القضاء الأميركي: نشاط وكالة الأمن القومي في جمع تفاصيل المكالمات غير دستوري

في تقرير من 97 صفحة: تخطت الحدود التي يسمح بها الكونغرس

القضاء الأميركي: نشاط وكالة الأمن القومي في جمع تفاصيل المكالمات غير دستوري
TT

القضاء الأميركي: نشاط وكالة الأمن القومي في جمع تفاصيل المكالمات غير دستوري

القضاء الأميركي: نشاط وكالة الأمن القومي في جمع تفاصيل المكالمات غير دستوري

اعتبرت محكمة استئناف أميركية أمس أن جمع وكالة الأمن القومي بيانات هاتفية للأميركيين على نطاق واسع «غير مشروع»، مشيرة إلى أنها تخطت الحدود التي يسمح بها الكونغرس.
وفي تقرير من 97 صفحة أشارت محكمة الاستئناف إلى أن القوانين التي استندت إليها وكالة الأمن القومي الأميركي لتبرير جمع المعلومات «لم تفسر يوما على أنها تسمح بمثل هذا الحجم من عمليات التجسس المعممة هذه».
وجاء قرار المحكمة بعد دعوى رفعها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ضد وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي بعد تسريبات المتعاقد السابق مع الوكالة إدوارد سنودن والتي بينت حجم برنامج التجسس». وتتضمن المعلومات التي جمعتها الوكالة الملايين من البيانات الهاتفية ومن بينها الأرقام والأوقات ومعلومات أخرى ولكن ليس محتوى الاتصال». وبالنسبة لمناصري الحقوق المدنية فإن برنامج التجسس يعتبر انتهاكا فاضحا للخصوصية ولا يساعد سوى بشكل محدود في جهود مكافحة الإرهاب».
ولم تصدر المحكمة حكما قضائيا حول المسائل الدستورية المتعلقة بجمع هذا الكم من المعلومات إلا أنها أشارت إلى أن الحكومة تخطت بكثير الحدود التي يسمح بها الكونغرس في البند 215 من قانون مكافحة الإرهاب (باتريوت».
وجاء في نص المحكمة أن «ليس هناك أي دليل على أن الكونغرس سعى من خلال هذه التشريعات للسماح بجمع كمية من المعلومات حول حسابات كل أميركي وسجلاته التعليمية ووضعها في إطار سجل معطيات». وأضافت: «التفسير الذي تطلب الحكومة منا تبنيه يتخطى حدود المبادئ. وإذا كانت الحكومة على حق، فبإمكانها أن تستخدم البند 215 لجمع وحفظ أي معطيات أخرى موجودة في أي مكان في القطاع الخاص، ومن بينها المعطيات المرتبطة بالسجلات المالية، الطبية والاتصالات الإلكترونية (وتتضمن الرسائل الإلكترونية والمعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي) الخاصة بكل الأميركيين». ورفضت المحكمة إصدار قرار لوقف البرنامج، على اعتبار أنه لن يكون له أي معنى بما أن صلاحية القانون ستنتهي في الأول من يونيو (حزيران).
ويبحث المشرعون الأميركيون حاليا في إجراء تعديلات على القانون أو تمديده.
وتابعت المحكمة أنه «على اعتبار أن الأمن القومي في خطر، نعتقد أنه من المجدي أن نتريث لفتح المجال أمام نقاش في الكونغرس من شأنه تعديل المنظور القانوني أو عدم تعديله».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.