صرح مسؤول رفيع في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، أمس، بأنه وفقا لتقديرات خبرائه، فإن «فرص توقيع الاتفاق بين إيران والغرب في يونيو (حزيران) المقبل، أو في المدى القريب خلال السنة الحالية، هي أقل من نسبة 50 في المائة». وحسب رأيه، فإن «ما يبدو في الغرب وكأنه نهاية للأزمة مع إيران، ليس إلا بداية مفاوضات منهكة وثقيلة، على تفاصيل الإطار المليء بالثقوب، الذي جرت صياغته في لوزان».
وأضاف المسؤول، خلال لقاء مغلق مع بعض المراسلين العسكريين المحليين: «لقد سبق وكنا في هذا الفيلم. فخلال العقد الأخير أعلنت إيران وأوروبا مرات عدة عن تحقيق اختراق تاريخي، ولكن عندما وصلت الأمور إلى الصياغة والتوقيع والتطبيق، اتضح أن الأطراف، وبشكل خاص الإيرانيين، يحللون الأمور بشكل مختلف تماما».
وجاءت هذه التصريحات في إطار استعداد جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي، «الموساد»، تولي مسؤولية الملف الإيراني في الحكومة الإسرائيلية، إذا فشل الاتفاق. ووفقا لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن «الموساد هو الجهة الإسرائيلية التي ستتحمل مسؤولية الاهتمام بألا تتحول إيران إلى قوة عظمى تملك سلاحا نوويا. ومن المحتمل أن يكون حجم المسؤولية التي سيتحملها هذه المرة، أثقل بكثير من تلك التي ألقيت على كاهله في عام 2004، عندما عينه رئيس الحكومة أرييل شارون، مسؤولا عن معالجة الموضوع الإيراني». وحسب ما نشر آنذاك، فقد خرج الموساد برئاسة مئير دغان، في حينه، لتنفيذ سلسلة من عمليات «جمع المعلومات» كي يفهم ما الذي يحدث على صعيد المشروع، ومن ثم حاول تشويش وتأخير المشروع قدر الإمكان.
وتضيف الصحيفة: «لقد فهم دغان أن الموساد سيجد صعوبة في معالجة الموضوع بمفرده، ودعم تبادل المعلومات الاستخبارية مع جهات أجنبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بل مع أجهزة استخبارات تابعة لدول لا تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية». وبفضل التعاون، جرى كشف محاولات إيرانية لإقامة مواقع تخصيب سرية، كما جرى الكشف عن نشاط «مجموعة السلاح» التي تبنت آلية التفجير النووي، وكذلك كشفت منظومة الشراء النووي التي أقامها الحرس الثوري في أنحاء العالم. وحسب منشورات أجنبية، فقد ولد التعاون منظومة من الشركات الوهمية التي باعت معدات تالفة للإيرانيين. كما أشارت منشورات أجنبية إلى تطوير فيروس حاسوب خاص تسبب بأضرار للمشروع النووي الإيراني. ونجح دغان، أيضا، بتجنيد قادة وزارة المالية الأميركية، لدعم عملية سرية هدفت إلى إلحاق الضرر الاقتصادي بأجهزة السلطة الإيرانية، وتشديد العقوبات، على أمل أن يسهم ذلك في إسقاط النظام.
وتذكر الصحيفة أن «دغان ادعى، في حينه، أنه يمكن وقف النووي الإيراني بوسائل سرية أو تأخيره. ولكن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، ادعيا في المقابل، أنه يجب التفكير جديا بشن هجوم جوي على المنشآت النووية الإيرانية. إلا أن الضغط الأميركي والوعد بفرض عقوبات ملموسة على إيران، أجلا قرار الهجوم، المرة تلو الأخرى، إلى أن جعله ذلك، غير معقول أمام الضغط الدبلوماسي الغربي من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران».
الآن، يطرح السؤال حول ما ستفعله إيران، إذا تم توقيع الاتفاق ورفعت العقوبات عنها. هل ستنفذ الاتفاق أو تحاول الالتفاف عليه سرا؟ هنا يتعاظم دور الموساد، الذي سيكون مسؤولا مع الجيش، عن تحديد ما إذا تم تنفيذ الاتفاق. المشكلة هي أن جزء من قدرات الاستخبارات الإسرائيلية ضد إيران منوطة بقدرات قوى عظمى أخرى. وبات واضحا منذ الآن، ضعف استعداد الجهات الاستخبارية الأجنبية للتعاون مع إسرائيل في تبادل الاستخبارات. وسيتزايد هذا بعد توقيع الاتفاق. ومن المؤكد أنه لن ترغب أي دولة، خصوصا الولايات المتحدة، في استثمار موارد من أجل أن تثبت أنها أخطأت عندما راهنت على احترام إيران لكلمتها. وخلافا للماضي، لن توافق الولايات المتحدة على الخروج لعمليات عسكرية فظة تشمل تخريب معدات أو زرع فيروسات. ولكن رغم المصاعب، إذا قررت إيران استئناف العمل في الجانب العسكري للمشروع النووي، فإنه سيطلب إلى الموساد اكتشاف ذلك وتوفير أدلة، أولا، وتوفير معلومات لصناع القرار الإسرائيلي تشير إلى عودة المشكلة النووية الإيرانية. وثانيا، توفير معلومات تكتيكية توضح ما الذي يحدث في المنشآت الإيرانية، ومن ثم معلومات استخبارية موثوقة تؤكد خرق إيران للاتفاق. وسيتم تقديم هذه الأدلة إلى الولايات المتحدة والقوى العظمى. وإذا قررت إسرائيل عندها شن هجوم فقد تكون هذه الأدلة هي من سينقذها من العزلة الدولية في اليوم التالي للهجوم.
من جهة ثانية، دعا الرئيس الأسبق للموساد، أفرايم هليفي، نتنياهو إلى تغيير تكتيكه إزاء الاتفاق، والكف عن الصدام العلني مع الرئيس أوباما. وقال إن «الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لوزان، مليء بالثقوب وتنقصه الكثير من التفاصيل»، ويتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة صراعا كبيرا حتى تجرى صياغة الاتفاق النهائي. ومع ذلك، يضيف، كان الرئيس الأميركي محقا حين وصفه بالوثيقة التاريخية. فمجرد موافقة إيران على التفاوض هو استسلام. ثم وافقت مضطرة، على إعادة مشروعها إلى الوراء، وتدمير معدات باهظة الثمن في بعض منشآتها، وإجراء تقليص كبير في عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستبقى فاعلة. كما اضطرت إيران إلى الموافقة على نظام مراقبة دولي غير مسبوق لمنشآتها النووية، وتفكيك منظومات حاسمة.
ويرى هليفي، أن الرد الإسرائيلي المتسرع على الاتفاق ومهاجمته، يبشران، كما يبدو، ببداية معركة إسرائيلية هدفها إلغاؤه. ومن الواضح أن إلغاء الاتفاق، سيلغي كل ما جرى الاتفاق عليه. لا يمكن الإمساك بالحبل من طرفيه، محاربة الرئيس في سبيل إحباط إنجازه التاريخي، وفي الوقت ذاته التحدث معه كي يحسن المنتج. وأقترح أن يسعى نتنياهو إلى تحسين الاتفاق وليس لإلغائه.
مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%
الموساد يستعد لتولي مسؤولية تخريب المشروع النووي في حال فشله
مصدر إسرائيلي: احتمالات توقيع اتفاق بين إيران والدول العظمى في يونيو أقل من 50%
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة