من موسيقى الهيب هوب إلى قلب «داعش»

كيف تحول التنظيم المتطرف إلى مصدر جذب لمعتنقي الإسلام الجدد؟

دينيس كوسبرت مغني الهيب هوب الألماني المعروف باسم «ديزو دوغ» الذي اعتنق الإسلام في 2010 وانضم بعدها إلى «داعش» (واشنطن بوست)
دينيس كوسبرت مغني الهيب هوب الألماني المعروف باسم «ديزو دوغ» الذي اعتنق الإسلام في 2010 وانضم بعدها إلى «داعش» (واشنطن بوست)
TT

من موسيقى الهيب هوب إلى قلب «داعش»

دينيس كوسبرت مغني الهيب هوب الألماني المعروف باسم «ديزو دوغ» الذي اعتنق الإسلام في 2010 وانضم بعدها إلى «داعش» (واشنطن بوست)
دينيس كوسبرت مغني الهيب هوب الألماني المعروف باسم «ديزو دوغ» الذي اعتنق الإسلام في 2010 وانضم بعدها إلى «داعش» (واشنطن بوست)

كانت فتاة متمردة ذات شعر أحمر، معروفة وسط أسرتها بعشقها للغناء وبألفاظها السوقية والوشم على جسدها. كانت تلك الفتاة ذات الواحد والعشرين ربيعا المهووسة بموسيقى الهيب هوب، لا تحلم سوى بأن تصبح مثل المغني إمنيم في بلدها هولندا. ولكن الفتاة (بتسي) اعتنقت الإسلام.
بعد اعتناقها المفاجئ إللسلام في الصيف الماضي، بدأت بتسي، وهو الاسم الذي اختارت أسرتها استخدامه للإشارة إليها لحماية هويتها، في ارتداء الزي الإسلامي، وبحلول يناير (كانون الثاني) أخذت تلك الفتاة الهولندية التي كانت ملحدة وسط أسرة لا يربطها بالدين سوى كتاب إنجيل يعلوه التراب موضوع على أحد الأرفف، في الدفاع عن الإرهابيين المولودين في الغرب.
ودفعتها المشاحنات مع أبيها حول تطرفها الظاهر إلى مغادرة المنزل لتظهر بعدها بعدة أيام، حسبما تقول أسرتها والسلطات الهولندية، في سوريا حيث تستعد بتسي لأن تكون عروسا لأحد مقاتلي «داعش». بالإضافة لكونها جزءا من أزمة متنامية في أوروبا حيث تتزايد أعداد الشباب القادمين من أصول غير إسلامية والمسافرين إلى الشرق الأوسط لتلبية نداء التطرف المسلح. إنه أمر يحدث بالفعل حسبما يقول خبراء مكافحة الإرهاب، فمعتنقو الإسلام يظهر من بينهم أكثر العناصر تطرفا وخطورة وهو ما ظهر جليا في هذا الأسبوع عندما اشترك إلتون سيمبسون (30 عاما)، وهو أميركي اعتنق الإسلام مع رجل آخر، في إطلاق نار في غارلاند بولاية تكساس أثناء عقد مسابقة رسوم كارتونية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وتقول والدة بتسي، التي طلبت عدم ذكر اسمها تجنبا لتعريض ابنتها للخطر: «لا ألوم الإسلام على ذلك، بل اللوم يقع على أولئك الناس الذين جعلوها تعتقد أن التطرف هو جادة الصواب».
وفيما تتزايد جهود «داعش» في تجنيد العناصر الجديدة، تتزايد المخاوف في الغرب بدرجة كبيرة إزاء الجاليات المسلمة في أوروبا التي خرج منها نحو 4 آلاف شاب مسلم يعانون من الانعزال عن مجتمعاتهم لينضموا إلى «داعش» في سوريا والعراق. وبمجرد وصولهم إلى هناك يتحولون إلى ما يسميه مسؤولو المخابرات «أخطر نوع من المتشددين؛ أصحاب جوازات السفر الغربية».
لكن جاذبية «داعش» لا تكاد تقتصر على الأسر المسلمة؛ ففي حقيقة الأمر هناك 1 من بين كل 6 أوروبيين انضموا إلى «داعش» جاء من وسط عائلات غير مسلمة تدين بديانات أخرى مثل المسيحية أو من بين الأوساط اللادينية؛ ففي بعض الدول مثل فرنسا فإن نسبة معتنقي الإسلام بين المغادرين إلى سوريا والعراق ترتفع بدرجة كبير، حيث تصل إلى 1 من بين كل 4 حسبما يشير مسؤولو المخابرات الأوروبية وخبراء مكافحة الإرهاب.
استهداف الغربيين بواسطة جهاز الدعاية التابع لـ«داعش»
يبدو أن «داعش» يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد أعضاء جدد حسبما يظهر مقطع الفيديو الدعائي هذا، ويظهر فيه متحدثون باللغة الإنجليزية يناشدون آخرين الانضمام إليهم. ويتواصل انضمام معتنقي الإسلام إلى «داعش» فيما تعمل أجهزتها الدعائية بنشاط على استقطاب معتنقي الإسلام واستخدام أساليب دعائية ماهرة وحملات لضم مقاتلين جدد.
واتجه عدد من النساء اللاتي اعتنقن الإسلام والمنضمات إلى «داعش»، إلى استخدام مواقع «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستاغرام» لحث الآخرين على الانضمام إليهن. وتتزايد أعداد معتنقي الإسلام الذين يستخدمهم «داعش» في دعايته التي تستهدف الغرب ومن بينها مقاطع فيديو بغرض التجنيد، بالإضافة إلى بث الخوف في أوساط الغربيين.
في أحد مقاطع الفيديو، على سبيل المثال، يظهر السويدي معتنق الإسلام مايكل نيكولاي سكرامو، الذي نشأ بالقرب من مدينة غوتنبورغ والذي يعتقد المسؤولون الأمنيون الأوروبيون أنه انتقل بصحبة زوجته وابنيه إلى الرقة في سوريا في سبتمبر (أيلول)، وهو يتحدث بالعربية والسويدية، داعيا المزيد من المقاتلين الغربيين إلى الانضمام إلى «داعش» قائلا: «باب (الجهاد) مفتوح بانتظاركم.. إنه أسرع طريق للجنة».
وفي فيديو آخر أصدره «داعش» في العام الماضي، يظهر فيه الكثير من المقاتلين من بينهم «المتطرف جون» أو محمد إموازي الذي كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن هويته، وهم ينحرون رقاب طيارين سوريين أسرى. وتم التعرف على هوية واحد على الأقل من القتلة وهو ماكسيم أوشار، الفرنسي القادم من نورماندي والمعتنق للإسلام.
وفي الشهر الماضي، نشر «داعش» مقطع فيديو عالي الجودة تظهر فيه أفعاله الوحشية فيما ينشد فيه (دينيس كوسبرت) مغني الهيب هوب الألماني المعروف باسم «ديزو دوغ» الذي اعتنق الإسلام في 2010 وانضم بعدها إلى «داعش»، أنشودة أشبه بأغاني الراب، يشبه فيها «الجهاد» بالطريق إلى نيل القوة والثراء الروحي والانتقام والمغامرة.
وكان سيبمسون، الذي قتل بصحبة نادر الصوفي (34 عاما) بعد فتح النار على حارس المبنى أثناء إجراء المسابقة، قد ولد في ولاية إلينوي واعتنق الإسلام في سن صغيرة ليتحول بعدها إلى الفكر المتشدد، وقد وصفه محاميه بأنه إنسان شديد التدين، فيما يعتقد مسؤولون أميركيون أنه وصوفي قد تأثرا بالفكر الداعشي.
واشتبهت السلطات في وقت سابق في محاولة سيمبسون السفر إلى الشرق الأوسط للانضمام للجماعات المسلحة حيث تحدث مع عميل للمباحث الفيدرالية في 2009، فقال له: «حان الوقت للذهاب إلى الصومال يا أخي». ثم قال له في وقت لاحق: «سننجح في الوصول إلى أرض المعركة، حان الوقت كي نتحرك»، حسبما ذكرت وثائق المحكمة.
ويقول جمال الحاجي، إمام مسجد السنة في لاهاي، وهو المسجد الذي كانت ترتاده بتسي في بعض الأحيان، بأن «الداخلين الجدد في الإسلام يعدون صيدا سهلا لأنهم ليسوا على دراية كافية بالإسلام، فعندما نعقد حلقات درس لمعتنقي الدين، يكون بانتظارهم خارج المسجد في بعض الأحيان أناس متشددون، لكي يتحدثوا معهم».
من هم معتنقو الإسلام؟
في الفترة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011، ظهرت حالات من معتنقي الإسلام المتشددين في أوروبا وأميركا من أمثال آدم غادان، الأميركي الذي ترقى ليصل إلى مراتب قيادية في «القاعدة» وجون ووكر ليند، وهو أميركي آخر حارب مع طالبان في أفغانستان. لكن رقم معتنقي الإسلام الذين يسارعون لمساعدة «داعش» أكبر بكثير من عددهم في أي أزمة معاصرة شهدها العالم الإسلامي، حسبما يقول الخبراء.
* خدمة «واشنطن بوست»



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.