تصاعد المواجهات الدامية بين الميليشيات وتنظيم داعش في مدينة القذافي

حكومة الثني تتهم «فجر ليبيا» بتفجير مسجد في طرابلس

زاوية الكيتاني الصوفية داخل مسجد القدس التي تعرضت لهجوم في العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
زاوية الكيتاني الصوفية داخل مسجد القدس التي تعرضت لهجوم في العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد المواجهات الدامية بين الميليشيات وتنظيم داعش في مدينة القذافي

زاوية الكيتاني الصوفية داخل مسجد القدس التي تعرضت لهجوم في العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)
زاوية الكيتاني الصوفية داخل مسجد القدس التي تعرضت لهجوم في العاصمة طرابلس أمس (أ.ف.ب)

في حين بدأ الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، زيارة مفاجئة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، احتدمت، أمس، المواجهات الدامية بين ميليشيات فجر ليبيا وتنظيم داعش في مدينة سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، وذلك بالتزامن مع أحدث تفجير إرهابي استهدف مسجدا للصوفيين في العاصمة طرابلس.
وكشفت وكالة أنباء الإمارات الرسمية، أمس، عن وصول حفتر إلى أبوظبي، وعقده اجتماعا لم يسبق الإعلان عنه، مساء أول من أمس، مع الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، تناول بحث ما وصفته بالعلاقات الأخوية بين البلدين. ونقلت الوكالة عن الشيخ منصور بن زايد تأكيده خلال اجتماعه مع حفتر على وقوف الإمارات الدائم مع الشرعية، وتأييدها للحكومة المعترف بها دوليا، والمنبثقة عن البرلمان الليبي الذي أفرزته انتخابات حرة ونزيهة.
كما أكد حرص بلاده على أن يعم الأمن والاستقرار أرجاء ليبيا، مشيرا إلى أن الإمارات تدعو كل الأطراف إلى نبذ الخلافات والتوافق، وبذل كل جهد ممكن من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا.
وتُعتبر الإمارات ثالث دولة عربية بعد مصر والأردن، يزورها حفتر، إثر تعيينه قائدا عاما للجيش الليبي من قبل مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي مقرا مؤقتا له، ويحظى باعتراف المجتمع الدولي.
إلى ذلك، حذرت ميليشيات فجر ليبيا، التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ صيف العام الماضي، سكان المدينة من الخروج في مظاهرات ضدها، اليوم (الجمعة)، مثلما حدث خلال الأسبوع الماضي، في إطار الانتفاضة الشعبية ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة. ودعت هذه الميليشيات عبر مكتبها الإعلامي السكان إلى التحلي بروح الهدوء والسكينة، وعدم الالتفات لكل الشائعات المغرضة، وأضافت موضحة: «نطمئن الجميع بأن قوات فجر ليبيا يذودون عن حياض العاصمة ويسهرون على حمايتها».
كما حذرت «ضعاف الأنفس الذين يخدمون مصالح الانقلابيين بإثارة نوع من الفوضى والبلبلة داخل العاصمة، كالتزاحم في طوابير طويلة على البنزين، أو على بعض المواد الأساسية».
وكان الناطق الرسمي باسم شركة «البريقة» لتسويق النفط، قد نفى وجود أزمة بنزين داخل طرابلس، وقال إن عملية تزويد المحطات بالوقود مستمرة، وتتم بشكل منتظم واعتيادي. لكن في المقابل قال سكان محليون في طرابلس إن بعض محطات التزود بالوقود تشهد منذ يومين أزمة فعلية بسبب نقص الكميات التي تصل إلى محطات الوقود.
إلى ذلك، دمر مجهولون، فجر أمس، زاوية الكيتاني الصوفية داخل مسجد القدس، الواقع بشارع الجمهورية في العاصمة طرابلس، بعدما استهدفوها بعبوة ناسفة، ألحقت أضرارا مادية كبيرة بالمسجد. وأدى التفجير، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، إلى تناثر الحطام داخل المسجد، وفي تحطم بابه الرئيسي، وتضرر بعض أرجاء فنائه الخارجي، معتبرة أن التفجير، الذي لم يخلف أضرارا بشرية، يأتي في إطار سلسلة تخريبية تعرضت لها بعض المساجد في المدينة القديمة بطرابلس.
من جهتها، اعتبرت الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني، أن التفجير دليل آخر على ما آلت إليه الأوضاع بالعاصمة طرابلس من تردٍّ، واتهمت ميليشيات فجر ليبيا بالقيام بما وصفته بأنه «جريمة نكراء». وأكدت الحكومة مجددًا على تحذيراتها السابقة منذ استيلاء من وصفتهم بعصابات «فجر ليبيا» على العاصمة، وسعي أفرادها إلى «تخريب وتدمير المدينة ومعالمها، وقتل وخطف شبابها. فبعدما أحرقوا ودمروا مطار طرابلس، وسوق الثلاثاء، وبعدما سرقوا تمثال الغزالة وفجروا السفارات، واستهدفوا البعثات الدبلوماسية».
ودعت حكومة الثني المجتمع الدولي والدول الصديقة للوقوف إلى جانبها، ومساندتها وتقديم العون لها، حتى تتمكن من محاربة الإرهاب وضربه، وبسط سيطرتها على جميع ربوع الوطن عبر المؤسسات الأمنية الشرعية، المتمثلة في الجيش والشرطة.
إلى ذلك، أعلنت غرفة عمليات «فجر ليبيا» عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن مقتل القائد الميداني للكتيبة 166 إبراهيم عبد الله سفيان، والملقب بـ«بالطيب»، خلال مواجهات عنيفة مع تنظيم ‏داعش، الذي يسيطر على المقار الإدارية والحكومية مند أكثر من شهرين، في مدينة سرت الساحلية.
وقصف الطيران الحربي، التابع لميليشيات «فجر ليبيا»، تمركزات لعناصر «داعش» شرق المدينة، بينما تحدث شهود عيان عن سماع دوي انفجار كبير هز منطقة مجمع قاعات واغادوغو، حيث يوجد التنظيم المتطرف. وكانت الاشتباكات العنيفة قد اندلعت أمس مجددا بين قوات الكتيبة 166، التابعة لرئاسة الأركان، والمكلفة من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، ومسلحي «داعش»، حيث أوضح الناطق الرسمي باسم الكتيبة أن المواجهات التي وقعت بالطريق الساحلي الجنوبي والشرقي للمدينة، استعملت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة، مشيرا إلى أن هذه الاشتباكات أسفرت عن مقتل عنصرين من أفراد الكتيبة، وجرح خمسة آخرين.
بموازاة ذلك، زعمت الحكومة التي تسيطر على طرابلس أنها ستتصدى لأي خطوات أحادية الجانب، يتخذها الاتحاد الأوروبي لمهاجمة مواقع يستخدمها مهربو البشر، وحثت الاتحاد على التشاور معها بشأن خطط مواجهة أزمة الهجرة، حيث أوضح محمد الغيراني، وزير الخارجية في الحكومة الموازية، أن حكومته المنافسة للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، عرضت مرارا المساعدة في التعامل مع المهاجرين، الذين ينطلقون من الشواطئ التي تسيطر عليها، لكن اقتراحاتها رفضت.
وقال الغيراني في مقابلة صحافية: «نحن نفعل ما بوسعنا حتى تتعاون أوروبا معنا في التصدي للهجرة غير الشرعية، لكنهم يقولون لنا دائما إننا لسنا الحكومة المعترف بها دوليا. والآن لا يمكنكم اتخاذ قرار بمثل هذا التحرك. عليهم الحديث معنا».
ونقلت «رويترز» عن مسؤول أمني قوله إن قوات الأمن الموالية لحكومة طرابلس ألقت القبض على 45 شخصا من بنغلاديش كانوا في انتظار المهربين لنقلهم.
وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا بعد أكثر من ثلاث سنوات على الإطاحة بالقذافي، بينما لا يعترف المجتمع الدولي سوى بحكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني، التي تباشر عملها من الشرق منذ سيطرة ميليشيات فجر ليبيا على طرابلس صيف العام الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».