المشهد

المشهد
TT

المشهد

المشهد

* تقنيات عدّة وجمهور واحد

* آنغ لي (مخرج «حياة باي» و«بروباك ماونتن» من بين أخرى)، يصوّر فيلمه الجديد «نصف مسيرة بيلي لين» بسرعة 120 كادر في الثانية. كلنا نعلم أن السرعة المعتمدة منذ أيام الأبيض والأسود الصامت هي 24 ثانية، لكن هناك اتجاهات تقنية حديثة باتت توفّر خروجًا عن التقليد لمن يرغب، وآنغ لي يرغب.
* يقول: «توفير سبل أفضل لمعايشة مشاهد المعارك الحربية كما تُدار اليوم وكما يختبرها الجنود أنفسهم». ويضيف أنها «المرّة الأولى التي يتم فيها استخدام هذا النظام كاملاً في فيلم»، مما يعني أن هناك أفلاما استخدمت النظام في مشاهد دون أخرى.
* الكاميرا من نوع Sony F65 التي تستطيع تصوير الحركة بنظام مرتفع النسبية. ومن اللافت أن محاولة الفكاك من النظام القديم لها سابقة في جزأي بيتر جاكسون من فيلم «ذا هوبيت» (2011 و2013) فهو استخدم نظامًا قوامه 48 كادرا في الثانية بكاميرات ديجيتال من نوع Red Epic وZeiss Ultra Prime.
* كثير من الأفلام الأخرى تميل إلى كاميرات ديجيتال تستطيع تأمين تلك المعايشة باستخدام النسبة التقليدية (24 كادر في الثانية) ومنها مثلاً Zeiss Super Speed. لكن المشاهد معه حق إذا لم يأبه لما إذا كان الفيلم تم تصويره بسرعة 24 أو 48 أو 120 كادرا في الثانية، لأن ما يبغيه هو فيلم جيّد في ترفيهه على الأقل.
* طبعًا لن يرضى الجمهور بالعودة إلى أيام الكاميرا التي كانت تشبه صندوق «البويجي»، لكن بقوائم. لكن بفضل تلك الكاميرا الأولى صار لدينا مخزون كبير من الثروة السينمائية، فكل الأفلام الصامتة وما بعد صوّرت بالطريقة نفسها وألهبت حماس المشاهدين آنذاك، ولا تزال تثير إعجاب وتعجب الجمهور الذي يعيد اكتشاف السينما الصامتة وسينما الثلاثينات والأربعينات.
* الحاصل منذ ذلك الحين أن الرغبة في تطوير السينما لم تتوقف. هناك أفلام صامتة تعود إلى العشرية الأولى من القرن الماضي لوّنت باليد. وبل هناك من تلك الحقبة أفلام، ولو قليلة، تم تصويرها بصحبة تسجيل صوتي، ثم تم عرض الفيلم وشريط الصوت معًا لكي يأتي مطابقًا (تحديدًا فيلم «سيرانو دي برجيراك» للفرنسي موريس كليمنت سنة 1900).
* في الخمسينات بدأت نزعة التصوير بالأبعاد الثلاثة، وفي الستينات تم استخدام «السينما سكوب»، وازداد الطلب على التصوير بحجم 70 مم، ثم تم اختراع السينيراما، حيث 3 آلات عرض تعرض الفيلم الواحد في 3 اتجاهات: يمين، ويسار، ومنتصف. النتيجة على شاشة شبه مقوّسة بحيث تشعر كما لو كنت
وسط ما يدور على الشاشة.
* شاشات IMAX ما زالت آخر إنجازات العروض السينمائية لجانب الأبعاد الثلاثة. مشاهدة فيلم على تلك الشاشات يدلف بك لتجربة تختلف عن تلك التي اعتدت عليها. الأبعاد الثلاثة هي وهم بصري يريدك أن تعيش الفيلم من خلال البعد الثالث، فتجد أن النار الخارجة من فم التنين تخرج أيضا من الشاشة أمامك وتكاد تصل إليك. طبعًا تستطيع خلع النظارة وإيقاف الوهم أو أن تشاهد الفيلم ذاته بالبعدين التقليديين، وأحيانا ما يكون الاستمتاع مضاعفًا بعد كسر حدّة الوهم التقني.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.