مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%

الموساد يستعد لتولي مسؤولية تخريب المشروع النووي في حال فشله

مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%
TT

مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%

مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%

صرح مسؤول رفيع في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، أمس، بأنه وفقا لتقديرات خبرائه، فإن «فرص توقيع الاتفاق بين إيران والغرب في يونيو (حزيران) المقبل، أو في المدى القريب خلال السنة الحالية، هي أقل من نسبة 50 في المائة». وحسب رأيه، فإن «ما يبدو في الغرب وكأنه نهاية للأزمة مع إيران، ليس إلا بداية مفاوضات منهكة وثقيلة، على تفاصيل الإطار المليء بالثقوب، الذي جرت صياغته في لوزان».
وأضاف المسؤول، خلال لقاء مغلق مع بعض المراسلين العسكريين المحليين: «لقد سبق وكنا في هذا الفيلم. فخلال العقد الأخير أعلنت إيران وأوروبا مرات عدة عن تحقيق اختراق تاريخي، ولكن عندما وصلت الأمور إلى الصياغة والتوقيع والتطبيق، اتضح أن الأطراف، وبشكل خاص الإيرانيين، يحللون الأمور بشكل مختلف تماما».
وجاءت هذه التصريحات في إطار استعداد جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي، «الموساد»، تولي مسؤولية الملف الإيراني في الحكومة الإسرائيلية، إذا فشل الاتفاق. ووفقا لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن «الموساد هو الجهة الإسرائيلية التي ستتحمل مسؤولية الاهتمام بألا تتحول إيران إلى قوة عظمى تملك سلاحا نوويا. ومن المحتمل أن يكون حجم المسؤولية التي سيتحملها هذه المرة، أثقل بكثير من تلك التي ألقيت على كاهله في عام 2004، عندما عينه رئيس الحكومة أرييل شارون، مسؤولا عن معالجة الموضوع الإيراني». وحسب ما نشر آنذاك، فقد خرج الموساد برئاسة مئير دغان، في حينه، لتنفيذ سلسلة من عمليات «جمع المعلومات» كي يفهم ما الذي يحدث على صعيد المشروع، ومن ثم حاول تشويش وتأخير المشروع قدر الإمكان.
وتضيف الصحيفة: «لقد فهم دغان أن الموساد سيجد صعوبة في معالجة الموضوع بمفرده، ودعم تبادل المعلومات الاستخبارية مع جهات أجنبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بل مع أجهزة استخبارات تابعة لدول لا تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية». وبفضل التعاون، جرى كشف محاولات إيرانية لإقامة مواقع تخصيب سرية، كما جرى الكشف عن نشاط «مجموعة السلاح» التي تبنت آلية التفجير النووي، وكذلك كشفت منظومة الشراء النووي التي أقامها الحرس الثوري في أنحاء العالم. وحسب منشورات أجنبية، فقد ولد التعاون منظومة من الشركات الوهمية التي باعت معدات تالفة للإيرانيين. كما أشارت منشورات أجنبية إلى تطوير فيروس حاسوب خاص تسبب بأضرار للمشروع النووي الإيراني. ونجح دغان، أيضا، بتجنيد قادة وزارة المالية الأميركية، لدعم عملية سرية هدفت إلى إلحاق الضرر الاقتصادي بأجهزة السلطة الإيرانية، وتشديد العقوبات، على أمل أن يسهم ذلك في إسقاط النظام.
وتذكر الصحيفة أن «دغان ادعى، في حينه، أنه يمكن وقف النووي الإيراني بوسائل سرية أو تأخيره. ولكن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، ادعيا في المقابل، أنه يجب التفكير جديا بشن هجوم جوي على المنشآت النووية الإيرانية. إلا أن الضغط الأميركي والوعد بفرض عقوبات ملموسة على إيران، أجلا قرار الهجوم، المرة تلو الأخرى، إلى أن جعله ذلك، غير معقول أمام الضغط الدبلوماسي الغربي من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران».
الآن، يطرح السؤال حول ما ستفعله إيران، إذا تم توقيع الاتفاق ورفعت العقوبات عنها. هل ستنفذ الاتفاق أو تحاول الالتفاف عليه سرا؟ هنا يتعاظم دور الموساد، الذي سيكون مسؤولا مع الجيش، عن تحديد ما إذا تم تنفيذ الاتفاق. المشكلة هي أن جزء من قدرات الاستخبارات الإسرائيلية ضد إيران منوطة بقدرات قوى عظمى أخرى. وبات واضحا منذ الآن، ضعف استعداد الجهات الاستخبارية الأجنبية للتعاون مع إسرائيل في تبادل الاستخبارات. وسيتزايد هذا بعد توقيع الاتفاق. ومن المؤكد أنه لن ترغب أي دولة، خصوصا الولايات المتحدة، في استثمار موارد من أجل أن تثبت أنها أخطأت عندما راهنت على احترام إيران لكلمتها. وخلافا للماضي، لن توافق الولايات المتحدة على الخروج لعمليات عسكرية فظة تشمل تخريب معدات أو زرع فيروسات. ولكن رغم المصاعب، إذا قررت إيران استئناف العمل في الجانب العسكري للمشروع النووي، فإنه سيطلب إلى الموساد اكتشاف ذلك وتوفير أدلة، أولا، وتوفير معلومات لصناع القرار الإسرائيلي تشير إلى عودة المشكلة النووية الإيرانية. وثانيا، توفير معلومات تكتيكية توضح ما الذي يحدث في المنشآت الإيرانية، ومن ثم معلومات استخبارية موثوقة تؤكد خرق إيران للاتفاق. وسيتم تقديم هذه الأدلة إلى الولايات المتحدة والقوى العظمى. وإذا قررت إسرائيل عندها شن هجوم فقد تكون هذه الأدلة هي من سينقذها من العزلة الدولية في اليوم التالي للهجوم.
من جهة ثانية، دعا الرئيس الأسبق للموساد، أفرايم هليفي، نتنياهو إلى تغيير تكتيكه إزاء الاتفاق، والكف عن الصدام العلني مع الرئيس أوباما. وقال إن «الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لوزان، مليء بالثقوب وتنقصه الكثير من التفاصيل»، ويتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة صراعا كبيرا حتى تجرى صياغة الاتفاق النهائي. ومع ذلك، يضيف، كان الرئيس الأميركي محقا حين وصفه بالوثيقة التاريخية. فمجرد موافقة إيران على التفاوض هو استسلام. ثم وافقت مضطرة، على إعادة مشروعها إلى الوراء، وتدمير معدات باهظة الثمن في بعض منشآتها، وإجراء تقليص كبير في عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستبقى فاعلة. كما اضطرت إيران إلى الموافقة على نظام مراقبة دولي غير مسبوق لمنشآتها النووية، وتفكيك منظومات حاسمة.
ويرى هليفي، أن الرد الإسرائيلي المتسرع على الاتفاق ومهاجمته، يبشران، كما يبدو، ببداية معركة إسرائيلية هدفها إلغاؤه. ومن الواضح أن إلغاء الاتفاق، سيلغي كل ما جرى الاتفاق عليه. لا يمكن الإمساك بالحبل من طرفيه، محاربة الرئيس في سبيل إحباط إنجازه التاريخي، وفي الوقت ذاته التحدث معه كي يحسن المنتج. وأقترح أن يسعى نتنياهو إلى تحسين الاتفاق وليس لإلغائه.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».