كيف تحضر الأرز بطريقة تقلل سعراته الحرارية بشكل لافت؟

يمثل شريان الحياة في الكثير من مطابخ العالم

اكتشف العلماء أن طريقة طهي الأرز من شأنها تقليل السعرات الحرارية فيه
اكتشف العلماء أن طريقة طهي الأرز من شأنها تقليل السعرات الحرارية فيه
TT

كيف تحضر الأرز بطريقة تقلل سعراته الحرارية بشكل لافت؟

اكتشف العلماء أن طريقة طهي الأرز من شأنها تقليل السعرات الحرارية فيه
اكتشف العلماء أن طريقة طهي الأرز من شأنها تقليل السعرات الحرارية فيه

يمثل الأرز شريان الحياة في الكثير من مطابخ العالم، مما يجعله أكثر أنماط الطعام انتشارا على مستوى العالم. في آسيا، يجري استهلاك قرابة 90 في المائة من إجمالي الأرز عالميا، ويمثل جزءا أساسيا من جميع الوجبات تقريبا. وفي منطقة الكاريبي، غالبا ما يجري خلط الأرز بالفول، ويعد من الدعائم الرئيسية للمطبخ الكاريبي بوجه عام. وحتى داخل الولايات المتحدة، حيث يتناول الأفراد كميات متواضعة نسبيا من الأرز، تبقى في نهاية الأمر كمية الأرز المستهلكة كبيرة.
ويعود انتشار الأرز لكونه من الأطباق التي يمكن استخدامها في صور متنوعة، حيث يجري طهيه مع الكثير من أنماط الطعام المختلفة، علاوة على رخص سعره نسبيا. إلا أنه مثلما الحال مع أنواع الطعام الأخرى الغنية بالمواد النشوية، يتسم الأرز بعيب واحد أساسي: أنه غير جيد صحيا، حيث ارتبط تناول الأرز الأبيض تحديدا بالتعرض لمخاطرة أكبر للإصابة بالسكري. ويحمل كوب من الأرز المطهي قرابة 200 سعر حراري، يأتي معظمها من المواد النشوية التي تتحول إلى السكر، ثم غالبا ما يتحول بعد ذلك إلى دهون بالجسد.
لكن ماذا إذا كان هناك أسلوب بسيط لطهي الأرز على نحو يجعله صحيا بدرجة أكبر بكثير؟
عكف طالب بكلية العلوم الكيميائية في سريلانكا ومعلمه على محاولة ابتكار أسلوب جديد لطهي الأرز يمكنه تقليل السعرات الحرارية به بنسبة تصل 50 في المائة، بل وتوفير فوائد صحية أخرى إضافية. وتقوم طريقة الطهي الجديدة العبقرية في جوهرها على التلاعب البسيط بالخصائص الكيميائية للأرز، وتتضمن بضع خطوات بسيطة.
في هذا الصدد، أوضح سودهير جيمس، الذي عرض بحثه الأولي أمام الاجتماع والمعرض الوطني للجمعية الكيميائية الأميركية، الاثنين: «ما فعلناه هو طهي الأرز مثلما تفعلون عادة، لكن عندما وصلت المياه إلى مرحلة الغليان، وقبل إضافة الأرز النيء، أضفنا زيت جوز الهند، بما يعادل قرابة 3 في المائة من وزن الأرز المراد طهيه. وبعد أن أصبح جاهزا، تركناه يبرد داخل جهاز التبريد لقرابة 12 ساعة. هذا كل ما في الأمر».
ولتفهم ما يجري عبر أسلوب الطهي الجديد، يحتاج المرء لمعرفة بعض المعلومات عن كيمياء الطعام.
لا تقف جميع المواد النشوية على قدم المساواة، حيث يسهل هضم بعضها في غضون فترة قصيرة وسرعان ما تتحول إلى غلوكوز، ثم لاحقا إلى جليكوجين. وينتهي الحال بالجليكوجين المفرط إلى زيادة حجم أمعائنا إذا لم نبذل قدرا كافيا من الطاقة لحرقها. في المقابل، هناك مواد نشوية تستغرق وقتا طويلا كي يتمكن من معالجتها، ولا يمكن تحويلها إلى غلوكوز أو جليكوجين لافتقارنا إلى القدرة على هضمها، وتحمل هذه المواد سعرات حرارية أقل.
إلا أن أبحاثا متزايدة كشفت إمكانية تغيير أنماط المواد النشوية الموجودة بالطعام عبر تعديل كيفية إعدادها. على الأقل نعلم أن هناك تغييرات واضحة تطرأ عندما تطهى أنواع معينة من الطعام بطرق مختلفة.
على سبيل المثال، تتحول البطاطا من طعام يمتلك نمطا مناسبا من المواد النشوية إلى نمط آخر أقل صحة عندما تطهى أو يتم هرسها. كما أن عملية تسخين وتبريد أنواع محددة من الخضراوات، مثل البازلاء والبطاطا الحلوة، يمكنها تغيير كمية المواد النشوية صعبة الهضم، تبعا لدراسة أجريت عام 2009، ويعد الأرز واحدا من الأطعمة التي تمر بتغييرات كيماوية واضحة، تبعا لأسلوب إعداده. وبوجه عام، فإن القلي وأسلوب الطهي الشرقي للأرز ينتجان أكبر قدر من المواد النشوية صعبة الهضم عن نمط الأرز الأكثر شيوعا المطهي على البخار، الأمر الذي قد يبدو غريبا للوهلة الأولى.
وشرح دكتور بوشباراج ثافاراجاه، البروفسور المشرف على البحث، أنه «إذا تمكنت من تقليل حجم المواد النشوية سهلة الهضم في وجبة مثل الأرز المطهي على البخار، فإنه بمقدورنا حينها تقليل السعرات الحرارية. وقد يكون تأثير هذا هائلا».
وبناء على ذلك، اختبر جيمس وثافاراجاه 8 أنواع مختلفة من وصفات الإعداد على 38 نمطا مختلفا من الأرز في سريلانكا. وتوصلا إلى أنه عبر إضافة دهون (في هذه الحالة زيت جوز هند، نظرا لأنه شائع الاستخدام في سريلانكا) قبل الشروع في طهي الأرز، ثم تبريد الأرز على الفور بعد طهيه، نجحا في إحداث تغيير هائل في تركيب الأرز نحو الأفضل.
وقال جيمس: «يتفاعل الزيت مع المواد النشوية داخل الأرز ويغير تركيبه. ويساعد تبريد الأرز بعد ذلك في تعزيز عملية تحول المواد النشوية. وتأتي النتيجة في صورة طعام صحي بدرجة أكبر، حتى بعد إعادة تسخينه».
حتى الآن، تمكن العالمان من قياس النتيجة الكيماوية لأكثر أساليب الطهي فاعلية بالنسبة لأقل الأنواع الثمانية والثلاثين من الأرز صحية، وحققت الأساليب الفاعلة خفضا في السعرات الحرارية بنسبة تتراوح بين 10 في المائة و12 في المائة. وأوضح جيمس أنه «مع أنواع الأرز الأفضل، نتوقع أن يصل خفض السعرات الحرارية لما يتراوح بين 50 في المائة و60 في المائة».
وتعد مسألة توفير أرز يحمل سعرات حرارية أقل من القضايا بالغة الأهمية، في ظل ارتفاع معدلات البدانة بمختلف أرجاء العالم، خاصة في العالم النامي، حيث يعتمد الأفراد بدرجة أكبر على الأطعمة الأرخص. وتشهد الصين والهند مشكلات بدانة متفاقمة، وتعد الدولتان من أكثر الدول استهلاكا للأرز. ورغم أن الأرز ليس المصدر الوحيد لزيادة الوزن، فإن تقليص السعرات الحرارية في كوب الأرز بنسبة 10 في المائة فقط يمكن أن يترك تأثيرا هائلا على الأجيال المقبلة.
وعن ذلك، قال ثافاراجاه: «شكلت البدانة مشكلة داخل الولايات المتحدة لبعض الوقت، لكنها تحولت لمشكلة في آسيا أيضا. أصبح الناس يأكلون كميات متزايدة من الأرز، وهو أمر غير جيد».
وما يزال يتعين على الباحثين اختبار الأنماط الأخرى من الأرز، بما في ذلك سودورو سامبا الذي يعتقدون أنه سيحقق أكبر قدر من الخفض في السعرات الحرارية. كما يخططون لتجريب أنواع أخرى من الزيوت بخلاف زيت جوز الهند، مثل زيت عباد الشمس.
وربما سنشهد قريبا طرح أرز في الأسواق يحوي قدرا أقل بكثير من السعرات الحرارية. وبمقدور الأفراد محاكاة الأسلوب سالف الذكر في طهي الأرز في المنزل، رغم أن جيمس يحذر من أن النتائج قد تتباين تبعا لنمط الأرز المستخدم. وربما يمكن تطبيق هذا الأسلوب على أنماط أخرى من الطعام.
وعن هذا، أوضح ثافاراجاه: «الأمر يتجاوز الأزر، أعني التساؤل المطروح الآن: هل يمكن فعل الأمر ذاته مع الخبز؟ هذا هو التساؤل الحقيقي هنا».

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».