الرئيس اليمني: المؤتمر يكتسب أهمية استثنائية كبيرة بوصفه المحطة الأبرز بعد الانقلاب

انطلاق مؤتمر الرياض تحت شعار «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»

الرئيس اليمني والدكتور عبد اللطيف الزياني يقرآن الفاتحة على أرواح شهداء اليمن (واس)
الرئيس اليمني والدكتور عبد اللطيف الزياني يقرآن الفاتحة على أرواح شهداء اليمن (واس)
TT

الرئيس اليمني: المؤتمر يكتسب أهمية استثنائية كبيرة بوصفه المحطة الأبرز بعد الانقلاب

الرئيس اليمني والدكتور عبد اللطيف الزياني يقرآن الفاتحة على أرواح شهداء اليمن (واس)
الرئيس اليمني والدكتور عبد اللطيف الزياني يقرآن الفاتحة على أرواح شهداء اليمن (واس)

ثمّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مساندته ودعمه «اللامحدود للشعب اليمني» في كل المراحل ومختلف الظروف. وقال في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الرياض الذي انطلق أمس بعنوان «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»، الذي يستمر على مدى ثلاثة أيام، مخاطبًا خادم الحرمين الشريفين: «شكرًا كثيرًا على ما قدمتموه للشعب اليمني في كل المراحل ومختلف الظروف، شكرًا للاستجابة لدعوتنا وإتاحة الفرصة لانعقاد هذا المؤتمر في الرياض، شكرًا على ما تقدمونه من دعم إغاثي إنساني رائع، ليس بآخرها دعمكم السخي بمبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة، وكذلك تدشين مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، الذي سيكون له دور بارز في الإغاثة باليمن، فأنتم السند والعون».
وكانت فعاليات المؤتمر انطلقت أمس بقصر المؤتمرات للضيافة بالرياض، بحضور الرئيس اليمني هادي، ونائب الرئيس رئيس مجلس الوزراء خالد محفوظ بحاح، وعبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والسفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، ونحو 400 شخصية يمنية تمثل عددا من الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع اليمني والشباب ومشايخ القبائل والشخصيات الاجتماعية.
وأكد الرئيس اليمني أن المؤتمر المهم والاستثنائي «يأتي في ظل ظروف بالغة التعقيد والخطورة وفي ظل تحديات وصعوبات كبيرة تواجه شعبنا بعد أحداث مأساوية تعرض لها جراء الانقلاب الوحشي الهمجي لميليشيات الحوثي وصالح، الذي حصل في 21 من سبتمبر (أيلول) الماضي وما بعده، وما نتج عنه من احتلال للعاصمة صنعاء وقصف للقصر الرئاسي في عدن ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية مرات كثيرة، والسيطرة بقوة السلاح على مؤسسات الدولة المختلفة، ونهب معسكرات الدولة. ولم تكتفِ قوى الانقلاب بذلك بل راحت تعلن الحرب والتعبئة العامة على شعبنا اليمني العظيم في عدد من المحافظات والمدن، واجتاحت تلك الميليشيات الجنوب وحاضرته الأبرز مدينة عدن، وعاثت مسيرتهم الشيطانية خرابًا وتدميرًا في كل مدن وقرى يمننا الحبيب وبوحشية لا مثيل لها».
وأوضح أن انطلاق مؤتمر الرياض في هذه اللحظة التاريخية يكتسب أهمية استثنائية كبيرة بوصفه المحطة السياسية الأبرز بعد الانقلاب، وتقع علينا جميعًا مسؤولية تاريخية فارقة نظرًا للوضع الاستثنائي الذي يمر به الشعب اليمني العزيز، مؤكدًا أن المؤتمر هو مؤتمر لأبناء الشعب اليمني بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والاجتماعية، «ولا يمكن مطلقًا أن يتم استثناء أي طرف طالما كان أمن واستقرار اليمن هدفه، وبناء الدولة المدنية الاتحادية غايته، دون استعلاء أو ادعاء أو استقواء».
ووجه الرئيس اليمني رسالة إلى شعب بلاده قائلاً: «شعبنا اليمني العظيم الصابر والمناضل، الذي تحمل أعباء الحرب، وتعنت وصلف الميليشيات وحصارها الظالم، تلك الميليشيات التي صادرت حقه في الحياة الكريمة مثل بقية شعوب العالم، فاحتلت المدن والمؤسسات وقتلت المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، وضربت بالمدفعية الثقيلة التجمعات السكنية الآمنة، واستأثرت بمقدرات الدولة، ولم يسلم منها حتى النفط والغاز، بالإضافة لكل أسباب الحياة الأخرى، مستخدمة إياها وسيلة قذرة لإذلال أبناء شعبنا، ولا شك لدينا أن شعبًا يعيش كل هذه الظروف الصعبة بصبر وثبات وإيمان لهو شعب عظيم ومنتصر بإذن الله؛ فبطولاته النادرة ومقاومته الأسطورية في وجه تلك الميليشيات وحلفائها وأعوانها سيخلدها التاريخ بأحرف من نور».
وأضاف الرئيس اليمني لشعبه «أن الفرج سيكون قريبًا بإذن الله، وأن مصير الهمجية لم يكن يومًا غير مزبلة التاريخ، ستنتصر بلادنا، وسيعود وطننا بهيًا شامخًا عاليًا.وتطرق هادي إلى قضية الجنوب، مؤكدا: «أقول لأبناء الجنوب الأحرار ثقوا دائمًا بأننا لن نسمح مطلقًا بالالتفاف أو الانتقاص من عدالة القضية الجنوبية ومحوريتها، وأكرر ما قلته سابقًا في خطابي السابق لأبطال المقاومة في عدن وتعز والضالع ومأرب وأبين وشبوة والبيضاء، وفي كل قرانا ومدننا الثائرة: لله دركم أيها الأبطال الشجعان، وصبر جميل، فلا ولن تذهب تضحياتكم هدرًا».
ووجه الرئيس اليمني رسالة للعالم الحر أجمع قال فيها: «إلى كل أحرار العالم نقول إن الشعب اليمين كان يسير في مسار سياسي أنتجته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتوافقت كل الأطراف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبينما كنا نعرض مسودة الدستور لتتم مراجعتها لاستفتاء الشعب عليها ولاستكمال باقي الاستحقاقات السياسية للخروج بالوطن إلى رحاب الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبينما كان حبر مسودة الدستور لم يجف بعد، جاءت ميليشيات مسلحة متحالفة مع رموز النظام السابق، مسنودة بدعم خارجي، لتنفذ انقلابها، وليدمروا كل شيء، وليتركوا الوطن في طريق الخراب والعنف والفوضى، فمزقوا النسيج الاجتماعي ودمروا الاقتصاد الوطني، وانتهكوا أعراف السياسية، وعرضوا الأمن المحلي والإقليمي والدولي للخطر، وأجهضوا الانتقال السلمي للسلطة الذي اتفقنا عليه جميعًا في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
وطالب الرئيس اليمني المجتمعين في مؤتمر اليمن بـ«أن تكونوا على قدر المسؤولية التاريخية والاستثنائية لإنقاذ الوطن والمواطن، واستعادة الدولة ومؤسساتها وبناء اليمن الاتحادي الجديد الذي نحلم به جميعًا، القائم على العدل والمساواة والمستند للنظام والقانون، لا تضيعوا أوقاتكم هدرًا في نقاشات مفتوحة هامشية، وشعبكم يعاني الويلات والآلام».
وخاطب الرئيس اليمني قيادة التحالف العربي بقوله: «لقد مثل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن علامة فارقة على تعافي الجسد العربي، في تلبية نداء اليمنيين، لإنقاذهم من حالة الفوضى، والخراب التي أنتجتها الأيادي المتسللة لمنطقتنا، تعبث بالأمن والاستقرار، وأنا هنا بالنيابة عن الشعب اليمني، أتقدم بالشكر والتقدير، للاستجابة العاجلة والسريعة، بالحزم والأمل، لإنقاذ وطننا الحبيب من تغول عصابات باعت ضميرها الوطني بلا مقابل، سوى المنافع الخاصة، على حساب الوطن، والعروبة والثقافة، والجوار، ومن الضرورة بمكان العمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم، وإعادة الأمل وضمان انسحاب الميليشيات من المدن التي احتلتها، وعدم السماح لتلك الميليشيات باستغلال الهدنة لمزيد من التمدد وقتل المدنيين».
وتوجه الرئيس هادي برسالة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالعمل على «مراقبة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر تحت الفصل السابع، وأن تضطلع بدورها في حماية أبناء الشعب اليمني، ونرحب بأي جهود دولية تدفع نحو التنفيذ الكامل دون انتقائية لبنود القرار الأممي الأخير، وتلتزم بالمرجعيات الواردة فيه، والمتمثلة في الاعتراف بالشرعية الدستورية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبمخرجات الحوار الوطني الشامل، بالإضافة لما يخرج به مؤتمرنا هذا كأساسي لأي نقاشات ووفقًا لضمانات واضحة ومحددة تمنع الالتفاف أو التأخير المتعمد».
وكان رئيس الهيئة الاستشارية للمؤتمر عبد العزيز الجباري ألقى كلمة بين فيها أن انعقاد المؤتمر يأتي للتأكيد على دعم الشرعية ورفض الانقلاب والتمسك بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأوضح الجباري أن الهيئة الاستشارية للمؤتمر عقدت اجتماعات متواصلة منذ النصف الأخير من شهر مارس (آذار) الماضي لتدارس أوضاع اليمن والتحضير لمؤتمر الرياض بصورة دقيقة تهدف إلى جعل المؤتمر محطة فاصلة في تاريخ اليمن المعاصر، وتجعل منه نقطة انطلاق جديدة، ليس فقط لإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية، بل لوضع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قيد التنفيذ والتوجه نحو بناء الدولة اليمنية الاتحادية المعاصرة، مشيرًا إلى أن القرار الدولي 2216 جاء داعمًا ومساندًا لعقد مؤتمر الرياض الذي ستعد مقرراته وإعلانه مع القرار 2216 سقفًا لأي مفاوضات قادمة تتم برعاية دولية.
ودعا رئيس الهيئة الاستشارية للمؤتمر أبناء اليمن إلى جعل مؤتمر الرياض مؤتمرا تاريخيا توافقيًا تصالحيًا يبرز للعالم من خلاله الوجه المشرق للشعب اليمني الذي ينشد السلام والأمن والاستقرار، ويرغب في أن يعيش حياة كريمة هادئة يسودها العدل والحرية والرخاء.
وجدد رئيس الهيئة الجباري، في ختام كلمته، الثقة في أن مؤتمر الرياض سيكلل بالنجاح وسيخرج بالنتائج المرجوة منه في دعم مسيرة السلام والحوار القائمة على أساس الشرعية الدستورية والتوافق باتجاه استكمال تنفيذ ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية وفقًا للمبادرة الخليجية المدعومة من المجتمع الدولي.
بدوره، ألقى الدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون، كلمة حيا فيها الشعب اليمني على إصراره على تغليب الحكمة واختيار الحوار طريقًا لتحقيق الأهداف والغايات التي يتطلع إليها.
وأعرب الزياني عن تقديره للرئيس هادي لمبادرته بالدعوة إلى عقد المؤتمر في الرياض تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون وبمشاركة مختلف الأطراف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره.
وأكد أن انعقاد هذا المؤتمر التاريخي في مدينة الرياض دليل واضح على المساندة المتواصلة التي تقدمها دول مجلس التعاون لليمن منذ بداية الأزمة في فبراير (شباط) 2011 وحتى هذه اللحظة، والدعم المستمر الذي قدمته وما زالت حتى ينطلق اليمن لتحقيق أمنه واستقراره، وينعم بالنماء والازدهار، ابتداءً من إعداد وتبني المبادرة الخليجية وحشد تأييد المجتمع الدولي لدعم العملية السياسية السلمية وتنظيم مؤتمرات أصدقاء اليمن لدعم الاقتصادي والمسيرة التنموية. وأضاف: «كان المجتمع الدولي يتابع العملية السياسية في اليمن باهتمام وإعجاب، ووقف داعمًا لنتائجها ومخرجاتها، إلا أن انقلاب القوى المناوئة للشرعية عطل العملية السلمية الانتقالية وأخذ الحل السياسي إلى منحى آخر عنوانه القتل والدمار والخراب، وجاءت عاصفة الحزم استجابة لطلب الرئيس وردًا حاسمًا على أطماع القوى المناوئة للشرعية ومن يساندها من الخارج». وتابع: «لقد اختارت قوى الشر أن تعبث بأمن اليمن واستقراره، وتتخذ اليمن منطلقًا لتهديد أشقائها من دول مجلس التعاون، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية، ولقد حقق التحالف العربي الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية إنجازا كبيرا بحمد الله، فأوقف زحف تلك القوى لاحتلال المحافظات اليمنية كافة، ودمر ترسانتهم العسكرية بما تحتوي عليه من صواريخ باليستية وجهت لأقرب جيران اليمن؛ المملكة العربية السعودية، وأحكم التحالف الطوق برًا وبحرًا وجوًا لمنع تزويدهم بأسلحة جديدة».
وأكد الأمين العام لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عزم وتصميم دول المجلس على مواصلة جهودها لاستكمال ما تم إنجازه من خطوات جادة نحو تعزيز التكامل والشراكة بين منظومة مجلس التعاون واليمن ودعم جهود التنمية فيها، واستكمال العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، مع متابعة التنفيذ الدقيق والكامل لقرار المجلس رقم 2216 الذي برهن صدوره على وحدة موقف المجتمع الدولي ودعمه لأمن واستقرار اليمن، وأثبت نجاح الدبلوماسية الخليجية والعربية في تحقيق إجماع دولي نصرة لليمن وشعبه العزيز.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن الشكر والتقدير لحكومة المملكة العربية السعودية برئاسة خادم الحرمين الشريفين على استضافتها لأعمال المؤتمر.
فيما ألقيت كلمة الدول الداعمة للمرحلة الانتقالية، التي ألقاها السفير البريطاني لدى اليمن أدموند فيتن، مؤكدًا أن الالتزام بمخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن من شأنه الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، حاثًا جميع الأطراف على العمل مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بنيات حسنة لإكمال عملية المرحلة الانتقالية السياسية التي تلبي تطلعات الشعب اليمني.
وقال: «إننا نرفض بشدة استخدام العنف وندين الأعمال الأحادية كافة التي تقوض المرحلة الانتقالية السياسية»، معربًا عن قلقه بشأن الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، مؤكدًا أن مجموعة السفراء الـ14 ترحب باستجابة المملكة العربية السعودية لنداء الأمم المتحدة لإغاثة اليمن والبدء بالتوقف الإنساني لإطلاق النار.
ودعا السفير البريطاني جميع الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار والعمل على تمديده، مشيرًا إلى أن المجموعة تؤكد الحاجة إلى منظومات التفتيش الجوي والبحري للعمل بكفاءة كما هو مذكور بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وذلك للسماح بالحركة القانونية للسفن وللطائرات الضرورية حتى لا تتم إعاقة المساعدات العاجلة للشعب اليمني.
وأشار إلى تقديم الدعم الكامل للجنة الدولية للهلال الأحمر ومكتب التنسيق للشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ولجان الهلال الأحمر الخليجي لمساعدة اليمنيين المحتاجين، مؤكدًا أهمية العمل الجماعي للمجتمع الدولي لمنع تقديم الأسلحة لأطراف يمنية محددة أو لمن ينتهك قرار مجلس الأمن.
أعرب أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن تمنياته أن يسهم مؤتمر الرياض بإعطاء دفعة كبيرة لاسترجاع الشرعية اليمنية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني المبني والمؤسس على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، مشيرًا إلى أن المجتمعين يسعون إلى الخروج لحل جميع القضايا العالقة في اليمن، وإيصال اليمن إلى بر الأمان، من خلال عمل خارطة الطريق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».