رئيس الوزراء المصري لـ {الشرق الأوسط} : قمة كامب ديفيد تثبت أن أمن الخليج يهم العالم كله

إبراهيم محلب قال إن بين مصر والسعودية علاقات «استراتيجية ومصيرية».. والحلول في ليبيا لا يمكن أن تكون على حساب الشرعية

إبراهيم محلب خلال لقائه نظيره الفرنسي مانويل فالس في باريس أمس (أ.ف.ب)
إبراهيم محلب خلال لقائه نظيره الفرنسي مانويل فالس في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء المصري لـ {الشرق الأوسط} : قمة كامب ديفيد تثبت أن أمن الخليج يهم العالم كله

إبراهيم محلب خلال لقائه نظيره الفرنسي مانويل فالس في باريس أمس (أ.ف.ب)
إبراهيم محلب خلال لقائه نظيره الفرنسي مانويل فالس في باريس أمس (أ.ف.ب)

وصف رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر بأنها «استراتيجية ومصيرية»، نافيا وجود أي جفاء بين البلدين.
وقال محلب في حديث مطول خص به «الشرق الأوسط» بمناسبة زيارة الأيام الثلاثة التي قام بها إلى باريس إن هذه العلاقات «لا تمس ولن يستطيع أحد المس بها»، مضيفا أن السعودية «لم تتخل عن مصر ومصر لن تتخلى عن السعودية». وبحسب رئيس الوزراء المصري، فإن العلاقات بين البلدين «أكثر من ممتازة». ولقيت زيارة محلب إلى باريس اهتماما ملحوظا من قبل السلطات الفرنسية التي حضرت له برنامجا حافلا تضمن لقاءين مهمين أمس مع رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند ومع نظيره مانويل فالس. ونوه فالس بدور مصر في محاربة الإرهاب وتوفير الاستقرار كما أشاد بدور الأزهر في نشر رسالة الإسلام المعتدل.
وقال محلب لـ«الشرق الأوسط» إن مصر وفرنسا يرغبان في التعاون في كل المجالات بما في ذلك النووي السلمي حيث تسعى القاهرة للحصول على أول مفاعل من هذا النوع من أجل أغراض إنتاج الطاقة الكهربائية. وفي الملف الليبي، نبه المهندس إبراهيم محلب على أن أي قرار أوروبي أو دولي أو اقتراح حلول «لا يمكن أن يكون على حساب الشرعية في ليبيا» الممثلة، كما أكد، بحكومة عبد الله الثني في طبرق وبالبرلمان الذي يدعمها. وأشار محلب إلى أن ما يهم مصر بالدرجة الأولى هو «حماية حدودها» الممتدة إلى 1200 كلم، معتبرا أن أي تدخل عسكري في ليبيا «لن يكون مقبولا إلا تحت غطاء شرعي». أما بالنسبة لـ«الرسالة» التي تعكسها قمة كامب ديفيد بين الرئيس الأميركي والمسؤولين الخليجيين فهي التأكيد على أن «أمن الخليج يهم العالم كله» وبالنسبة للقاهرة فإنها ترى أن أمنها وأمن الخليج واحد. وبالنسبة للوضع الأمني في مصر واستمرار الأعمال الإرهابية، رأى محلب أن القضاء على الإرهاب سيستغرق وقتا خصوصا الإرهاب الذي سماه فرديا. وفي أي حال، فقد أشار إلى أن «المواجهة الأمنية» ليست الوحيدة ويتعين أن يردفها العمل من أجل التنمية وتوفير فرص عمل للشباب ومقارعة الفكر المتطرف حيث إن المادة الخام للإرهاب هي الجهل والظلم. وفي ما يلي نص الحديث:
* إلى أين وصلت اليوم العلاقات المصرية - السعودية؟ وكيف يمكن توصيفها؟ وما هي آفاقها المستقبلية؟
- العلاقات المصرية - السعودية أثبتت أنها علاقات مصيرية واستراتيجية. ليس هناك مصري واحد يمكن أن ينسى قول المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) إن «مصر خرجت من النفق المظلم» أو أن ينسى المساندة الرائعة لمصر التي وفرها خادم الحرمين والمستمر فيها الملك سلمان. العلاقات مع إخوتنا في السعودية أكثر من ممتازة، والشعب السعودي نعتبره جزءا من الشعب المصري. ولا يمكن أن ننسى أن قرابة مليوني مصري يعيشون ويعملون في السعودية ولدينا ما بين 700 و800 ألف أسرة سعودية تعيش في مصر. إذن العلاقات بيننا لا تمس ولن يستطيع أحد المس بها؛ لأنها علاقة مصير وعلاقة نسب ودم والشعب المصري يحمل الجميل للسعودية ومواقفها المساندة جميعا. المملكة السعودية لم تتخل عن مصر ومصر لن تتخلى عن السعودية قيد أنملة.
* وما تقوله لمن يدعي وجود «جفاء» بين القاهرة والرياض؟
- أقول له راجع موقفك والتزم الحقيقة؛ لأن الحقيقة تظهر أن هذا الكلام غير صحيح، والعلاقة بيننا أكثر من ممتازة.
ليبيا: أين المخرج؟
* في موضوع ليبيا، أين ترى القاهرة المخرج؟
- المخرج هو التزام الشرعية. في ليبيا ثمة موضوعان يقلقان الأسرة الدولية: الأول يخص أوروبا؛ أي الهجرة غير الشرعية، وهذا مصدر قلق كبير للغاية، ويتعين بشأنه أن تتوصل البلدان الأوروبية إلى توافق. الموضوع الثاني يتناول الوضع في ليبيا. لقد استفدت من لقاءاتي لأشدد على أن الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون على حساب الشرعية. هناك حكومتان بينهما حكومة شرعية التي هي في طبرق والبرلمان الذي هو في طبرق. وهناك حكومة أخرى غير شرعية. وبالتالي أنت لا تستطيع التواصل مع حكومة غير شرعية. وشددت على أن التواصل يجب أن لا يحصل إلا مع الحكومة الشرعية.
* لكن الموقف الأوروبي مغاير بعض الشيء للموقف الذي عرضته؟
- هذه رؤية مصر. هل يتساوى الشرعي واللاشرعي؟ هذا غير ممكن. رؤيتنا التمسك بالشرعية والتمسك بوحدة الأراضي الليبية، وهذه الشرعية يمكن أن تتثبت عن طريق مجلس الأمن. وأي قرار يمكن أن يصدر عن مجلس الأمن يجب أن يكون لصالح هذه الشرعية. ومن المؤكد أن مصر ستكون مشاركة فيه «تنفيذه».
* المبعوث الدولي برناردينو ليون مستمر في جهوده لكن حتى اليوم لم تأت بأي نتيجة.. هل من بديل؟ هل من سياق آخر؟
- هذه الوساطة لم تقفل بعد. يتعين علينا المتابعة وأن نتحلى بالصبر و«النفس الطويل». يتعين علينا استنفاد كل الحلول السياسية. وبأي حال، فإن أي عملية للتدخل العسكري في ليبيا لا يمكن أن تكون مقبولة إطلاقا إلا تحت غطاء شرعي دولي وغرضه إعادة «بناء» الدولة الليبية.
* هل مصر مستعدة للمشاركة في ما يسعى إليه الأوروبيون في مجلس الأمن الدولي والخاص بالحصول على قرار يخولهم حق استخدام السلاح لتوقيف المهربين والسفن المستخدمة في نقل المهاجرين غير الشرعيين؟
- نحن نريد أولا أن نحمي حدودنا الممتدة إلى 1200 كلم، وهمنا الأول هو منع استخدامها لكل أنواع التهريب. أما الاتحاد الأوروبي الساعي إلى السيطرة على بعض المراكب، فهل سيكون بحاجة إلى مساعدة من مصر؟ في أي حال، نحن لا نريد استباق الأمور ولننتظر القرار الذي يمكن أن يصدر عن مجلس الأمن لنحكم على مضمونه.
قمة كامب ديفيد
* أمس واليوم هناك قمة أميركية خليجية. هل تعتقد أن هذه القمة ستبدد ما يمكن تسميته «هواجس» خليجية إزاء السياسة الأميركية لما بعد الاتفاق المحتمل مع إيران حول ملفها النووي؟
- أنا لا أسميها «هواجس». أنا أعتبر أن غرض هذه القمة هو توضيح الرؤى. عندما تريد أميركا أن تجلس مع إيران ثم تجلس مع بلدان الخليج، هذا يمكن أن يسمى البحث عن «التوازن»، ويعني أن واشنطن تتعاطى مع الطرفين بالاهتمام نفسه. وبالنسبة للقمة، مضمون الرسالة كما نراها نحن، أن أمن الخليج يهم العالم كله. وبالنسبة إلينا، فإن أمن الخليج هو أمن مصر. هذه المسألة هي واقع وحقيقة. وقد أثبتت الأيام أن اشتراك مصر في «عاصفة الحزم» ترجمة لهذا المبدأ.
* لو افترضنا أن نهاية يونيو المقبل ستشهد توقيع الاتفاق النهائي حول النووي الإيراني، هل يمكن توقع أن يكون أداء طهران السياسي وتحديدا في المنطقة مختلفا عن أدائها الحالي، بمعنى أنها ستشترك في الدورة الاقتصادية والتجارية والسياسية الدولية، ما سيحتم عليها أن يكون لها تصرف مختلف؟ هل يمكن المراهنة على ذلك؟
- لا يمكن المراهنة. ولكن هناك عقل ومنطق؛ إذ ليست هناك دولة في العالم تحب العيش في أجواء من الاضطراب، خصوصا إذا كان هدفها البحث عن التنمية؛ ولذا هي بحاجة للسلام للتعايش مع جيرانها. النزاع العسكري يعني الخسارة للجميع.
* لكن هناك الوقائع. والدول الخليجية تقول إن هناك تدخلا إيرانيا في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والخليج بشكل عام... وعلى الصعيد الثنائي كيف يمكن توصيف العلاقة بين مصر وإيران؟
- لدينا تمثيل دبلوماسي في طهران.
* هل من أفق لتطوير هذه العلاقة؟
- مصر دولة كبيرة وهي تسعى إلى علاقات طيبة مع كل البلدان، وشرطنا لذلك عدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، وأي دولة تحترم إرادة مصر في ذلك فنحن سنكون متجاوبين، وعلاقتنا متميزة مع كل البلدان.
سوريا
* كيف تنظر مصر اليوم إلى الملف السوري وهي بصدد التحضير لاستضافة مؤتمر للمعارضة السورية في القاهرة؟
- نحن وضعنا مجموعة من المحددات: «المحافظة» على وحدة الأراضي السورية، و«احترام» إرادة الشعب السوري، وضرورة أن يجلس الفرقاء المتنازعون بعضهم مع بعض للبحث عن حل سياسي. ما يحصل في سوريا لا يمكن القبول به أبدا: أكثر من 200 ألف قتيل وملايين المهجرين والمشردين...
أشرت قبل لحظة إلى المعارضة السورية. وفي نظرنا يتوجب على هذه المعارضة «تحقيق» الاتفاق فيما بينها على تصور وحل، كما يتعين أن يتمكن الشعب السوري من التعبير عن إرادته. نحن مع الشرعية ومع إرادة الشعب ومع الوقوف إلى جانب سوريا إنسانيا. لكن الحل لن يأتي إلا من الأطراف المتنازعة، أي من السوريين أنفسهم. هل يمكن أن تستمر سوريا على هذا المنوال؟ ستحتاج سوريا إلى سنين طويلة من أجل إعادة بناء البنية الأساسية التي هدمت وأهدرت. ونحن في مصر، نقدم المساعدة في المجال الإنساني من خلال الاهتمام بربع مليون سوري لدينا. هؤلاء يعاملون كأنهم مواطنون مصريون لجهة التعليم والطبابة... وبالعودة إلى السؤال الذي طرحته، أؤكد مجددا على ما أن نراه هو وحدة الأراضي السورية واحترام إرادة الشعب السوري وتمكين الفصائل المتصارعة من أن يجلس بعضها مع بعض وأن تتحاور.
* المشكلة المعروفة كما تبين في جنيف 2 والتي تعيق الحل تتناول بالدرجة الأولى مصير النظام. هل لمصر تصور؟ هل لديكم الإمكانية لطرح أفكار أو مبادرات؟
- أحيلك إلى الجواب السابق.
غزة
* هل تنوون فتح الحدود مع قطاع غزة؟
- نحن نفتح الحدود مع غزة باستمرار من أجل تلبية الحاجات الإنسانية. هل نحن مقفلون حدودنا مع غزة؟ وفي أي حال، هناك خمسة معابر وليس معبر رفح وحده. غزة محاصرة من المعابر الأربعة الأخرى ونحن نفتح معبر رفح للحالات الإنسانية، ولكن يتعين علينا أن نحمي بلدنا من الإرهاب. كل يوم عدد من أبنائنا يقعون شهداء. لذا، نحن بحاجة لفرض الأمن والانضباط على الحدود مع غزة. ولكن المعبر مفتوح للحالات الإنسانية والمساعدات الإنسانية تمر عبر رفح، وكذلك للطلبة والساعين للعلاج. العبء لا يجب أن يكون كله على مصر.
الإرهاب
* متى ستتخلص مصر من هذه الآفة؟
- الأمور ستأخذ الوقت. هناك الإرهاب في سينا والرئيس السيسي قال (أول من) أمس بأن 80 في المائة من الجيوب تمت السيطرة عليها، لكن الإرهاب الآخر، أي الإرهاب الفردي، مثل وضع قنبلة هنا أو كيس متفجر هناك، يصعب علينا تحديد تاريخ للتخلص منه. وهذا النوع الأخير يفترض زيادة التنمية؛ إذ إنني أعتبر أن المواجهة الأمنية ليست المواجهة الوحيدة للإرهاب. التنمية مهمة للغاية، وكذلك إصلاح الفكر، ونحن نعمل على جميع المحاور، إن لجهة توفير التنمية أو توفير فرص عمل للشباب وخلافه. المادة الخام للإرهاب هي الشعور باليأس والجهل والظلم، ونحن نعمل للتواصل مع المجتمع المدني وتوفير فرص عمل للشباب...
* لكن متى سيشعر المواطن المصري أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي قد بدأ يتحسن؟
- في بعض المجالات هناك تحسن. مثلا القطاع السكني حيث نحن بصدد بناء مليون وحدة سكنية للأكثر احتياجا، والمطلوب توفير الدعم الاجتماعي لهم. وبلا شك أن شيئا كهذا سيخفف الضغوط عن مليون أسرة.
* والبطالة؟
- لقد تراجعت بنسبة واحد في المائة بفضل المشروعات الكبيرة التي أطلقناها ولأول مرة. إذًا نحن نسير في الاتجاه الصحيح؛ لأن البطالة تتراجع. ونحن نعمل من أجل اجتذاب استثمارات خارجية. لكن ليست لنا «أو لأي شخص آخر» عصا سحرية. المهم أننا في الطريق الصحيح. وطالما أن الأمور تتحسن ولا تتراجع.
* ما هي أهم النتائج التي أسفرت عنها الزيارة؟
- أود أن أشير بداية إلى الزيارة الناجحة جدا التي قام بها الرئيس السيسي إلى فرنسا والتي كان من نتائجها التوافق مع الرئيس هولاند على خريطة طريق. أنا تلقيت دعوة من رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس لمتابعة ما تم التوصل إليه أثناء مجيء رئيس الجمهورية، وهي أمور محددة جدا لمجالات التعاون التي تشمل التعاون الاقتصادي والأمني والدفاعي، ناهيك بقطاعات حيوية بالنسبة لمصر مثل قطاع الإنشاءات.. باختصار، ثمة تنسيق على أعلى مستوى بيننا وبين فرنسا.
* لكن، عمليا، ما هي النتائج التي حصلتم عليها من هذه الزيارة؟
- لقد حققت الزيارة الكثير، ومن ذلك ما يتعلق بملف مهم جدا بالنسبة إلينا وهو التعليم الفني الذي نهتم به للغاية. ولذا، غصنا على التفاصيل، وشددنا على رغبتنا في أن تكون فرنسا لاعبا أساسيا مع وزارة التعليم الفني والتدريب في البرامج التي نقوم بها. كذلك تناولنا مجال السياحة وما تمر به مصر من اختناقات «وهمية»، وقلنا لأصدقائنا الفرنسيين إن الوضع في مصر آمن. وليس سرا أن عدد السياح الفرنسيين كان الأكبر «من بين الجنسيات الأخرى». والحال أن هذه الأعداد تناقصت اليوم وقد حصلنا على وعود من السلطات الفرنسية بمساعدتنا بحث الفرنسيين للعودة إلى مصر. وبالمناسبة، سيزور رئيس الحكومة الفرنسية مصر تلبية لدعوة وجهتها إليه وقبلها. وفي السياق الاقتصادي، التقيت أرباب العمل الفرنسيين لمتابعة ما تحقق في شرم الشيخ. وللأمانة، أود أن أقول لك إن الانطباع الذي خرجت به أكثر من رائع.
* هل هناك مشاريع محددة استثمارية وتعاقدية ستقوم بها الشركات الفرنسية في مصر؟
- بالطبع، هناك مشاريع محددة خصوصا في مجال الطاقة في مصر. أنت تعرف بلا شك أن مصر تنظر في ضرورة الانطلاق بالمفاعل النووي المصري «للأغراض السلمية» ولذا قمنا بزيارة روسيا والصين وجاءتنا مجموعة من الخبراء من كوريا الجنوبية.
* هل هناك فرصة للتوصل إلى تفاهم مع فرنسا بشأن هذا المفاعل؟
- يمكن أن نتوصل إلى ذلك وفي أفضل الظروف. نحن نعاني من مشكلتين، هما الأسعار والتمويل. وللأمانة وجدنا أن التكنولوجيا الفرنسية متطورة جدا، وأن عنصر السلامة متوفر فيه. ولهذا الغرض، سيقوم وفد فرنسي بزيارتنا ثم نصل إلى مرحلة العروض وسنختار الأفضل منها لمصر. ولقد قمنا بزيارة المفاعل قيد الإنجاز القائم في محلة فلامانفيل للاطلاع؛ إذ إنه يمثل الجيل الجديد من المفاعلات النووية السلمية.
* هل من وعود أو قرارات لجهة الاستثمارات؟
- نعم. هناك ألستوم، فينسي، دوغرومون، آيرباص، ديكو... كلها أسماء تقدمت بمشروعات ونحن في طور الدراسة من أجل اتخاذ القرارات. قلت لهم: مصر تتحرك إن لجهة قانون الاستثمار أو لناحية المناطق الجديدة... وأنا سعيد أنه توفرت لنا الفرصة للدخول في التفاصيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».