمثل أولوية بالنسبة إلى الإدارة أم لا. كذلك ليس من الواضح ما إذا كانت أم سياف قد ارتكبت بالفعل جريمة بموجب القانون الفيدرالي الأميركي أم لا.
وقال مسؤولو الأمن وإنفاذ القانون إن من المرجح استجواب أم سياف أمام أعضاء بمجموعة استجواب المعتقلين ذوي الأهمية العالية». وهي وحدة تأسست بعد أن ألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما برنامجا لمكافحة الإرهاب يتبع المخابرات المركزية الأميركية تعرض لانتقادات واسعة النطاق بسبب اللجوء إلى التعذيب». وقال مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن أبو سياف كان له بعض التعامل المباشر مع مولر ورهائن آخرين لكنهم قالوا إن دور زوجته كان محدودا. ولم يعلق ممثل عن عائلة مولر على الأمر.
في غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون إن زوجة أبو سياف - أحد كبار زعماء تنظيم «داعش» الذي قتل في غارة في مطلع الأسبوع - المعتقلة حاليا ستخضع للاستجواب بشأن ما تعرفه هي وزوجها عن معاملة الجماعة للرهائن. وقال مسؤولو الأمن وإنفاذ القانون في الولايات المتحدة إن واشنطن تعتقد أن أبو سياف ضالع في التعامل مع رهائن أجانب منهم عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر التي قتلت على يد تنظيم داعش في فبراير (شباط) الماضي. وقال البيت الأبيض يوم السبت الماضي إن أفرادا من الجيش الأميركي في العراق نفذوا غارة في شرق سوريا استهدفت اعتقال أبو سياف وزوجته المعروفة باسم أم سياف.
وأضاف أن القوات الأميركية اعتقلت أم سياف لكن أبو سياف قتل بعد «اشتباك مع القوات الأميركية».
وأخلت قوات خاصة أميركية سبيل امرأة يزيدية يعتقد أن أبو سياف وزوجته كانا «يستخدمانها كرقيق أبيض». وقال مسؤولون أميركيون ومصدر قريب من أسر الرهائن إنه ما زال من المعتقد أن مقاتلي «داعش» يحتجزون رهائن غربيين آخرين منهم الصحافي البريطاني جون كانتلي، لكن ليس هناك أي أميركيين بين الرهائن.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.