أيمن عودة: نتنياهو غير صادق ولم يتخل عن عنصريته.. واعتذاره موجه إلى الأميركيين

اعتذر للعرب عن تصريحاته العنصرية.. لكنهم يشككون في صدق نياته

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

أيمن عودة: نتنياهو غير صادق ولم يتخل عن عنصريته.. واعتذاره موجه إلى الأميركيين

رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، بشكل علني عن تصريحاته العنصرية تجاه المواطنين العرب (فلسطينيي 48) خلال حملته الانتخابية، التي قال في أثنائها إن «المصوتين العرب يتحركون بالحافلات وبأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع ضمن مؤامرة عربية وأجنبية لإسقاط حكم اليمين».
وفي أثناء لقاء عقده في بيته في القدس مع قادة فروع حزب الليكود العرب والشركس، قال نتنياهو: «أعرف أن ما قلته قبل عدة أيام مس بجانب من المواطنين الإسرائيليين، مس بعرب إسرائيل. لم أكن أقصد عمل ذلك، وأنا آسف».
وقد حضر اللقاء في بيت نتنياهو نحو عشرين شخصا من الشخصيات المعروفة بولائها لحزب الليكود اليميني، مثل النائب المنتخب على قائمة الحزب، أيوب القرا، ورئيس مجلس بيت جن المحلي، بيان قبلان، ورئيس مجلس الفريديس يونس مرعي، رئيس مجلس يركا وهيب حبيش، والكاهن سمعان ديمتري، والشيخ الدرزي سلمان الأطرش. ولم تجر دعوة قادة «القائمة المشتركة» الذين استهدفهم نتنياهو في تصريحه، كما لم تجر دعوة أحد من لجنة المتابعة العليا، التي تمثل المواطنين العرب.
ورد رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، على ذلك بقوله: «عنصرية نتنياهو وحكوماته لم تبدأ ولم تنته في تصريحاته المحرضة هذه. فالقوانين العنصرية وسياسة التمييز والإقصاء التي مارسها في دورتيه الماضيتين لا تزال محفورة في ذاكرتنا، وكما يعلن هو ورفاقه في الائتلاف القادم، ينتظرنا عدد آخر منها في الدورة المقبلة أيضا. فالاعتذار غير صادق، ونراه جزءا من التلاعب بين المواقف الذي هو جزء من شخصيته». وأضاف عودة، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «إن حقيقة قول نتنياهو إنه التقى مع أبناء الأقليات وليس مع العرب تنطوي على عدم استيعاب وفظاظة، وتشكل تمزيقا للجمهور نفسه. نتنياهو يتجاهل القيادة الشرعية للجمهور العربي التي انتخبت قبل عدة أيام بنسبة تأييد غير مسبوقة، ويبدو أنه وجه اعتذاره إلى واشنطن وليس لنا. ولذلك لم يتبق لنا إلا مواصلة النضال يهودا وعربا ضد سياسة نتنياهو المدمرة».
كما تطرق النائب عيساوي فريج من حزب «ميرتس» اليساري إلى تصريح نتنياهو، وقال: «التحريض والعنصرية لدى نتنياهو يعتبران سياسة مجدية. عندما يفيده ذلك يقوم بالتحريض، وعندما يفيده بشكل أقل يقوم بالاعتذار. إذا كان نتنياهو يريدنا أن نتطرق بجدية إلى اعتذاره فإنه يتحتم عليه تدعيم ذلك بالعمل». وقال رئيس المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ إنه «عندما وصف نتنياهو العرب بالسرب أهان ومس بـ20 في المائة من مواطني إسرائيل في سبيل حملته الانتخابية. إن أول ما يجب أن يفعله هو تصحيح الشرخ الذي أحدثه بالعمل، وليس بالكلمات الفارغة. يجب عليه عمل كل شيء من أجل تحويلهم إلى مواطنين متساوين في الحقوق».
وكشف المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم بارنياع، أمس، أن اعتذار نتنياهو جاء بطلب من إيف فوكسمان، المدير العام للجمعية اليهودية لمكافحة القذف والتشهير، الناشطة في الولايات المتحدة، الذي بعث صباح أمس برسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، كتب فيها لنتنياهو أنه يعتقد أن «من المهم أن تعتذر للعرب في إسرائيل وتؤكد، في الوقت ذاته، وجهة نظرك بأن العرب في إسرائيل هم مواطنون متساوون في الدولة اليهودية».
وقال بارنياع: «بالفعل، لقد اعتذر نتنياهو، لكن اعتذاره لم يكن موجها إلى العرب وإنما إلى الآخرين، إلى إدارة أوباما الذي رد بلهجة قاسية على تحريض نتنياهو في يوم الانتخابات، وإلى حكومات أوروبا الغربية التي تبحث عن طريقة لمعاقبة حكومته على الحلبة الدولية، وللجالية اليهودية في الولايات المتحدة، التي قسمها نتنياهو بخطواته إلى معسكرين معاديين. وكما في مسألة الدولة الفلسطينية هكذا في مسألة عرب إسرائيل، يحاول نتنياهو التراجع بسرعة. لقد حقق التحريض هدفه، ويمكنه أن ينصرف حتى يحتاج إليه ثانية. الجهود التي يبذلها نتنياهو لتنظيف نفسه من قذارة الانتخابات تنطوي على قيمة معينة. هناك جهات غير قليلة في إسرائيل والخارج تملك مصلحة في مساعدة نتنياهو على تنظيف نفسه. إيف فوكسمان يعتبر مثالا جيدا: لو كان أي رئيس دولة في العالم قد قال عن أقلية في بلاده ما قاله نتنياهو عن الأقلية العربية في إسرائيل، لكانت جمعية مكافحة القذف والتشهير قد غمرته ببيانات الشجب. أما في مسألة نتنياهو فقد صمت فوكسمان حتى يوم أمس، ما تسبب بالإحراج لجمعيته. ويوم أمس أصدرت الجمعية بيانا تحيي فيه نتنياهو على اعتذاره. فالاعتذار هو سلاح ناجع في الحوار السياسي. إنه ورقة التين التي يوفرها النفاق للسياسيين كي يستروا عوراتهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».