واشنطن: قواعد جديدة لوكالات الأمن القومي

اقتراح إصلاحي يقضي بالتخلص من مجموعة من البيانات وإلغاء عمليات التفتيش من دون تصريح

واشنطن: قواعد جديدة لوكالات الأمن القومي
TT

واشنطن: قواعد جديدة لوكالات الأمن القومي

واشنطن: قواعد جديدة لوكالات الأمن القومي

ظل الكونغرس يناقش لسنوات طويلة برنامج جمع البيانات الهاتفية الخاص بوكالة الأمن القومي من دون الخروج بأي تشريع. أما الآن، فقد اجتمع عاملان لجعل هذا الوضع المحبط أقل قدرة على الاستمرار والبقاء؛ فمن المقرر أن تنتهي صلاحية السلطة المستمدة من التشريع، التي استندت إليها إدارة جورج بوش الابن في البداية، ومن بعدها إدارة أوباما في إطار العمل بالبرنامج، وهو القسم 215 من القانون الوطني، في الأول من يونيو (حزيران). وأصدرت محكمة الاستئناف الأميركية؛ الدائرة الثانية، يوم الخميس الماضي، حكما بخطأ تأويلهم للقسم 215. وينبغي على الكونغرس الرد، وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل.
ومن المؤكد أن حكم المحكمة لن يكون له تأثير عملي فوري، فهيئة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة لم تر أي حاجة إلى وقف البرنامج قبل أقل من شهر من انتهاء مدة صلاحية القسم 215 من القانون. مع ذلك قد يؤثر رأي المحكمة على الجدل، وحري به أن يفعل ذلك.
وأوضح رأي القاضي غيرارد لينش أن ما تقوم به وكالة الأمن القومي من تخزين للبيانات بهدف أتاحتها في حال إجراء تحقيق قد تجاوز نطاق تصريح القانون بجمع معلومات «تتعلق بتحقيق مصرح بإجرائه» إلى ما هو أبعد من «أي فهم مقبول للمصطلح». ويجب أن تتمكن الاستخبارات وسلطات تطبيق القانون من جمع وتحليل بيانات الهاتف، لكن مع ضمان تحقيق التوازن من خلال حماية قوية للخصوصية والحريات المدنية. وبحسب النظام الحالي، قوام تلك الحماية هو قيود داخلية وضعتها وكالة الأمن القومي على دخول قاعدة البيانات وتخضع لإشراف محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية، التي تعمل سرًا وتنظر في إفادات الحكومة فحسب. وهنا حاجة إلى حماية أكثر وضوحا وشفافية من أجل ضمان مجتمع ديمقراطي.
لحسن الحظ هناك اقتراح إصلاحي واعد يلوح في الأفق، وهو مشروع قانون الحرية الأميركية، الذي يحظى بدعم الحزبين في كل من مجلس الشيوخ والنواب، وكذا بدعم الرئيس أوباما، والصناعات التي ستتأثر به. ويمكن القول بإيجاز إنه سوف يقضي بالتخلص من مجموعة من البيانات التي لدى وكالة الأمن القومي، وإلغاء عمليات التفتيش من دون تصريح، بحيث يكون البديل نظاما يمنح شركات الاتصالات حق الاحتفاظ بالمعلومات في إطار طلبات خاصة من الحكومة. وسيتعين موافقة محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية على تلك الطلبات. وإلى جانب بنود مشروع القانون التي تقضي بمزيد من الكشف عن إجراءات تلك المحكمة، سوف يستهدف التشريع تعزيز ثقة المواطنين في عمليات وكالة الأمن القومي، بتكلفة ضئيلة أو لا تذكر تتعلق بالأمن العام.
ووافقت اللجنة القضائية في مجلس النواب على مشروع القانون بـ25 صوتا مقابل صوتين رافضين. أما في مجلس الشيوخ، فقد فشل المشروع في حصد 60 صوتا خلال العام الماضي عندما كان أعضاء الحزب الديمقراطي يمثلون الأغلبية. ويبدو أن فرص إقراره باتت أدنى في الوقت الراهن بعد سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، حيث يفضل زعيم الجمهوريين ميتش ماكونيل، العضو عن ولاية كنتاكي، تمديد العمل بالقسم 215 من القانون المذكور آنفا. ويرى ماكونيل أن القانون يسمح بجمع المعلومات، ويؤكد أن هذا أمر معقول وسليم من الناحية القانونية، ولكن كان ذلك قبل الحكم الصادر عن المحكمة، مما يدعوه إلى التفكير مرة أخرى ومراجعة هذا الرأي.
إذا قام مجلس الشيوخ بتمديد العمل بالقسم 215، ينبغي أن يكون ذلك لفترة قصيرة من أجل كسب الوقت إلى حين إقرار تشريع أكثر حسما وصرامة بعد الأول من يونيو في إطار العمل على اتخاذ إجراء إصلاحي سريع. ومن أجل الاستمرار في جهود مكافحة الإرهاب، على الكونغرس تزويد أجهزة وهيئات الاستخبارات، والرأي العام، بمجموعة جديدة واضحة، والأهم من ذلك مستدامة، من التوجيهات والتعليمات.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.