{الشرق الأوسط} في مهرجان «كان» السينمائي (5): ماثيو ماكونوهي: «الأدوار التي أحبها تجعلني أفكر فيها قبل الفيلم وبعده»

فيلم «بحر من الأشجار» أخفق في الرسو بمركبته عند الساحل

لقطة من «بحر من الأشجار» وفي الاطار ماثيو ماكونوهي
لقطة من «بحر من الأشجار» وفي الاطار ماثيو ماكونوهي
TT

{الشرق الأوسط} في مهرجان «كان» السينمائي (5): ماثيو ماكونوهي: «الأدوار التي أحبها تجعلني أفكر فيها قبل الفيلم وبعده»

لقطة من «بحر من الأشجار» وفي الاطار ماثيو ماكونوهي
لقطة من «بحر من الأشجار» وفي الاطار ماثيو ماكونوهي

خسر يوم أمس (الجمعة) فيلم غس فان سانت في دقائقه الأخيرة ما كان كسبه طوال مدّة عرضه السابقة لتلك الدقائق. مشهدًا وراء آخر، أخفق «بحر من الأشجار» في الرسو بمركبته عند الساحل وغاص قبل وصوله بقليل في البحر الذي ابتدعه.
إنها حكاية من المخرج الأميركي المرموق من كتابة لكريس سبارلينغ وبطولة ماثيو ماكوهوني وكن واتانابي مع دور مساند لناوومي ووتس. وحكايات فان سانت تدور، عمومًا، حول شخصيات غير مستقرة في ذواتها تتعرف على أخرى بدورها تعايش وضعًا مشابهًا لكنها تكتنز خبرة أعلى في الحياة تجعلها قادرة على التوجيه حتى مع افتقارها للكمال بدورها.
هي أيضا حكايات رجالية. وهنا يتقدّم الفيلم في مطلعه ببطله آرثر (ماكونوهي) مباشرة إلى صلب الموضوع: يترك سيارته والمفتاح فيها في ساحة مطار أميركي. يؤم مكتب شركة الطيران. يمر عبر أجهزة الأمن (في لحظات يبدي المخرج نقده لها ووضعها كشر لا بد منه) ثم ها هو في الطائرة المتوجهة إلى طوكيو. حين وصوله يأخذ تاكسي إلى الغابة الشاسعة التي تقع عند سفوح جبل فوجي. يدخل الغابة ليضيع ويموت فيها بعدما تعرّف عليها بواسطة الإنترنت. بعد ساعات يرى رجلاً تائهًا فيها مثله اسمه تاكومي (واتانابي)، لكن هذا دخل الغابة قبل يومين للغاية نفسها لكنه بات يريد الحياة وكلاهما يشترك في رحلة البحث عن مخرج من بحر الأشجار بعدما عدل الأميركي عن قراره. الصعوبات كثيرة والطبيعة الهادئة حينًا تنقلب هادرة عندما تمطر وتثور في أحيان أخرى.
كل ذلك يتقاطع عدة مرّات من مشاهد عائلية قُصد بها إيضاح السبب الذي من أجله كان آرثر قرر الانتحار: بعد علاقة متردية مع زوجته جوان (ووتس) ملؤها عدم رضا كل منهما عن الآخر، يكتشفان احتمال إصابتها بالسرطان. فترة علاجها في المستشفى تدمل الجروح العاطفية من جديد. لكن في اليوم الذي يعلن الطبيب لهما أنها ستعيش، يقع حادث صدام لسيارة الإسعاف التي تقلها وتموت.
هذا التقاطع بين الحدثين ليس جديدًا بالطبع، لكنه يدفع المخرج صوب معالجة تقليدية تأخذ نصيبها من الأحداث الأهم التي تقع (أو المفترض بها أن تقع) في الغابة. لو كان الفيلم كلّه يدور هناك مع أحداث ومفارقات أخرى لنجحت معالجته على نحو أفضل. رغم ذلك يبقى مثيرًا للاهتمام وعملا فوق المتوسط ولو قليلاً.
ما يحدث بعد ذلك أن المخرج ينهي الفيلم بإنقاذ حياة بطله، ثم بإصراره على العودة إلى حيث ترك صديقه الياباني ليكتشف أن ذلك الصديق لم يكن سوى روح أو فكرة. عوض أن ينهي المخرج فيلمه بمشهد التحليق فوق تلك الغابة (الفعلية والروحانية) الذي يعمد إليه. يستمر. ينتقل ببطله إلى أميركا. يفتح قوسين ويكمل الحكاية بما لا تحتاجه. يضع بطله في مشاهد يرتفع فيها الحس الرومانسي المصطنع ثم تعود الكاميرا للتحليق فوق تلك الغابة وقد نسف الفيلم ما تبقّى له من إنجازات فكرية وتأملية لمجرد استطراده غير المبرر للمفاد الذي رغبه.
ماثيو ماكوهوني خلال كل ذلك، يقدّم عرضًا غير مثقوب بأي ضعف. يلعب الشخصية فاهمًا المطلوب منه ومنها. والفيلم يتركه لقدر من التنويع: من مشاهد يعمد فيها إلى التعبير الصامت، إلى أخرى من الخوف والألم. يبقى في مرمى العين طوال الوقت. وجوده هو ما يمنح الفيلم أحد أسبابه القليلة للإعجاب. يقول في حديثنا مساء أول من أمس ردًّا على سؤال أول حول كيف قرر تمثيل الدور:
«قصدت أن أمنح آرثر الفرصة للتعبير عن رغبته في العودة عن قراره بالانتحار، وحب الحياة مرّة أخرى. وكنت وغس (فان سانت) متفقين على أن الوسيلة إلى ذلك لا يمكن توفيرها إلا بتجسيد اللحظات على هذا النحو. توفير ما يعتمل في الداخل على نحو لا يحتاج إلى كثير من الإيضاح».
* بعد خروجه من الغابة يعود إليها وهذه المرة ليجد شيئًا وليس ليفقد حياته..
- تمامًا. المرّة الأولى لأنه اعتبر أنه لم يعد لديه ما يعيش لأجله. ما إن عاد الحب إلى حياته الزوجية حتى خسر زوجته. الرجل الذي يلتقي به في الغابة يبدو حقيقيًا لكنه قد لا يكون كذلك. أتعرف ما أقصد؟ قد يكون الروح التي أرشدته إلى قيمة حياته وهو لم يعرف ذلك إلا عندما عاد إلى المكان الذي ترك فيه صديقه.
* هل من السهل تمثيل دور تتفاعل فيه العاطفة داخليًا على هذا النحو؟
- ليست المسألة، في رأيي، إذا ما كان ذلك سهلا أو صعبا. أعتقد أن كل ممثل يستطيع أن يؤدي هذا الدور على نحو مختلف، لكن المخرج هو من يستطيع تقريب الممثل إلى الصورة التي يريده عليها. هنا قد لا ينجح بعض الممثلين في توفير شروط تلك الصورة الشخصية التي يريدها المخرج.
* من وجد الآخر أنت أم الفيلم؟
‫ - أنا دائمًا ما أبحث عن الجديد بالنسبة لي وأرى نفسي مقبلاً على تحديات في عملي. لا أحاول أن أبتعد عن مشاريع ذات نمط هوليوودي، لكن رغبتي هي التعامل مع مخرجين فنانين مثل غس فان سانت (مخرج «بحر من الأشجار»). بذلك تستطيع أن تقول إن كلا منا وجد الآخر. عندما اتصل بي غس لم أتأخر.‬
* أنت فوق بساط الريح هذه الأيام ومنذ نجاح «دالاس بايرز كلوب» في العام الماضي.. الكل يطلبك. هل تشعر بأن «دالاس بايرز كلوب» كان نقطة فاصلة بين أفلامك السابقة وما تلاه؟
- هو أيضا فيلم من تلك التي أبحث عنها وكنت محظوظًا عندما وجدته. نعم هو فيلم مهم بين أعمالي لكن سعيي لتقديم ما أرضى عنه فنيًا بدأ قبل ذلك. لم تسعفني كل اختياراتي السابقة ربما، لكن أعتقد أني أوافقك بالنسبة لهذا المنعطف.
* ما الذي تبحث عنه في الدور الذي يعرض عليك؟ أقصد في ذلك السيناريو عندما يُرسل إليك لتقرأه؟
- يختلف الأمر من سيناريو إلى آخر، لكن الشخصيات التي تشدّني، في أفلامي أو في الأفلام التي يمثلها غيري، هي تلك التي تجعلني أفكر في حياتها قبل الفيلم وبعده. هل يبدو ذلك غريبًا؟ أيضا بالنسبة إلي أريد أن أشعر بعد قراءتي للسيناريو بأني أعرف هذا الشخص. أو أنني أستطيع أن أعرف هذا الشخص أفضل عندما أبدأ تحضيراتي له.
* ماذا لو كان الفيلم مشروعًا كبيرًا إنما لا يستند إلى الشخصية بل إلى الموضوع والحبكة وباقي شروط الإنتاج.
- علي أن أصارحك. إذا كان هناك فيلم جيّد في هذه النواحي تجدني مستعدا طالما أن تفسيري للدور الذي سأقوم به مقبول. أقصد أن أي فيلم لن يكون جيّدًا بالفعل إلا إذا كانت الشخصيات التي فيه مكتوبة جيّدًا، بصرف النظر عن حجم الفيلم ونوعه.
* «بين النجوم» كان فيلمًا كبيرًا..
- تمامًا. هذا ما أقصده. لا تناقض بين حجم الفيلم والعناية بالشخصيات التي فيه. كريستوفر نولان ليس مذهولاً بسينما الخيال العلمي فقط، بل يريد أعمالاً مميزة في هذا النوع ويصرف الكثير من الوقت في تقديم شخصيات مقنعة. عندما تسلمت العرض منه وقرأت السيناريو قلت لنفسي: «واو.. هذا فيلم جيد يبحث في مستقبل البشرية على نحو لم أشاهده كثيرًا من قبل».
* لم أرك في فيلم عاطفي منذ سنوات بعيدة.. ليس هذا نقدًا لكنك دائمًا في أدوار درامية تتطلب أبعد من العاطفة. هل توافق؟
- نعم ولو أنني لا أستطيع أن أنظر إلى مهنتي على أساس نمط الأفلام التي أمثلها. هل تذكر أحد أفلامي الأولى قبل عشرين سنة؟ كان «دائخ ومحتار» (Dazed and Confused) لريتشارد لينكلاتر.. كان ذلك نوعًا من الأفلام العاطفية لكن من كان يدري ما هي الوجهات التي سأقوم بها بعد ذلك؟
* كان أيضا فيلمًا مستقلاً.. مثلت منها عددًا كبيرًا حتى الآن..
- صحيح، لكني سأصر على أنني أنظر إلى الشخصية أولاً. أريد أن أكتشفها وأختبرها إذا ما أثارتني. هذا هو الشرط الأول.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.