في منتصف العقد الثامن من عمره، تدل التشققات الساكنة في أصابعه على عدد العقود التي قضاها يشكل سلال القصب حتى صارت بلدته كفريا (شرق صيدا) تكنى بها.
إنه المعلم متى مخول، هو ليس آخر صناع سلال القصب لكنه أشهرهم. يقول: «منذ أن كنت طفلا بعمر الخامسة عشرة شدتني القصبات المنزرعة على ضفة النهر إلى مهنة تصنيع السلال. كان والدي وقبله والده يعيشان منها».
هرم المعلم متى وهو يلاحق زراعات القصب على ضفاف المياه وعند أطراف البساتين يقطفها طرية لأن اليابس منها يتمرد على أصابعه. ولا تطاوعه في الليّ قشة جنب قشة حتى تستحيل سلة قصب تعوّد اللبنانيون عليها وما زالت حتى اليوم تزين البساتين.
بالفعل عندما تزور بساتين الاكيدنيا وما أكثرها في تلك المنطقة ترى سلال القصب من إنتاج المعلم مخول معلقة فوق الشجر وعلى السيب (السلالم الخشبية) التي يتسلقها المزارعون لقطف غلالهم.
ويضيف متي: «أشرح القصبة طوليا ثم أنظفها من الشوائب وألينها قبل أن أبدأ معركتي معها في اللف من القعر إلى الجسم وانتهاء بالمسكة.. لتظهر سلة يشتهيها قلبك». ويضيف قائلا: «صناعة السلة الواحدة لا تستغرق معي أكثر من نصف ساعة وفي الموسم الواحد أصنع ألف سلة».
وعن كيفية تصريف مخول إنتاجه يقول: «بخلاف البستنجية (القائمين على البساتين) هناك بين زبائني سيدات ميسورات يأتين لشراء سلال لعرضها في منازلهن كشيء من التراث، أو يطلبن مني تصنيع سلال صغيرة تتناسب مع ديكوراتهن».
أيادٍ تحول قصبات الأنهار في لبنان إلى سلال لجني الغلال
تعوّد اللبنانيون عليها وما زالت حتى اليوم تزين البساتين
أيادٍ تحول قصبات الأنهار في لبنان إلى سلال لجني الغلال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة