الميليشيات تستهدف «صلاح الدين» و«البريقة».. وتردي الوضع الإنساني في عدن

قصف مكثف على الضالع بعد إجهاض المقاومة محاولات تسلل قوات التمرد للمدينة

ثلة من الأطفال اليمنيين النازحين الذين فروا مع عائلاتهم يحملون صناديق المساعدات الإنسانية  التي تبرعت بها اليونيسيف في محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
ثلة من الأطفال اليمنيين النازحين الذين فروا مع عائلاتهم يحملون صناديق المساعدات الإنسانية التي تبرعت بها اليونيسيف في محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الميليشيات تستهدف «صلاح الدين» و«البريقة».. وتردي الوضع الإنساني في عدن

ثلة من الأطفال اليمنيين النازحين الذين فروا مع عائلاتهم يحملون صناديق المساعدات الإنسانية  التي تبرعت بها اليونيسيف في محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
ثلة من الأطفال اليمنيين النازحين الذين فروا مع عائلاتهم يحملون صناديق المساعدات الإنسانية التي تبرعت بها اليونيسيف في محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

تسعى الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح إلى السيطرة على منطقة صلاح الدين والبريقة في عدن، وهي منطقة سكنية وتحوي مصالح اقتصادية وطنية كبيرة، كمصافي النفط، وذلك بعد سيطرتهم على أجزاء واسعة من مدينة عدن، إذ قامت ميليشيات الحوثي المدعومة بقوات صالح بقصف مدفعي عشوائي صباح وظهر أمس دون أن تلحق أية خسائر بشرية، وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة ردت وضربت هذه القوات المنتشرة في الخط الرابط بين مدينة الوهط شرقا إلى منطقة عمران الساحلية غربا، وأضاف المتحدث أن الميليشيات استخدمت في قصفها العشوائي قذائف مدفعية الهاون وصواريخ جراد المحمولة على متن السيارات دونما تحقق أي تقدم أو أهداف، ونوه المصدر بأن الضرب لم يدُم طويلا، إذ تمكنت مدفعية ودبابات المقاومة من إسكاتها ودحرها بعيدا عن المكان الذي كانت تطلق نيرانها منه.
وفي محافظة عدن قال مصدر طبي في مكتب الصحة والسكان لـ«الشرق الأوسط» إن مواطنا استشهد وأصيب 3 آخرون يوم أمس الاثنين إثر سقوط قذيفة على منزلهم بحي البساتين. وأضاف المصدر الطبي أن قذيفة سقطت بالمنزل وقتلت مواطنا وأصابت 3 نقلوا إلى مُسْتَشْفَى النقيب في مدينة المنصورة وسط أجريت لهم الإسعافات الأولية. ولفت المصدر إلى أن الإصابات المسجلة ليوم أول من أمس الأحد كانت 93 حالة من بينها ثلاث نساء وأربعة أطفال بينما القتلى 19 شخصا من بينهم امرأة.
وفي جبهة العريش بخور مكسر شن طيران التحالف يوم الاثنين عدة غارات استهدفت تعزيزات ودبابات الميليشيات في العريش والمطار وجزيرة العمال. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الطيران ضرب دبابات في العريش إذ شوهدت الأدخنة وهي متصاعدة من هذه الدبابات والآليات الموجودة في المكان الذي استهدفه طيران التحالف الذي ضرب أيضا مساء أمس الاثنين قوات في شمال عدن. كما قتل أمس الاثنين 3 وأصيب آخرون من عناصر المقاومة، وذلك إثر غارة جوية أسقطت صواريخها بمنطقة الدوليان القريبة من حي العريش الذي يشهد ومنذ ثلاثة أيام مواجهات بين المقاومة وميليشيات الحوثي المسنودة بعتاد وأفراد موالين لصالح، وتأتي هذه التطورات الميدانية في ظل عملية التصعيد من جهة المقاومة الشعبية التي بدأت خلال الأيام الثلاثة المنصرمة بشن هجمات منظمة على ميليشيات وقوات الحوثي والرئيس المخلوع المتمركزة في المطار وحوله.
وعلى الصعيد الإنساني ما زالت محافظات الجنوب تعاني من وضع إنساني صعب جراء المواجهات المسلحة التي لم تتوقف منذ نحو شهرين على اندلاعها، وكانت جمعيات ومنظمات حقوقية وإنسانية قد وصفت هذه الأوضاع بالكارثية، فعلاوة على النزوح القسري الذي ما زال قائما وحتى اللحظة هناك أزمة خانقة في المواد الغذائية والأدوية، فضلا عن انعدام المشتقات النفطية وما ترتب عليها من أزمة حادة في الانتقال والتواصل بين هذه المناطق والمدن، وكذا من انقطاع كامل للطاقة الكهربائية وأثرها على حياة السكان عامة وسكان المدن الساحلية خاصة، إذ يعيش سكان مدن مثل عدن والحوطة وضعا مأساويا جراء انقطاع التيار الكهربائي الذي لم يسبق أن شهدته هذه المناطق الساحلية المعروفة بارتفاع درجة حرارتها صيفا ولحد لا يطاق أو يمكن احتماله.
وفي مدينة كريتر هاجمت ميليشيات الحوثي الأحياء السكنية عقب نزوح السكان إلى المدن الأخرى مثل الشيخ عثمان والبريقة والمنصورة، وذلك على إثر تردي وتفاقم الوضع الإنساني بشكل مخيف ونزوج جماعي للأهالي من المدينة، وقال السكان لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين قاموا بمهاجمة أحياء حافة حسين والبوميس ومبنى الشرطة لتحرير أسرى لهم كانوا قد وقعوا بيد المقاومة، وأضاف هؤلاء أن الميليشيات وقبل دخولها الأحياء السكنية هاجمتها بمدفعية الهاون بينما شباب المقاومة نزحوا مع أهاليهم بعد أن نفدت الذخيرة منهم.
وفي محافظة شبوة شرق عدن كانت المقاومة قد طهرت مع ساعات فجر يوم أمس الاثنين منطقة المصينعة بمديرية الصعيد التي تبعد عن عاصمة المحافظة عتق بـ40 كيلومترا من الميليشيات الحوثية المدعومة بقوات موالية للرئيس الأسبق صالح. وقال مصدر في المقاومة في محافظة شبوة لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة خاضت معركة عنيفة مع ميليشيات الحوثي وقوات صالح مساء أول من أمس الأحد في وادي سرع بالمصينعة، إذ خلفت هذه المواجهات خسائر في صفوف القوات الموالية للحوثي وصالح، وذلك قبل أن تتمكن المقاومة من تطهير منطقة المصينعة التي دخلتها الميليشيات قبل ثلاثة أيام فقط.
وفي محافظة الضالع شمال عدن أغار طيران التحالف ظهر أمس الاثنين على ميليشيات الحوثي وصالح المتمركزة في السجن المركزي وبوابة معسكر القوات الخاصة بمنطقة سناح (20 كلم شمال مدينة الضالع)، وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن ثلاثة صواريخ جوية وقعت في السجن المركزي الذي توجد فيه تعزيزات بشرية ومادية وصلت خلال الأيام القليلة الماضية، وأشار هؤلاء إلى أن الصاروخ الأول أحدث أضرارا بشرية وسط هذه الميليشيات، إذ شوهدت السيارات وهي تنقل القتلى والجرحى، كما خلفت الضربة ضررا في بوابة السجن وإدارتها التي دكت مما سهل عملية الفرار للمعتقلين الذين شوهدوا وهم يفرون من السجن بعد الغارة مباشرة.

وأضاف شهود عيان أن صاروخا رابعا وقع بجوار دبابة تابعة للميليشيات ومتموضعة أمام معسكر القوات الخاصة المجاور للسجن المركزي. يذكر أن الميليشيات الحوثية كانت قد أطلقت كل السجناء والمحتجزين على ذمة قضايا جنائية، وذلك فور دخولها منطقة سناح واستيلائها على السجن، وفي وقت لاحق ذكرت المعلومات أن الميليشيات الحوثية مدعومة بالقوات الموالية لصالح قصفت بكثافة الأحياء السكنية والقرى في محافظة الضالع، بعد أن صدت المقاومة محاولاتها للتسلل وفتح ثغرات قتال داخل المدينة وتجاوزها نحو عدن.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.