أجرى حزب الوفد، أعرق الأحزاب الليبرالية في مصر، أمس انتخابات الهيئة العليا وسط انقسامات استدعت تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لرأب الصدع بين قادته. وبينما احتفل رئيس الحزب السيد البدوي وأنصاره بما اعتبروه نجاحا للجمعية العمومية، قاطع «تيار الإصلاح» بقيادة فؤاد بدراوي أعمال الجمعية العمومية، وانتقدوا ما وصفوه بـ«المخالفات» التي شابت العملية الانتخابية. وتبدو خلافات داخل الحزب مؤجلة لحين التوصل لتسوية. وقال قيادي في الحزب لـ«الشرق الأوسط» إن فرقاء الحزب سيجتمعون اليوم لوضع تصور للخروج من الأزمة.
ويعد حزب الوفد الجديد امتدادا لحزب الوفد الذي أسسه الزعيم التاريخي سعد زغلول، للتفاوض باسم بلاده مع الحكومة البريطانية مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، حول جلاء القوات الإنجليزية التي كانت تحتل مصر. وحظي الوفد وقادته بشعبية جارفة منذ تشكيله لأول حكوماته أوائل عشرينات القرن الماضي وحتى قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952.
وتنافس في انتخابات الهيئة العليا لحزب الوفد 77 مرشحا على 50 مقعدا منتخبا للهيئة العليا، بينما تنافس 11 مرشحا على 5 مقاعد لسكرتارية الهيئة الوفدية. وتضم الجمعية العمومية للحزب 3933 عضوا.
وخلال الأسابيع الماضية تفاقمت الأزمة الداخلية بين رئيس الحزب وأنصاره من جهة، و«تيار الإصلاح» من جهة ثانية، وعرفت تلك الخلافات طريقها لساحة القضاء، لكن الرئيس السيسي سعى قبل أيام لاحتواء الأزمة والتقى قادة الطرفين.
وقال عصام شيحة، القيادي في تيار الإصلاح لـ«الشرق الأوسط» أمس: «اتخذنا قرارنا بمقاطعة أعمال الجمعية العمومية للحزب، لكننا لم نلجأ للتصعيد استجابة للرئيس السيسي الذي حرص على عدم الإساءة للتجربة الحزبية ودعم العمل السياسي، ونحن ملتزمون بما تم التوافق عليه في لقاء الرئيس».
وشارك شيحة، وهو المستشار القانوني للوفد، في اجتماع الرئيس إلى جانب بداروي ممثلين عن تيار الإصلاح، الأربعاء الماضي.
وأوضح شيحة أنه خلال اللقاء تم التوافق على أن تكون مدة الهيئة العليا التي انتخبت أمس عاما واحدا، يجري خلاله إجراء تعديلات على لائحة الحزب، كما تم التوافق على أن يعين 10 من تيار الإصلاح في الهيئة العليا للحزب.
وتعكس الخلافات بين قادة الوفد أزمة الأحزاب السياسية في مصر إلى حد بعيد. وتعد الانقسامات أحد الأمراض المزمنة في التجربة الحزبية في البلاد بحسب توصيف عدد من المراقبين.
وقال بدراوي، وهو سكرتير عام حزب الوفد السابق، إن «إجراءات الجمعية العمومية للحزب تمت بالمخالفة لكل القواعد القانونية واللائحة الداخلية للحزب»، لكن ياسر حسان عضو الهيئة العليا للوفد قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أعمال الجمعية العمومية (التي جرت أمس) تاريخية بكل المقاييس، فهي الكبرى في تاريخ الحزب العريق».
وتحفظ حسان على توصيف مقاطعي أعمال الجمعية بـ«تيار الإصلاح»، قائلا: «إنهم لا يمثلون تيارا داخل الحزب فهم عدديا أقل بكثير من أن يوصفوا بالتيار، كما أتحفظ على وصفهم بالإصلاحيين».
وقررت الجمعية العمومية لحزب الوفد، أمس، تجديد الثقة في السيد البدوي رئيسا للحزب.
وفي غضون ذلك، عقد ممثلو تيار الإصلاح بحزب الوفد بالمحافظات، لقاء تنظيميا، في القاهرة انتهى إلى مجموعة من التوصيات في إطار تفعيل مبادرة الرئيس السيسي، وشملت التوصيات، بحسب بيان للتيار، «وضع مشروع لائحة داخلية ديمقراطية جديدة تلتزم بالانتخاب آلية لتنظيم الهيكل التنظيمي والجمعية العمومية للحزب، وإلغاء كل ما يتعلق بالتعيين في التشكيلات الحزبية، على أن ينجز مشروع الاقتراح خلال أسبوعين، ثم يعرض للحوار على الوفديين في المحافظات، وعودة جميع الوفديين الذين تعرضوا للإقصاء خلال السنوات الماضية».
وقال شيحة لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء سيجمع بين قادة من تيار الإصلاح وبهاء أبو شقة سكرتير عام حزب الوفد، مساعد رئيس الحزب للتوافق على خريطة للخروج من الأزمة».
وأوصى اجتماع تيار الإصلاح أمس بتفويض بدراوي وشيحة لوضع جدول زمني مع المستشار أبو شقة، لتنفيذ ما أسفر عنه لقاء الرئيس السيسي من مقترحات، بجانب مجموعة من القواعد المنظمة لعمل التيار خلال الفترة المقبلة وحتى انتهاء الأزمة.
وقال البدوي، رئيس حزب الوفد، في تصريحات أمس: «الانتخابات تمت دون معوقات أو مخالفات، وأي حديث غير هذا مجرد ادعاءات وخروج عن وحدة الصف الوفدي، ولا يوجد تيار إصلاحي داخل الحزب، والوفديون ينتخبون بإراداتهم الحرة، دون منع أو إجبار أو ضغوط من رئيس الحزب».
وتابع البدوي أن «ما حدث في الفترة الأخيرة من اجتماعات لعدد من المفصولين من الحزب لسحب الثقة من رئيس الحزب أمر غير قانوني، قرار رحيلي أو سحب الثقة من رئيس الحزب ليس قرار مجموعة أو غيره، ولكن لا بد أن يتم من الهيئة الوفدية».
ويأمل حزب الوفد حصد أكثرية مقاعد الانتخابات البرلمانية المرجح أن تجرى في سبتمبر (أيلول) المقبل. وحاز الوفد ثالث أكبر كتلة برلمانية في الانتخابات التي جرت عام 2012.
وشارك الوفد في جبهة الإنقاذ الوطني التي تشكلت في أعقاب إصدار الرئيس الأسبق محمد مرسي إعلانا دستوريا منحه سلطات واسعة، كما أيد الحزب بقوة خريطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع القوى السياسية عقب عزل مرسي.
{الوفد} ينتخب هيئته العليا وسط انقسامات وخلافات مؤجلة
فرقاء أعرق الأحزاب المصرية يتجاوبون مع دعوة السيسي للتهدئة.. ويبدأون اليوم أول اجتماعات حل الأزمة
{الوفد} ينتخب هيئته العليا وسط انقسامات وخلافات مؤجلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة