توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية
TT

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

توقّف مصافي عدن يتسبب بكارثة إنسانية

قال مدير المؤسسة العامة للكهرباء المهندس خالد عبد المولى، إن "المنظومة الوطنية لشبكة الكهرباء على وشك الانهيار"، مؤكداً في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»، "أن العديد من المحافظات والمدن اليمنية "قد تغرق في الظلام الكلي ما لم تصل الإمدادات اللازمة من الوقود الثقيل المشغّل لمحطات الكهرباء"، آملاً أن يتم توفير "الحد الأدنى من احتياجات محطات الكهرباء لكونها خدمة أساسية تمسّ حياة كل مواطن يمني، وسوف تزداد حدة المعاناة الإنسانية في اليمن في حال تضررها".
وتفاقمت أزمة الكهرباء مؤخراً، وزادت في الأيام القليلة الماضية ساعات انقطاع التيار الكهربائي يومياً في العديد من المدن اليمنية، نتيجة المعارك العنيفة الدائرة في مدينة عدن ما بين المقاومين من أبناء المدينة وميليشيات الحوثيين وصالح الزاحفة إليها، وكان من ضمن تداعياتها المباشرة توقف الإنتاج كلياً في مصافي عدن، حيث يتم تكرير 150 ألف برميل نفط خام يومياً، تغذّي السوق المحلية باحتياجاته اليومية من البنزين والديزل. ومما ساهم في تفاقم الأزمة الراهنة الناتجة عن توقف مصافي عدن أنها تأتي بالتزامن مع توقف حركة السفن وخطوط الملاحة الدولية، وإعلان حظر المياه الإقليمية اليمنية من قبل وزير الخارجية المكلف في الحكومة الشرعية د/ رياض ياسين وتفويضه قوات تحالف عاصفة الحزم بمراقبة وحماية المياه الإقليمية اليمنية لمنع وصول الأسلحة لميليشيات الحوثي.
ولا تقتصر التداعيات السلبية الناجمة عن توقّف مصافي عدن على قطاع الكهرباء وحسب، وإنما على احتياجات السوق المحلي ككل. فقد تضرر القطاعان الزراعي والصناعي بشكل كبير، وتوقفت العديد من المنشآت الصناعية نتيجة انعدام وقود الديزل. وفي الوقت نفسه أيضاً تعاني العديد من المدن اليمنية أزمةً خانقة وانعداماً كلياً لمادة البنزين والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وارتفاع أسعارها، إلى درجة إصابة حركة السير بالشلل، وازدهار السوق السوداء، ومشاهدة طوابير السيارات واقفة في صفوف طويلة أمام محطات التزود بالوقود في العديد من المدن.
وفي السياق ذاته، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن "مليشيات الحوثي قامت بوضع يدها على كميات كبيرة من الوقود المخصّص للعديد من الجهات الحكومية، وتعمل على تخزينه في العديد من التجمعات والأحياء السكنية"، معطية الأولوية لما تسميه "المجهود الحربي على حساب احتياجات المواطن من الوقود والطاقة".
ويقتصر اعتماد السوق المحلي حالياً على ما تنتجه مصافي مأرب، وحسب التي بالكاد تغطي 10% من احتياجات السوق المحلي يتم توزيعها بين المحافظات من قبل شركة صافر الحكومية مشغّل مصافي مأرب وقطاع 18 النفطي. ولكن المشكلة تكمن في الاضطرابات المستمرة على طول الخط الرابط ما بين مأرب وصنعاء، والمواجهات المسلحة المتقطعة بين الحوثيين ورجال القبائل المقاومين لهم، إضافة إلى تدني إنتاج مصفاة مأرب وقدمها. ذلك أنها مصفاة قديمة أنشأتها شركة هنت الأميركية قبل عشرين عاماً بقدرة منخفضة، أثناء تشغيلها للقطاع صافر (أكبر قطاع نفطي في اليمن)، حيث إن إجمالي ما يتم تكريره في مصافي مأرب لا يتعدى 10 آلاف برميل نفط خام يومياً.
من جهة أخرى، غرقت العاصمة صنعاء في الظلام منذ فجر السبت الماضي (حتى اللحظة صباح الثلاثاء) نتيجة خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة، بسبب المعارك الدائرة في منطقة الجدعان بمحافظة مأرب ما بين ميليشيات الحوثي وصالح، وبين القبائل المقاومة لمحاولات زحفهم داخل المحافظة الغنية بالنفط والغاز والمنتجة لهما. وتغطي محطة مأرب الغازية ما يعادل 30% من احتياجات اليمن من الطاقة، في حين يتم توليد 70% من الطاقة الكهربائية في اليمن عن طريق الوقود الثقيل، من خلال العشرات من المحطات الكهربائية والبخارية، المنتشرة في العديد من المحافظات والمدن، وتعمل بوقود المازوت والديزل، الذي يتم استيراد 60% من احتياجاتهما من خارج اليمن، في حين توفر مصفاتا عدن ومأرب 40% من إجمالي الاستهلاك المحلي.
وقال مدير المؤسسة العامة للكهرباء المهندس خالد عبد المولى في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن "الفرق الفنية تمكنت من إصلاح الدائرة الأولى المتضررة في فرضة نهم، لكنها لم تتمكن منذ يومين من إعادة الدائرة الثانية المتضررة إلى الخدمة لصعوبة الوصول إلى منطقة الجدعان بمحافظة مأرب بسبب المعارك العنيفة هناك"، مشيراً إلى أن "المؤسسة تعمل جاهدة رغم صعوبة الأوضاع على إعادة التيار الكهربائي في صنعاء من خلال محطات الكهرباء الموجودة داخل العاصمة صنعاء، وبخاصة محطات حزير وذهبان، وإن بكفاءة أقل وبربع قدرتها التوليدية فقط، لكونها تعمل عبر وقود الديزل والمازوت المنعدمين في السوق المحلية".
واستطرد عبد المولى قائلاً إن "المشكلة تكمن في تهالك المنظومة الكهربائية وقدمها، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي مرت بها اليمن خلال الستة الأشهر الماضية، ونجم عنها خروج أكثر من 150 ميغاوات عن الخدمة قبل بدء غارات تحالف عاصفة الحزم، نتيجة عدم توفر الوقود المشغّل لها، والخلاف الحاصل بين مؤسسة الكهرباء ووزارة المالية، حيث إننا نستهلك على الأقل 75 ألف لتر شهرياً من الوقود، ولكن المالية لم تقدم لنا طوال الفترة الماضية سوى 40 ألف لتر فقط شهرياً، الأمر الذي ترتب عليه حدوث انطفاءات متكررة، وإن بساعات محدودة، في العديد من المدن والمحافظات".
وعن وضع الكهرباء في بقية المحافظات والمدن اليمنية ومدى تضررها نتيجة خروج محطة مأرب الغازية، ذكر مدير مؤسسة الكهرباء إن مدينة تعز وسط اليمن، ذات أكبر كثافة سكانية، تعيش "وضعاً مشابهاً لصنعاء لارتباط الشبكة الكهربائية، في حين لم تتضرر بشكل مباشر العديد من المحافظات كالحديدة وذمار". إلا أن عبد المولى حذّر "من قرب نفاد مخزون المازوت في المحطات البخارية الثلاث (رأس الكثيب والحسوة والمخا) على نحو الخصوص، مشدداً على "ضرورة السماح بوصول الإمدادات اللازمة من الوقود والمشتقات النفطية لئلا تتوقف هذه المحطات كلياً عن الإنتاج، مع العلم أنها تنتج حالياً أقل من ربع قدرتها التوليدية". وأضاف عبد المولى أن "المحطات البخارية ليس لديها ما يكفي من مادة الوقود"، مؤكداً أنها "لن تصمد أكثر من أسبوع في أحسن الأحوال".
وحول وضع الكهرباء في مدينة عدن التي تشهد معارك عنيفة ما بين ميليشيات الحوثي التي اجتاحت المدنية في ظل مقاومة شعبية مستمرة، قال مدير مؤسسة الكهرباء إن "منظومة عدن الكهربائية مستقلة بذاتها، وكذلك حضرموت، ولا تتأثر كما كان عليه الوضع في الفترة السابقة بمجرد خروج محطة مأرب الكهربائية عن الخدمة"، مشيراً إلى أنه "يتم تغذية محافظة أبين أيضاً، مسقط رأس الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تغذية جزئية بـ50 ميغاوات من عدن"، إلا أن المشكلة في عدن هي ذاتها في سائر المحافظات، والتي تكمن في "عدم توفر احتياجات المحطات الكهربائية من مادة الوقود"، لافتاً إلى أن الضرر الأكبر وقع في منطقة خورمكسر، بينما "تعمل محطتا الحسوة والمنصورة بشكل منتظم إنما بقدرة وكفاءة أقل".



من الركام إلى الخيام... قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
TT

من الركام إلى الخيام... قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)
كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)

مع اشتداد برد الشتاء في قطاع غزة، يشق نازحون فلسطينيون طريقهم كل يوم إلى بيوتهم التي دمرها القصف الإسرائيلي.

وهناك ينبشون بين الركام لاستخراج قضبان وأسياخ حديدية من بين الجدران المنهارة لاستخدامها في تثبيت خيامهم الواهية، أو بيعها لتأمين قوت يومهم في القطاع الذي يحتاج إلى سنوات للتعافي من آثار الحرب، وفقاً لـ«رويترز».

أصبحت تلك القضبان سلعة مطلوبة بشدة في قطاع غزة، حيث تتشابك بين الأنقاض التي خلّفتها الحملة العسكرية الإسرائيلية التي لم يسلم منها سوى القليل من المنازل. ويقضي بعض السكان أياماً في تكسير كتل الإسمنت لاستخراجها، فيما يستغرق آخرون أسبوعاً أو أكثر في هذا العمل الشاق.

ومع الاستعانة بأدوات بدائية من مجارف ومعاول ومطارق، يمضي العمل ببطء.

ملايين الأطنان

كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت، أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً. وأغرقت الأمطار الغزيرة بالفعل الأمتعة القليلة لكثير من سكان غزة، مما زاد من معاناتهم.

يحاول وائل الجبرا، وهو أب لستة أطفال يبلغ من العمر 53 عاماً، نصب خيمة مؤقتة بتثبيت قضيبين فولاذيين معاً.

وقال: «مفيش معي مصاري طبعاً إنه أشتري خشب... فاضطريت أطلّع الحديد هذا من البيت. وطبعاً البيت مكون من خمسة أدوار، مالناش إلا الله وهذا البيت اللي كان ساترنا وهاي حالتنا زي ما أنت شايف».

في نوفمبر (تشرين الثاني)، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الحرب في قطاع غزة خلَّفت ما يقدَّر بنحو 61 مليون طن من الأنقاض، بناءً على تقديرات تستند إلى صور الأقمار الاصطناعية.

وأضاف أن إزالة معظم هذا الركام قد تستغرق سبع سنوات إذا توفرت الظروف المناسبة.

قد يبلغ سعر سيخ حديدي طوله 10 أمتار 15 دولاراً وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى عائلات نازحة بالكاد تملك المال (أ.ف.ب)

سعر سيخ الحديد قد يصل إلى 15 دولاراً

قد يبلغ سعر سيخ حديدي طوله 10 أمتار 15 دولاراً، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى عائلات نازحة بالكاد تملك المال.

واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنه مسلحون تقودهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)على بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتقول إحصاءات إسرائيلية إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واختطاف 251 رهينة إلى غزة. وردَّت إسرائيل بحملة عسكرية قتلت أكثر من 70 ألف شخص ودمرت القطاع.

يصف سليمان العرجة (19 عاماً)، وهو يحمل دِلاء ثقيلة مملوءة بالركام ويدفع عربة يدوية، يومه المعتاد في البحث عن أسياخ الحديد قائلاً: «بنروح نلفلف على البيوت المهدمة بيتم الاتفاقية بينا وبين صاحب الدار ويقعد يخيّر فينا أنه يا إما نطلع ننظف الدار مقابل الحديد يا إمّا بننظف الدار بمقابل مادي، بنقولّه بدّنا الحديد، وبنقعد نكسر في الحديد. يعني زي ما انتو شايفين، بنقعد فيه أسبوع، والله مرات أسبوع ونص».

معاناة يومية

وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار وخطة تنمية اقتصادية لإعادة إعمار غزة التي كانت تعاني الفقر حتى قبل الحرب. لكن الفلسطينيين في القطاع لا يستطيعون حتى التفكير في المستقبل رغم التوصل إلى وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول).

فكل يوم هو معركة للبقاء بالنسبة إليهم، بعد أن تبخرت على مدى عقود آمال السلام وخططه، ولم يبقَ لهم سوى التركيز على النجاة.

يقول هيثم عربية (29 عاماً): «نشتغل بهذه الشغلة عشان نطلّع منها أكلنا وشربنا، عشان نطلّع حياتنا ومصروفنا، عشان مانحتاجش أي حدا.. عشان نطلّع لقمتنا بالحلال وبالتعب وهاي إيدينا.. عشان مانمدش إيدينا لحدا».

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بحرمان غزة من أسياخ الحديد التي تُستخدم في البناء. وقال مسؤول إسرائيلي لـ«رويترز» إن مواد البناء من السلع ذات الاستخدام المزدوج، فهي مواد للاستخدام المدني ولكن أيضاً يمكن أن يكون لها استخدام عسكري، ولن يُسمح بدخولها إلى غزة حتى المرحلة الثانية من خطة السلام التي تقودها الولايات المتحدة. وأشار المسؤول إلى مخاوف من إمكانية استخدام هذه المواد في بناء الأنفاق التي تستخدمها «حماس».


تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
TT

تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

شدّدت السعودية على ضرورة إنهاء التوتر في شرق اليمن، بعد التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة.

وقال اللواء محمد القحطاني، الذي كان على رأس وفد سعودي، زار حضرموت، إن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحلّ الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها في شرق اليمن. وأكّد اللواء القحطاني «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدّد القحطاني التأكيد على موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مجموعة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي». وأوضح أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع.


تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».