مع استقرار الوضع الأمني في وسط مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غرب العراق، تتزايد أعداد العائلات العائدة إليها بعدما نزحت إلى بغداد. ومع استمرار عودة النازحين تزداد المعاناة داخل المدينة.
وهناك انعدام تام في الخدمات الأساسية مثل الطاقة الكهربائية ومياه الشرب وشحة في المواد الغذائية والطبية إضافة إلى تراكم النفايات التي تسببت في انتشار بعض الأوبئة والأمراض المعدية بين السكان.
«الشرق الأوسط» تجولت في مدينة الرمادي وواكبت معاناة أهلها العائدين من النزوح ويقول سلمان داود الدليمي (50 سنة)، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد سماعنا بتحرير مناطق مدينة الرمادي من قبل الأجهزة الأمنية وطرد مسلحي تنظيم داعش منها عدنا على الفور خصوصًا بعد المخاوف والمضايقات التي تعرضنا لها في العاصمة بغداد ابتداءً من قرار الكفيل وانتهاء بالتهديدات بالقتل من قبل ميليشيات وعصابات طائفية طالبتنا بالمغادرة الفورية». وأضاف الدليمي: «بعد وصولنا إلى الرمادي بدأت سلسلة المعاناة حيث تفتقر مدينة الرمادي لأبسط مقومات العيش الكريم، فالطاقة الكهربائية معدومة بالكامل ومياه الشرب تأتي إلينا لساعتين فقط في اليوم، فقط هناك اشتراك بالمولدات الأهلية الخاصة والتي وصل سعر الأمبير الواحد منها إلى 30 ألف دينار عراقي، والكثير منا لم يتمكن من سحب التيار الكهربائي من المولدات الأهلية بسبب ضعف الإمكانيات المادية، وهناك من يشتري مواد الوقود بأسعار باهظة من أجل تشغيل مولدات منزلية صغيرة لغرض توفير الطاقة الكهربائية لنحو ساعتين». وتابع: «هناك أيضا ارتفاع مخيف في أسعار السلع الغذائية، ويقابل هذا الغلاء عدم صرف رواتب الموظفين لأكثر من ثلاثة أشهر مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين التي تدنت بنسبة كبيرة جدًا».
دلف الكبيسي، قائمقام قضاء الرمادي، قال، بدوره، لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة الرمادي «شهدت في الأيام القليلة الماضية عودة أكثر من 5 آلاف عائلة من أهالي المدينة لكن الكثيرين من العائدين لم يتمكنوا من العودة إلى مساكنهم بسبب زرع تنظيم داعش الكثير من العبوات الناسفة في دورهم ومناطق سكناهم». وأضاف الكبيسي: «هناك حاجة كبيرة لتقديم المساعدات الفورية للنازحين العائدين». وقال: «رغم عودة الحياة إلى مناطق الملعب والورار والقطانة والعزيزية في وسط الرمادي إلا أنها تعاني من نقص هائل في الخدمات الأساسية بسبب نزوح كوادر أغلب الدوائر الخدمية».
وأشار الكبيسي إلى «وصول كميات من المواد الغذائية المخصصة للبطاقة التموينية من قبل وزارة التجارة العراقية إلى مدينة الرمادي وسيتم توزيعها بشكل سريع على العائلات العائدة».
ورغم طرد مسلحي «داعش» من أغلب مناطق الرمادي إلا أنها ليست مؤمنة تماما. وفي هذا السياق، أعلن الرائد محمد عبد، أحد ضباط الأمن الوطني في الرمادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اعتقال عنصرين مسلحين ينتمون لتنظيم داعش في عملية أمنية استباقية في الرمادي. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قوة مشتركة قامت بعملية استباقية استهدفت مجموعة من تنظيم داعش كانت تنوي إنشاء معسكر لها في المنطقة الواقعة بين كريشان ومنطقة الطاش جنوب غربي مدينة الرمادي»، مبينًا أن «القوات كانت بإشراف قائد عمليات الأنبار وقائد شرطة الأنبار ومركزي شرطة جويبة وحصيبة». وأضاف أن «العملية أسفرت عن اعتقال عنصرين من تنظيم داعش كانا يحاولان تنسيق عمل التنظيم وإنشاء المعسكر، وإن المعتقلين هما من أرباب السوابق وكانا موقوفين سابقا لدى قيادة شرطة الأنبار». وأوضح أن «تنظيم داعش يستغل المناطق النائية التي يكثر فيها القصب لإنشاء معسكرات وخنادق من أجل استهداف القوات الأمنية والمدنين في الرمادي وباقي مناطق الأنبار».
من جهته، أكد اللواء الركن كاظم الفهداوي قائد شرطة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع الأمني في مدينة الرمادي مستقر ولم يسجل أي خرق أمني منذ أسبوع تقريبا ولن نسمح لتنظيم داعش بالتمدد في مناطق أخرى مع استمرار معارك التطهير والتقدم للقوات الأمنية إلى محيط الرمادي الشمالي والجنوبي وتدمير الخطوط الدفاعية الأمامية لمسلحي تنظيم داعش». وأضاف الفهداوي أن تنظيم داعش «يحاول الهروب من الرمادي بعد الخسائر التي تعرض لها الشهر الحالي خلال المواجهات مع قوات الأمن ومقتل أهم قادته وعناصره وتدمير المخابئ التي كان يعتمد عليها في تمويل خلاياه، والأيام المقبلة ستشهد معارك عنيفة ضد (داعش) بعد وصول التعزيزات العسكرية الانتهاء من تدريب مقاتلي العشائر في معسكر الحبانية».
وفي شرق الرمادي أسفرت ضربات مدفعية للجيش العراقي أمس عن مقتل 13 عنصرًا ينتمون لتنظيم داعش. وقال قائد عمليات الأنبار وكالة اللواء الركن محمد خلف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن القصف المدفعي «استهدف أوكار المسلحين في مناطق البو شجل والكرطان والعبرة». وأضاف خلف أن «القصف أسفر أيضا عن تدمير وكرين لمسلحي التنظيم فضلا عن حرق ست عجلات تحمل أسلحة مختلفة».
النازحون العائدون إلى الرمادي يواجهون غلاءً فاحشًا وغيابًا تامًا للخدمات الأساسية
المدينة مستقرة نسبيًا لكنها ليست مؤمنة بالكامل ضد مسلحي «داعش»
النازحون العائدون إلى الرمادي يواجهون غلاءً فاحشًا وغيابًا تامًا للخدمات الأساسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة