بعد الزلزال الانتخابي الذي شهدته بريطانيا وبقي بموجبه ديفيد كاميرون رئيسًا للوزراء، تكشفت، أمس، أرقام تحمل دلالات هامة حول نسب التمثيل في مجلس العموم الجديد. فقد اتضح أن نسبة عدد النواب المسلمين ارتفع من 8 عام 2010 إلى 13 في العام الحالي. وذكرت صحيفة «مسلم نيوز»، أمس، أن ثمانية من البرلمانيين المسلمين الجدد نساء، بينهن تاسمينا أحمد الشيخ، وهي أول مسلمة تفوز بعضوية البرلمان عن «الحزب القومي الاسكوتلندي»، ونصرة غاني التي تعد أيضا أول مسلمة تفوز بعضوية المجلس عن حزب المحافظين.
وكان مقداد فارسي، مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، قد أكد في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «إننا نتوق للعمل مع الحكومة الجديدة كجالية مسلمة متحدة لتحقيق المطالب التي أعلنا عنها في وثيقتنا (عدالة، لا منّة)». وأوضح فارسي أن الحدّ من ظاهرة «الإسلاموفوبيا» والتمييز العنصري ضد المسلمين في مقدّمة اهتمامات مسلمي المملكة المتحدة، بالإضافة إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وإصلاح المدارس الدينية الإسلامية.
واتضح أيضًا أن التركيبة الجديدة لمجلس العموم تتميز بتنوّع غير مسبوق، إذ ارتفعت نسبة ممثلي المجموعات العرقية إلى 42 برلمانيًا، مقارنة بـ27 عام 2010. كما ارتفعت نسبة النساء عمومًا في المجلس الحالي من 22 في المائة إلى 29 في المائة، وذلك بفضل ارتفاع نسبة المترشحات عن حزبي «العمّال» و«القومي الاسكوتلندي».
وبعد احتفال كاميرون ومعسكره بالفوز، انكب رئيس الوزراء، أمس، بهدوء على تشكيل حكومته الجديدة، فقد أعلن منذ، أول من أمس، الإبقاء على عدد من أبرز وزرائه في مناصبهم، وهم: جورج أوزبورن للمالية، وتيريزا ماي للداخلية، وفيليب هاموند للخارجية، ومايكل فالون للدفاع. وفي محاولة لتعزيز الشعور بالاستقرار والاستمرارية، بادر كاميرون إلى تعيين جورج أوزبورن، صديقه المقرب ووزير الخزانة في الحكومة السابقة، وزيرًا أولاً ونائبًا فعليًا له. ومن المرجح استكمال إعلان التشكيلة الحكومية، غدًا (الاثنين)، مع احتمال دخول عمدة لندن بوريس جونسون إليها، وهو المرشح أيضا لتسلم رئاسة حزب المحافظين خلال بضعة أعوام.
وبينما أتاحت نتائج الانتخابات لكاميرون فرصة قيادة البلاد دون حاجة لائتلاف حكومي، إلا أنه سيواجه ضغوطات كبيرة من لدن الكتلة القومية الاسكوتلندية المتمسكة باستقلال اسكوتلندا من جهة، وبضغوط أفراد حزبه المتنامية للخروج من الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. وكان كاميرون قد تعهّد بمراجعة عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الذي يضم 28 دولة، وبإجراء استفتاء حول هذا الأمر بحلول 2017.
وكانت سارة هوبولت، المحاضرة بـ«كلية لندن للاقتصاد»، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «كاميرون تعهّد بإجراء استفتاء بشأن البقاء في الاتحاد الأوروبي بحلول 2017، لكنه سيحاول قبل ذلك التفاوض مع نظرائه في المجلس الأوروبي حول تسوية جديدة». وأضافت: «على الرغم من أن كاميرون لا يتمتع بشعبية لدى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يانكر ونظيريه الفرنسي (فرنسوا هولاند) والألمانية (أنغيلا ميركل)، فإن الجميع سيحاولون التوصل إلى تسوية مناسبة لإبقاء بريطانيا في الاتحاد».
ومن المتوقّع أن يواجه كاميرون كذلك موجة من الانتقادات الموجّهة للنظام الانتخابي المعتمد حاليًا الذي يعتبره كثيرون غير مناسب لتمثيل أنماط التصويت الوطنية. وكان نايجل فراج، زعيم حزب الاستقلال المستقيل، قد استنكر «ظلم» النظام الانتخابي، مشيرًا إلى أن 3.9 مليون ناخب صوتوا لصالح حزبه الذي لم يحصل إلا على مقعد واحد، بينما حصل «القوميون الاسكوتلنديون» و«الليبراليون الديمقراطيون» على مجموع 64 مقعدًا بنفس عدد الأصوات تقريبًا.
ومن جانب الخاسرين، قدّم كلٌّ من إد ميليباند زعيم حزب «العمّال»، ونيك كليغ زعيم «الليبرالي الديمقراطي»، ونايجل فراج زعيم «الاستقلال»، استقالتهم، أول من أمس (الجمعة)، بعد ساعات قليلة من الإعلان عن النتائج النهائية. واعتذر ميليباند لحزبه ومواليه عن النتائج «المخيبة للأمل» التي حقّقها حزبه على الصعيد الوطني، وخصّ بالذكر دوائر اسكوتلندا الانتخابية التي لم يحصل فيها «العمال» إلا على مقعد واحد مقابل 56 مقعدًا لـ«القوميين»، فاقدة بذلك مكانتها كـ«معقل عمّالي» بامتياز. وبدأ الحديث في الأوساط السياسية البريطانية عن الشخص الذي سيخلف ميليباند كزعيم لثاني أكبر حزب في بريطانيا، وتنحصر الاحتمالات في ثلاثة مرشحين أساسيين: إيفيت كوبر، وزيرة الداخلية في حكومة الظل السابقة، تعدّ المرشّحة المفضّلة لقيادة «العمّال» خلال الفترة المقبلة وإصلاح الحزب واستعادة نفوذه في اسكوتلندا وإنجلترا. أما المرشح الثاني، فهو أندي بورنهام، وزير الصحة في حكومة الظل السابقة، الذي عُرف بدفاعه الشرس عن نظام الـ«إن إتش إس» وبجهوده لإصلاحه. وفي المرتبة الثالثة لقيادة الحزب، تشوكا أومونا، وهو أحد أصغر النواب في دائرته الانتخابية جنوب لندن، وتمكّن من تعزيز أصواته منذ انتخابه عام 2010 رغم أداء الحزب الضعيف وطنيًا هذه السنة.
ارتفاع قياسي في نسبة تمثيل مسلمي بريطانيا في البرلمان
عدد النواب المسلمين ارتفع إلى 13.. والأقليات والنساء أكبر الفائزين أيضًا
ارتفاع قياسي في نسبة تمثيل مسلمي بريطانيا في البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة