هجمات متزامنة على 3 معاقل شيعية في سوريا خلال أيام

هجمات متزامنة على 3 معاقل شيعية في سوريا خلال أيام
TT

هجمات متزامنة على 3 معاقل شيعية في سوريا خلال أيام

هجمات متزامنة على 3 معاقل شيعية في سوريا خلال أيام

تركزت هجمات قوات المعارضة السورية منذ مطلع الأسبوع الحالي، على مناطق يسكنها سوريون من الطائفة الشيعية، ويقول عنها المعارضون إنها باتت قواعد حيوية للحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله اللبناني في شمال سوريا وجنوبها.
واستهدفت هجمات المعارضين بالتزامن مدينة بصرى الشام في محافظة درعا (جنوب البلاد)، وأسفرت عن سيطرتهم عليها، إضافة إلى مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة القوات النظامية، ما أدى إلى قطع خطوط الإمداد منها إلى قريتي الفوعة وكفريا اللتين تسكنهما أغلبية شيعية في محافظة إدلب، إضافة إلى شن هجوم على منطقة مقام السيدة سكينة في داريا في ريف دمشق الجنوبي، أسفر عن انسحاب القوات النظامية منه.
وتتفاوت التقديرات حول فحوى الهجمات المتزامنة على مناطق كانت في السابق محيدة عن الصراع إلى حد ما. ويقول مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المناطق كانت تعد، في وقت سابق، خطوطا حمراء، بسبب اتفاقيات دولية غير معلنة، ربما بين تركيا وإيران، يبدو أن هذه الخطوط الحمراء أزيلت في هذا الوقت، ما أتاح الفرصة لمهاجمة مناطق يسكنها الشيعة».
وبعد سيطرة قوات المعارضة على بصرى الشام الواقعة في ريف درعا الشرقي، أول من أمس، قال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الحكومية وحلفاءها الذين كانوا يقاتلون في مقام سكينة في داريا منذ عامين «انسحبوا من المقام بعد تفخيخه، لكنهم لم يتمكنوا من تدميره بالكامل نظرا إلى أنه ضخم جدا، وتم تشييده بطريقة هندسية تمنحه قدرة على الصمود». وقال إن مقاتلين تابعين لحزب الله وللقوات السورية النظامية «انسحبوا منه، ما دفع قوات المعارضة للسيطرة عليه»، علما بأن القصف بالبراميل المتفجرة طال محيطه في وقت سابق، وتضررت أجزاء منه نتيجة المعارك المتواصلة منذ عامين.
وتعد بصرى الشام آخر البلدات التي تسكنها أغلبية شيعية في ريف درعا الشرقي. كما أن بلدتي الفوعة وكفريا، تعدان البلدتين الشيعيتين الوحيدتين في ريف إدلب، وتستعد قوات المعارضة لمهاجمتهما بعد السيطرة على مدينة إدلب. أما مقام سكينة، فيعتبر المقام الشيعي الوحيد في داريا بريف دمشق الجنوبي.
وخلافا لتلك المناطق، لم يبق في الشمال إلا بلدتا نبل والزهراء اللتان تسكنهما أغلبية شيعية، وتعرضتا لهجمات متعددة من قبل قوات المعارضة، وفشلت في السيطرة عليهما.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.