بدأ المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، أول زيارة له إلى اليمن، حيث وصل إلى العاصمة صنعاء لمباشرة إجراء محادثات مع المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة وعدد كبير من المحافظات اليمنية ويخوضون معارك ضارية للسيطرة العسكرية على باقي المحافظات التي ترفض الرضوخ لهيمنتهم العسكرية. وجاءت زيارة ولد الشيخ قبيل ساعات على بدء تطبيق «الهدنة الإنسانية» التي اقترحتها المملكة العربية السعودية من أجل تسهيل إغاثة المدنيين، وقال ولد الشيخ في تصريح صحافي فور وصوله إنه سيبحث «موضوع الهدنة الإنسانية التي أعلن عنها والعمل على التحضير لها، إضافة إلى بحث جلوس الأطراف اليمنية على طاولة الحوار بهدف الوصول إلى حل سياسي»، مؤكدا أنه «ليس هناك حل لما يعانيه اليمن من مشكلات إلا من خلال الحوار وجلوس الأطراف على طاولة الحوار بهدف الوصول إلى حل سياسي».
وكان ولد الشيخ أجرى، الأيام الماضية، مباحثات في العاصمة السعودية الرياض، مع القيادة الشرعية لليمن، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه رئيس الحكومة، خالد محفوظ بحاح، تتعلق بالأزمة اليمنية الراهنة وظروف الحرب والانقلاب الذي قامت به الميليشيات الحوثية المتحالفة مع المخلوع علي صالح، على السلطة الشرعية المنتخبة في اليمن، وقال مصدر سياسي يمني في الرياض، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن القيادة اليمنية الشرعية أكدت للمبعوث الأممي ضرورة أن يقبل الانقلابيون الحوثيون بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وأن يطبقوها على أرض الواقع، من أجل إثبات حسن النية ولإتاحة المجال لأي حوار سياسي مقبل، وأشار المصدر اليمني، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن المبعوث الأممي اطلع على المواقف الرسمية التي أكدت أن الحرب فرضت فرضا على الشعب اليمني من قبل هذه الميليشيات وعلى التنازلات التي قدمها الرئيس عبد ربه منصور هادي، الفترات الماضية، لتجنب اندلاع الحرب، وقال المصدر إنه جرى التأكيد لولد الشيخ على ضرورة أن تكون دول الخليج العربي وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، إلى جانب الأمم المتحدة، هي الحاضن الأول لأي حوار سياسي، كما جرى التطرق إلى أهمية أن تكون بعض الأطراف بعيدة عن الحوار اليمني – اليمني، في إشارة إلى إيران، ودورها السلبي في اليمن ومساعدتها المباشرة في إذكاء الصراع ودعم المتمردين الانقلابيين، حسب قول المصدر.
في هذه الأثناء، واصلت قوات التحالف قصفها لمواقع ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إذ قصفت الطائرات معسكر «سلاح الصيانة» التابع للجيش المتمرد على الشرعية والواقع جوار المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون (المبنى الإداري والمالي)، وقرب وزارة الإعلام (المبنى الجديد)، وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن القصف دمر عددا من الشاحنات والأسلحة التي كانت داخل المعسكر، وأشار إلى أنه بعض الشاحنات شوهدت وهي تغادر المعسكر نحو مواقع أخرى.
وتواصلت، أمس، المواجهات المسلحة بين القوات العسكرية والشعبية الموالية للرئيس هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات صالح من جهة أخرى، في تعز ومأرب وغيرها من المحافظات وجبهات القتال، وأكدت مصادر في تعز لـ«الشرق الأوسط» أن المدينة شهدت قتالا عنيفا، حيث يحاول الحوثيون استعادة السيطرة على موقع «جبل العروس» العسكري الاستراتيجي الواقع في «جبل صبر»، أكبر الجبال في مدينة تعز، وقال شهود عيان إن الطرفين تبادلا قصفا مدفعيا، بينما دعمت قوات التحالف موقف المقاومة الشعبية عبر قصف عدد من مواقع تجمعات الحوثيين، وفي جبهة مأرب زعم الحوثيون تحقيق تقدم على الأرض، في الوقت الذي تشير المعلومات إلى تكبد الميليشيات لخسائر بشرية كبيرة في المواجهات بمأرب، بعد خسارة الحوثيين لمواقع قامت المقاومة باستعادة السيطرة عليها، في مديرية صرواح، أما في صعدة فما زالت المحافظة تشهد قصفا عنيفا، رغم تراجع حدة الهجمات التي تنفذها الميليشيات الحوثية على الأراضي السعودية، عقب القصف المكثف لقوات التحالف والقوات السعودية على مواقع تلك الميليشيات في المحافظة وتدمير جزء كبير من بنيتها التحتية العسكرية واللوجيستية.
وفي سياق متصل، تواصل المقاومة الشعبية التهامية تنفيذها هجماتها النوعية على الميليشيات الحوثية في مدينة الحديدة، عاصمة إقليم تهامة، في غرب البلاد، وقال شهود عيان في الحديدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر المقاومة قاموا بإلقاء قنبلة يدوية على دورية للحوثيين وسط المدينة، قرب «سوبر ماركت أفريقيا» بشارع صنعاء، ثم أعقب ذلك اشتباكات أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين، وفي مدينة العمال، في الحديدة أيضا لقي مسلح حوثي مصرعه وجرح آخر، على يد عناصر من المقاومة التهامية، وذلك في إطار سلسلة «عمليات الاصطياد» التي تنفذها المقاومة، إن جاز التعبير، ضد الميليشيات الحوثية، للتعبير عن رفض وجودهم في محافظة الحديدة وإقليم تهامة بصورة كاملة.
من ناحية أخرى، خلفت الأسلحة التي تطايرت جراء قصف قوات التحالف لمخازن أسلحة تتبع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي في صنعاء، عشرات القتلى والجرحى من الضحايا المدنيين في أرجاء مختلفة من العاصمة صنعاء، وقالت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن قرابة 90 مدنيا سقطوا قتلى وأكثر من 300 مصاب، جراء الصواريخ والقذائف والشظايا التي تطايرت من مخازن السلاح في جبل «نقم» في شرق العاصمة، وذكرت المعلومات أن تلك القذائف وصلت إلى أحياء سكنية بعيدة وقتلت وأصابت المدنيين الأبرياء، في إشارة إلى الحجم المهول للأسلحة والذخائر التي كانت مخزنة في ذلك الجبل، وقد استهدفت طائرات التحالف، مساء أول من أمس، جبل «نقم» الذي يعد موقعا عسكريا استراتيجيا، في العاصمة اليمنية، وبحسب المراقبين فإن الانفجار الضخم الذي وقع في جبل «نقم» كان مشابها، إلى حد كبير، للانفجار الذي وقع جراء قصف المعسكرات ومخازن السلاح في جبل «فج عطان» بجنوب العاصمة، وقد أعادت التفجيرات التي نتجت عن قصف الجبل إلى الشارع اليمني الحديث مجددا عن مطالب قديمة، قدمت عام 1993، من قبل الحزب الاشتراكي اليمني، الذي طالب، حينها، بإخراج المعسكرات من العاصمة والمدن وعواصم المحافظات، بما في ذلك مخازن الأسلحة، وقد اتهم الحزب من قبل صالح وحلفائه السياسيين والعسكريين، في تلك الحقبة، بـ«الانفصالية»، وشن صالح حربه عام 1994، على الجنوب.
في سياق آخر، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، قرارا جمهوريا قضى بتعيين العقيد ركن صالح محمد العامري الجهمي في منصب أركان حرب للمنطقة العسكرية الثالثة، وقضى القرار بترقية العقيد الجهمي إلى رتبة عميد والعمل به من تاريخ صدوره، وجاء هذا القرار ضمن سلسلة القرارات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية التي يصدرها الرئيس هادي لإصلاح هذه المؤسسة التي انقسمت جراء الأوضاع في البلاد.
ولد الشيخ يبحث في صنعاء الهدنة والحل السياسي
مواجهات في تعز ومأرب.. وعمليات ناجحة للمقاومة في تهامة
ولد الشيخ يبحث في صنعاء الهدنة والحل السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة