لأول مرة.. إسرائيل تعترف بفشل عملية اغتيال الضيف وتؤكد أنه يقود القسام

تل أبيب تسمح بإدخال 14 ألف طن من مواد البناء إلى قطاع غزة

لأول مرة.. إسرائيل تعترف بفشل  عملية اغتيال الضيف وتؤكد أنه يقود القسام
TT

لأول مرة.. إسرائيل تعترف بفشل عملية اغتيال الضيف وتؤكد أنه يقود القسام

لأول مرة.. إسرائيل تعترف بفشل  عملية اغتيال الضيف وتؤكد أنه يقود القسام

للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة، الصيف الماضي، اعترفت إسرائيل بأن عملية اغتيال محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس في غزة، قد فشلت، إذ قالت مصادر إسرائيلية مسؤولة إن الضيف لم يقتل خلال عملية الجرف الصامد على غزة، بل عاد لممارسة عمله على رأس كتائب القسام.
وكانت إسرائيل قد أصرت خلال شهور طويلة على أن مصير الضيف كان غامضا بعد قصف عنيف ومفاجئ، استهدف منزلا في غزة ليلة التاسع عشر من أغسطس (آب) الماضي، اتضح فيما بعد أن الضيف كان بداخله فعلا قبل دقائق قليلة من تنفيذ العملية، وأعلنت حركة حماس وقتها أن العملية أودت بحياة زوجة الضيف واثنين من أبنائه، لكنه حي يرزق، إلا أن إسرائيل شككت في هذه الرواية بشدة.
وقبل الإعلان عن وضع الضيف، كانت ثمة ترجيحات كبيرة في إسرائيل أنه إذا لم يكن قد توفي خلال محاولة اغتياله الأخيرة، فإنه قد أصيب بشكل خطير على الأقل وإن مصيره غامض، ولكن بالأمس بدد مسؤولون كل ذلك كما يبدو بعد تحقيقات طويلة ومعلومات مؤكدة.
وقد جاء الإعلان عن وضع الضيف في سياق التحريض بأنه يقود القسام نحو جولة جديدة من القتال، حيث قالت مصادر إسرائيلية إن الضيف يعمل باستعجال لتجهيز حركة حماس للحرب الجديدة، عبر تجهيز أنفاق هجومية جديدة، وبناء ترسانة أسلحة جديدة وتطوير مدى الصواريخ إلى أبعد حد ممكن. لكن المصادر ذاتها أشارت إلى أن هذا كله يجري وسط علاقة متوترة بين الضيف وقيادة الجناح السياسي لحماس، إذ يتهم الجناح العسكري من بين أمور أخرى، الجناح السياسي بإفشال عملية كبيرة كان يُحضر لها الضيف، قبل الحرب الأخيرة على غزة، إضافة إلى خلاف آخر يتعلق بالتقارب مع إيران.
وكانت خلافات قد ظهرت بين القسام وقيادة الحركة حول كيفية إدارة المواجهة الأخيرة مع إسرائيل؛ حيث قالت مصادر إن الجناح المسلح لحماس كان قبل بداية الحرب يخطط لمباغتة إسرائيل عبر إرسال أعداد كبيرة من مسلحي الحركة عبر الأنفاق إلى عمق الأراضي الإسرائيلية، على أن يستولي هؤلاء المسلحون على كيبوتس «كيرم شالوم» على حدود غزة، قبل أن يقتلوا ويخطفوا مجموعة كبيرة من الإسرائيليين، لكن القيادة السياسية لحركة حماس لم توافق على هذه الخطة خشية اندلاع حرب جديدة ودموية، وهو الأمر الذي بدأ فعلا بعد قليل، وهو ما أثار غضب القسام. وهناك خلاف آخر مهم بحسب المصادر، حيث يسعى الضيف إلى تعزيز العلاقة بين الحركة وإيران لضمان الحصول على الأموال ووسائل قتالية إيرانية، في حين تتردد قيادة الحركة في ذلك، وتسعى للتقارب مع دول أخرى على النقيض من إيران.
ولم تعقب كتائب القسام على التقارير الإسرائيلية، كعادتها، لكن قائد حماس في غزة ونائب رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، قال للصحافيين في غزة، إن «إقرار الاحتلال بأن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف ما زال على قيد الحياة ويقوم بمهامه القيادية، هو دليل على فشل الاستخبارات الإسرائيلية في الوصول للقيادات الفلسطينية، وانتصار للمقاومة الفلسطينية.
من جهة ثانية، سمحت إسرائيل أمس بإدخال 14 ألف طن من مواد البناء إلى قطاع غزة، مما يشكل أكبر شحنة من هذه المواد منذ عملية الجرف الصامد العام الماضي.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».