الثلاثي خان يتصدر صناعة السينما الهندية

يكشف طبيعة المجتمع الهندي العلماني

عامر خان وشاروخان وسلمان خان
عامر خان وشاروخان وسلمان خان
TT

الثلاثي خان يتصدر صناعة السينما الهندية

عامر خان وشاروخان وسلمان خان
عامر خان وشاروخان وسلمان خان

يجمعهم اللقب، وسنة الميلاد، والديانة. وأضفى كل من عامر خان، وشاروخان، وسلمان خان، مسلحين بنجومية هي الأطول في تاريخ السينما الهندية، سحرا على «بوليوود». ولطالما كان لقب خان هو سر الإيرادات التي تحققها السينما الهندية على مدى الأعوام الخمسة والعشرين أو ربما الثلاثين الماضية.
والجدير بالذكر أن أولئك الأبطال سوف يكونون قد أكملوا في العام الحالي نصف قرن من العمل في السينما الهندية، ومع هذا لا يزالون يقومون بأدوار الأبطال أشداء البنية، ويعيشون قصصا رومانسية، ويرقصون على الشاشة مع بطلات تبلغ أعمارهن نصف أعمارهم، في الوقت الذي يعاني فيه أقرانهم من أزمة منتصف العمر، أو يضعون خططا للتقاعد، ولديهم لحى شمطاء، إن لم يكن الصلع قد بدأ يزحف على رؤوسهم، أو أصبحت لديهم بطون ضخمة.
لقد غزوا قلوب محبي الأفلام الهندية في مختلف أنحاء العالم برقتهم وعذوبة حديثهم، وحركاتهم، ورقصاتهم، بدءا من نهاية الثمانينات، ولا يزالون حتى يومنا هذا يمتعون الجمهور، ويتصدرون صناعة الأفلام الهندية تجاريا. ورغم ظهور وجوه جديدة، لا يزالون هم النجوم الساطعة في سماء السينما الهندية، حيث لا يزال الجمهور يستمتع بالحضور، والشغف، والطاقة التي تنبعث منهم على الشاشة. ويتذكر صانع الأفلام كاران جوهر حضوره حفل عيد الميلاد الخمسين لأميتاب باتشان، أسطورة السينما الهندية، مع آبائه. ويبلغ باتشان من العمر الآن 72 عاما. وقال جوهر: «كان هناك إجلال واحترام له».
أما بالنسبة إلى حفلات أعياد ميلاد أولئك النجوم، الذين يتشاركون لقب خان، فيقول جوهر إنها الأكثر نجاحا، حيث يتساءل: «هل يمكن لأحد أن يحلم بتبجيله وهو في الخمسين من العمر؟ مستحيل». وأول من يحتفل بعيد ميلاده بين الثلاثي هو عامر خان، الذي يعد أكثرهم تطلعا نحو الكمال والمثالية والأكثر شعبية حاليا. ويُعرف عامر خان بحكمته، ورزانة عقله، في عالم السينما الهندية، حيث لا يشارك إلا في فيلم واحد خلال العام، ولا يحضر أي حفلات لتوزيع الجوائز. ونظرا لاهتمامه الكبير بعملية صناعة الأفلام ككل، يجري عامر خان أبحاثًا مكثفة عن أي دور يقوم به، ويبذل مجهودا كبيرًا من أجل بث الروح في الشخصية التي يقدمها. ويفسر هذا كيف برع في دور الأحمق في فيلم «الحمقى الثلاثة» وهو في الخامسة والأربعين من العمر، بعد قيامه بدور البطل المغوار في فيلم «غاجيني» وهو في الرابعة والأربعين من العمر. واحتفل عامر بعيد ميلاده في الخامس عشر من مارس (آذار). ويستقبل عامر عامه الخمسين دون أن يطرف له جفن دون النظر إلى منبت شعر ذقنه الأبيض، فهناك الكثير من النصوص بانتظار موافقته. وبعد أن بلغ الخمسين من العمر، صرح عامر خلال لقاء صحافي قائلا: «يبلغ ابني من العمر 21 عاما، وابنتي في السادسة عشرة من عمرها. وأشعر بأنني أصغر من ابني، فهو أكثر جدية مني. كذلك لدي ابن يبلغ ثلاثة أعوام، وأشعر بالراحة في التعامل معه، فحتى إنجاب الأطفال لم يجعلني أشعر بالتقدم في العمر. القمة بالنسبة لي تعني أنك في طريقك نحو النزول، لذا آمل ألا أصل إلى قمة نجاحي المهني». ويبدو بالفعل أن العمر لا يمثل عائقا أو مشكلة بالنسبة إلى نجم السينما الهندية المتطلع إلى الكمال.
أما إذا كنا نتحدث عن ممثل يلهم الجمهور بشجاعته، فذلك بالتأكيد سيكون سلمان خان، الذي تبين أنه حقا نجم تجاري متفان بين الحشود. إنه واحد من أكثر نجوم السينما الهندية شعبية، بل إنه رئيس عالم السينما الهندية. ورغم أن سلمان قد بدأ حياته المهنية كبطل رومانسي، فإنه ركز خلال السنوات التالية على بناء جسده وتحول إلى بطل قوي في أفلام الحركة. وقال: «لا يمكن أن يتم القبض علي متلبسا بالتمثيل، لأنني لا أمثل. أكون على الشاشة مثلما أكون في حياتي الحقيقية». وقد ثبتت صحة هذا القول بالفعل، حيث يمكن للمشاهد أن يرى في أفلام سلمان، أو «سالوبهاي» كما يطلقون عليه، البطل وهو منغمس في كل أنواع اللذة والمتعة من أجل إرضاء المعجبين به. ورغم وصفه بـ«فتى بوليوود الشقي» بسبب سجله الحافل بالمشكلات التي أوقع نفسه فيها، أثبت سلمان أنه يملك قلبا من ذهب من خلال دعمه لعدد من القضايا الإنسانية. ويدير سلمان منظمة غير حكومية تسمى «بينغ هيومان» تساعد الأطفال المحتاجين. ولم تمنع الانتقادات ولا الجدل المثار سلمان خان من المضي قدما، فقد تمكن من استعادة ثقة المنتجين فيه من خلال أفلامه الأخيرة الناجحة. وسيبلغ الخمسين من العمر في 27 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
كذلك الحال بالنسبة إلى شاروخان، الذي يوصف بأنه «ملك بوليوود»، الذي سيتجاوز نصف قرن من العمر قضى أغلبه في العمل هذا المجال في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويعد شاروخان هو الأكثر حماسا ونشاطا بين الثلاثي. وعلى عكس النجمين الآخرين لا ينتمي شاروخان إلى عائلة تعمل في هذا المجال؛ وبدأ حياته المهنية بالمشاركة في مسلسلات تلفزيونية، ثم خاض عالم السينما الهندية في عام 1992. وجذبت أفلامه الناس إلى دور العرض السينمائي بفضل ما تتضمنه من متعة وترفيه وما تبعثه من شعور بالحنين، وما يشعه من سحر كبطل رومانسي على الشاشة. وتضيء شخصيته المفعمة بالحيوية العروض على خشبة المسرح وكذلك المقابلات التي يجريها؛ فهو يشع طاقة مذهلة ويتمتع بتدفق رائع للأفكار. وبفضل أفلام مثل «ديلويل دولهانيا لي جاينغ»، و«ديل تو باغال هاي»، و«كوتش كوتش هوتا هاي»، أصبح «ملك الرومانسية» في السينما الهندية.
وبحسب كومال ناهتا، المحلل في صناعة السينما والمقيم في مومباي، ربما يكون الثلاثي خان قد أتموا الخمسين «لكن إيرادات أفلامهم تبلغ إيرادات أفلام نجوم في الخامسة والعشرين». وأضاف «إنهم سيستمرون في تصدر صناعة السينما لسنوات طويلة قادمة. وبالنظر إلى ما تحققه أفلامهم من إيرادات، والطريقة التي يمتعون بها الجمهور، لا أعتقد أن هناك من يستطيع القيام بذلك».
وعند التفكير في الأمر، سنجد أن تصدر الثلاثي خان السينما الهندية يعد ظاهرة فريدة من نوعها في أي صناعة ترفيه في أي مكان في العالم. خلال الخمسينات والستينات، شهدت السينما الهندية تصدر ثلاثي آخر يضم ديف أناند، ودليب كومار، وراج كابور. مع ذلك كانت سنوات ميلادهم مختلفة، ولم يكونوا يتشاركون اللقب، ولم يتمكنوا من تمثيل أدوار الأبطال الرومانسيين بعد تجاوزهم الأربعين من العمر. وهذا هو سر تميز هذا الثلاثي، حيث لا يوجد في العالم ثلاثة رجال ولدوا في العام نفسه، وهو 1965، ولديهم اللقب نفسه، وهو خان، ولا تزال أفلامهم تتقاسم إيرادات السينما الهندية بعد قضاء كل منهم نصف قرن في هذا المجال.
ويعتقد راجيش تاداني، موزع الأفلام، أن للثلاثي خان الفضل في تحقيق الجزء الأكبر من إيرادات السينما الهندية، قائلا: «نحن ننتظر جميعا عرض أفلامهم. وأظن أنهم سيظلون محافظين على تصدرهم للساحة».
وتقول كاترينا كيف، التي لعبت دور البطولة النسائية مع الثلاثي، إن «شغفهم، وحب الجمهور لهم، ورغبتهم في التفوق» سر استمرارهم. وأضافت في تصريح إلى وكالة الأنباء الهندية - الآسيوية: «إلى جانب تمتعهم بموهبة حقيقية، فإنهم يتمتعون بشخصيات رائعة، وسيظلون موجودين بقدر ما يشاءون». وأوضحت الممثلة ريتشا تشادا: «لقد لعبوا بأوراقهم جيدا، وكانوا يتمتعون ببعد نظر في وقت لم يكن أحد يتمتع فيه بذلك». وقال رؤوف أحمد، الصحافي السينمائي المخضرم: «لقد زادوا من أسهمهم وحققوا نجاحا كبيرا».
مع ذلك كان هناك الكثير من الشكوى أيضا، مثل الشكوى من سلوك سلمان السيئ والقضايا الكثيرة الخاصة به في المحاكم، واختيار شاروخان لعدد من الأفلام التي لم يستهدف بها إلا تحقيق إيرادات، واهتمام عامر خان بالمظاهر واعتقاده الكبير في صحة آرائه. مع ذلك لا يزال المعجبون يشجعونهم. ويرى كاران جوهر تشابك وتلاقي مصائرهم أمرا مثيرا للاهتمام. وأوضح قائلا: «أشك في أن تشهد السينما الهندية هذا المستوى من النجومية، فقد وصلوا إلى القمة في هذه المرحلة، ولا يزالون يقدمون أفلاما مهمة. وثلاثتهم محجوزون للعامين المقبلين. إنهم لن يذهبوا إلى أي مكان آخر، بل سيبقون هنا. وحتى لو مر عقد آخر، ستراهم في ريعان الشباب».
والثلاثي خان ليسوا بالغرباء على جمهور التلفزيون الهندي. وفي الوقت الذي قدم فيه شاروخان برنامج مسابقات بعنوان «كاون بانيغا كروريباتي؟» (من سيصبح مليونيرً؟)، و«زور كا جهاتكا» (سقوط كلي)، قدم سلمان خان برنامج مسابقات من برامج تلفزيون الواقع بعنوان «10 كا دوم»، و«الرئيس الأكبر»، لخمسة مواسم متتالية. ونشهد أيضا استغلال عامر الذكي لقدراته ونجوميته في معالجة القضايا الاجتماعية من خلال برنامجه الحواري «ساتياميف جاياتي».
وعندما طلبت سادهفي براتشي، الزعيمة الهندوسية المتطرفة، مؤخرا من الهندوس في خطابها العدواني مقاطعة أفلام الثلاثي خان، سخر منها محبو السينما الهندية باختلاف انتماءاتهم الدينية. ويوضح هذا الطبيعة العلمانية التي تتسم بها الهند، حيث يحظى الثلاثي خان المسلم بالشهرة، والحب، والإعجاب، في دولة يدين عدد كبير من سكانها بالديانة الهندوسية، بل إنهم بمثابة وجه السينما الهندية. الجدير بالذكر أن والدة سلمان هندوسية، وكذلك زوجة كل من عامر وشاروخان من الهندوس. لقد تمكن هذا الثلاثي، الذي تحدى العمر والزمن، من شغل مكان مقدس في قلوب الجمهور الهندي، وكذلك مكانة متميزة في شباك التذاكر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.