أعنف هجوم جوي تتعرض له حلب منذ مطلع 2014

المعارضة السورية المسلحة تنفي قصف حي مسيحي خاضع لسيطرة النظام في المدينة

مسعفان يحاولان إخراج امرأة من تحت الركام بعد قصف بالبراميل من طيران النظام لحي بستان القصر في حلب (أ.ف.ب)
مسعفان يحاولان إخراج امرأة من تحت الركام بعد قصف بالبراميل من طيران النظام لحي بستان القصر في حلب (أ.ف.ب)
TT

أعنف هجوم جوي تتعرض له حلب منذ مطلع 2014

مسعفان يحاولان إخراج امرأة من تحت الركام بعد قصف بالبراميل من طيران النظام لحي بستان القصر في حلب (أ.ف.ب)
مسعفان يحاولان إخراج امرأة من تحت الركام بعد قصف بالبراميل من طيران النظام لحي بستان القصر في حلب (أ.ف.ب)

كثفت قوات النظام السورية أمس، هجماتها الجوية ضد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، كبرى مدن الشمال، مما تسبب بتقويض للحركة فيها، وهو ما دفع المعارضة إلى توقيف التدريس في المدينة، بموازاة إعلان الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 26 ألف شخص في أحياء المعارضة في حلب، منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس (آذار) 2011.
وتشهد مدينة حلب، منذ 4 أيام، أعنف هجوم بالقصف الجوي تتعرض له، يشبه الحملة الجوية التي أطلقتها قوات النظام مطلع عام 2014 ضد أحياء المعارضة، وسط نفي قاطع على لسان معارضين بأن تكون قوات المعارضة استهدفت الأحياء المسيحية الخاضعة لسيطرة النظام في المدينة.
وقال عضو هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد عبد الجبار العكيدي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا هدف واضحا وراء القصف، سوى تدمير البلد وقتل الناس وتهجير المدنيين»، مشيرًا إلى أن الطائرات الحربية والمروحية السورية «بدأت قصفًا عنيفًا استهدف الأحياء المدنية والمدارس، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنًا». وأشار إلى أن الأهداف التي قصفها النظام «غير عسكرية، مما يعني أن الحملة عبثية، ويراد منها ترويع السكان الآمنين في أحياء المعارضة».
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حملة القصف الجوية «دفعت مديرية التربية والتعليم في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة والإسلامية بمدينة حلب، إلى إصدار تعميم إلى كل المدارس والمؤسسات التعليمية والمعاهد الشرعية في المدينة، يطلب تعليق الدوام حتى نهاية الأسبوع الحالي، حرصًا على سلامة الطلاب والمعلمين، لأن النظام المجرم يستهدف التجمعات والمدارس والمعاهد».
وكان القصف استهدف منذ يوم الجمعة الماضي، سوقا شعبية ومدرسة في أطراف حلب، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
ويقول ناشطون إن الحملة الجوية تكثفت، بعد استهداف منطقة السليمانية التي تسكنها أغلبية مسيحية، وخاضعة لسيطرة النظام، بصاروخ أدى إلى إصابات في الأرواح. لكن العكيدي نفى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون فصائل المعارضة أطلقت الصاروخ باتجاه منطقة السليمانية عشية عيد الفصح، متهمًا قوات النظام بإطلاق «صاروخ منفيل باتجاه الحي، في محاولة منه لخلط الأوراق، وتبرير قصفه لأحياء المعارضة»، مشددًا على أن فصائل المعارضة «لا تمتلك صواريخ من هذا النوع». وإذ أكد «إننا نقصف الثكنات والمواقع العسكرية النظامية في المدينة»، قال: «إننا نمنع استهداف المدنيين لأننا نعتبر السكان المدنيين في مناطق سيطرة النظام، أسرى في تلك الأحياء، وهم أهلنا ويأخذهم النظام رهائن لديه».
وكانت «غرفة مدفعية حلب» المعارضة، نفت استهدافها حي السليمانية السبت الماضي، متهمة النظام «بالوقوف وراء هذه العملية». وقالت في بيان إنها «تدين قصف المدنيين في حي السليمانية، وتعتبر أن استهدافهم من فعل النظام، لإلصاق التهمة بالثوار»، حسب تعبيره.
ورغم ذلك النفي، أفاد المرصد السوري أمس، بسقوط عدة قذائف على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الخالدية وشارع تشرين، بينما قصفت الكتائب الإسلامية بعدد من القذائف تمركزات لقوات النظام في حي المشارقة وسط حلب.
وفي الوقت نفسه، أفاد المرصد السوري بمقتل 4 أشخاص على الأقل نتيجة قصف جوي استهدف حي بستان القصر، مشيرًا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة، «فيما لا يزال البحث جاريًا تحت الأنقاض من قبل الدفاع المدني وسكان من المنطقة في محاولة لإنقاذ من تبقى من العالقين تحت الأنقاض».
وتعرضت أحياء المعارضة في مدينة حلب، لأعنف هجمات جوية منذ اندلاع الأزمة السورية، أدت إلى تدمير 55 في المائة من أبنيتها، بحسب ما قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدًا أن، المعارك والقصف فيها أديا إلى مقتل 26251 شخصًا، بينهم 20437 مدنيًا، ومن ضمنهم 3746 طفلا، و5814 مسلحًا من المعارضة، فضلاً عن مقتل 379 شخصا تحت التعذيب.
وقصف الطيران المروحي النظامي أكثر من 3275 قنبلة برميلية، بحسب عبد الغني، الذي أشار إلى أن القوات الحكومية استخدمت القنابل العنقودية اكثر من 49 مرة في أكثر من 33 نقطة، بينما تم استخدام الأسلحة الكيماوية أكثر من 9 مرات.
وتأتي الحملة الأخيرة على حلب، ضمن حملة قصف جوي عنيف أطلقتها القوات النظامية مطلع الشهر الحالي، حيث وثق المرصد السوري 1429 غارة نفذتها طائرات النظام الحربية على عدة مناطق في المحافظات السورية، أسفرت عن مقتل 184 مواطنًا مدنيًا، هم 58 طفلاً دون سن 18، و34 مواطنة فوق سن 18، و92 رجلاً، إضافة إلى إصابة نحو 1300 آخرين من المدنيين بجراح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.