بعد 12 سنة من المطاردات للمطلوب رقم 6.. دم عزة الدوري يضيع بين القبائل

وزارة الصحة العراقية: لا وجود لمحددات تخص الجثة لدينا

عزة الدوري
عزة الدوري
TT

بعد 12 سنة من المطاردات للمطلوب رقم 6.. دم عزة الدوري يضيع بين القبائل

عزة الدوري
عزة الدوري

بينما كان يتوقع ظهور نتائج فحص الحمض النووي على جثة سلمتها «كتائب حزب الله» إلى وزارة الصحة العراقية يعتقد أنها لعزة الدوري، نائب رئيس النظام العراقي السابق، فإن المدة التي يستغرقها الفحص طالت أكثر مما يجب. بل إن وزارة الصحة أعلنت الخميس الماضي أن سبب تأخير الإعلان عن نتيجة تحديد هوية الجثة هو عدم وجود المحددات الخاصة بالدوري في مختبراتها.
وأضاف بيان للوزارة أنه «جرت العادة بإجراء الفحوص المختبرية لتحديد الحمض النووي الوراثي وبالفعل تم استحصالها من العينات المأخوذة من الجثة ولكن بسبب عدم وجود المحددات الخاصة بالمجرم المذكور في مختبراتنا والتي يتم الاستناد إليها لإجراء عملية المطابقة والمضاهاة لتحديد هوية الجثة، تسبب في تأخير النتيجة الدقيقة». وبانتظار نتائج الفحص التي لم يعد أحد يعرف كم من الوقت ستطول فإن الأمر الأكثر غموضا في المشهد كله هو ما قيل عن العثور على جهاز هاتف جوال في جيب جثة لم يجر التأكد مما إذا كانت تعود للدوري أم لمجهول آخر يضاف إلى سلسلة المجهولين المنتمين إلى مسمى واحد هو عزة الدوري.
وعندما سقطت بغداد يوم 9 أبريل (نيسان) عام 2004 كانت القيادة العراقية السابقة، بمن فيها رأس النظام صدام حسين، قد انتقلت للعمل تحت الأرض. وبعد أيام من سقوط النظام نشرت القوات الأميركية في العراق قائمة بكبار المطلوبين من أركان النظام السابق وتضم 55 شخصية يتقدمهم صدام حسين. ومع أن الدوري كان الرجل الثاني في النظام العراقي آنذاك إلا أن تسلسله في القائمة الشهيرة حمل رقم 6 حيث تقدم عليه من حيث الأهمية كل من ولدي صدام، عدي وقصي، وابن عمه علي حسن المجيد وسكرتيره الشخصي عبد حمود ومن ثم الدوري.
الخمسة الذين سبقوا الدوري في الأهمية أميركيا وتاليا عراقيا بعد أن أعطيت السيادة للعراقيين حتى على المستوى الشكلي في شهر يونيو (حزيران) عام 2004 قضوا جميعا (صدام والمجيد وحمود نفذ فيهم حكم الإعدام بينما عدي وقصي قتلا في مواجهة مع الأميركيين بمدينة الموصل) في حين بقي الدوري حرا طليقا. وحتى بعد حين فإن عددا آخر من كبار أعضاء القيادة العراقية مثل طارق عزيز نائب رئيس الوزراء (لا يزال محكوما بالإعدام) وطه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية (نفذ فيه حكم الإعدام) وسلطان هاشم أحمد وزير الدفاع (أشهر المحكومين بالإعدام من أركان النظام السابق) إما تم اعتقالهم أو سلموا أنفسهم بطرق مختلفة.
الدوري الذي كان مريضا بسرطان الدم كانت كل التوقعات تشير إلى أنه إما يسلم نفسه أو يموت. وبينما لم يكن أحد يتوقع مقتله لكونه غير قادر بسبب المرض أو عدم القدرة على المواجهة المباشرة فإنه وفي غضون السنوات الـ12 من عمر التغيير حظي بأكبر عدد من إعلان حالات الوفاة أو القتل أو الاغتيال. وكانت إحدى حالات إعلان اعتقاله أو اغتياله في عهد رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي (عام 2004) الذي استشاط غضبا لكثرة الإعلانات المتكررة عن اعتقال الدوري أو اغتياله فضرب المكتب بيده بقوة الأمر الذي أدى إلى حصول كسر أو فطر في يده التي بقيت مشدودة لمدة من الزمن.
ومن ذلك التاريخ وحتى اليوم فإن مستشار الأمن الوطني السابق موفق الربيعي كان بلا منازع بطل اغتيالات واعتقالات عزة الدوري في مناطق مختلفة من العراق. بعض حالات الاعتقال أو الاغتيال يسارع حزب البعث، الذي تزعمه الدوري بعد إعدام صدام حسين إثر خلاف شهير مع القطب الآخر المقرب من سوريا يونس الأحمد، إلى نفيها. وأحيانا كانت تسود فترة من الصمت قد يطول بعضها لعدة سنوات يكاد الناس ينسون فيها المطلوب السادس لا سيما مع تدني درجة الاهتمام الأميركي بباقي المطلوبين وعلى رأسهم الدوري فتبدأ بعض الشائعات بالظهور بشأن احتمال وفاة الدوري أو وجوده خارج العراق لاستحالة تمكنه من البقاء داخل البلاد. غير أن الدوري سرعان ما كان يفاجئ الجميع بتسجيل صوتي أو تلفازي يقطع الشك باليقين وكان آخر تسجيل للدوري ليس من شأنه إثارة أقل قدر من الشك هو الخطاب الصوتي الذي بثه في 5 من أبريل الحالي وأعلن فيه تأييده لـ«عاصفة الحزم»، وعدّها «عودة قوية للقومية العربية»، مطالبًا التحالف العربي بالتدخل لوقف المد الإيراني في العراق والمنطقة.
ولعل أكثر ما أثار الانتباه في خطب الدوري الصوتية هو ما أعلنه العام الماضي خلال احتلال الموصل من قبل تنظيم داعش عندما حيا تنظيمي «داعش» و«القاعدة» معتبرا أن ما حصل «ثورة ضد الاستعمار الصفوي». ليس هذا فقط، بل إنه عد آنذاك أن تحرير بغداد بات «قاب قوسين أو أدنى».
لكن في 17 أبريل وخلال عملية مشتركة لقوات الجيش وعناصر الحشد الشعبي وقوات العشائر فقد تم «قتل» عزة الدوري إلى حد أن دمه ضاع بين القبائل.
ومع الأهمية الرمزية لمقتل الدوري، إذا كانت الجثة الموجودة لدى وزارة الصحة هي فعلا له، فإن الناطق باسم الحشد الشعبي كريم النوري قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من الأهمية التي يمثلها مثل هذا الخبر بالقياس إلى المهمات التي يجب استكمالها. وقال النوري إن «مقتل الدوري الذي كان الرجل الثاني لصدام لا نريده أن يسرق مهامنا الحقيقية في مواجهة الإرهاب واستكمال ما حققناه من إنجازات»، مشيرا إلى أن «الدوري كان ينسق العمليات الإرهابية بين البعثيين و(داعش) وأنه أحد رموز الإرهاب وقد نال جزاءه الذي يستحقه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.