انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ26 في شرم الشيخ

العربي يؤكد اهتمام القادة العرب بمستقبل المنطقة.. والرئيس اليمني يشارك في القمة

نبيل العربي
نبيل العربي
TT

انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ26 في شرم الشيخ

نبيل العربي
نبيل العربي

مع انطلاق الأعمال التحضيرية للقمة العربية في دورتها الـ26، أمس، التي تعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية يومي 28 و29 مارس (آذار) الحالي، أكد الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، اهتمام القادة والملوك والرؤساء العرب بمستقبل المنطقة وتفعيل وتيرة العمل العربي المشترك سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.. بينما علمت «الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها لتركيز الاجتماعات التحضيرية على مستوى المندوبين والوزراء على طرح قرارات ذات طبيعة إجرائية، والتحرك ميدانيا لتنفيذ ما يتفق عليه بشأن الأزمات المشتعلة، خصوصا في اليمن وسوريا وليبيا. وأكد المندوب اليمني لدى الجامعة العربية، السفير محمد الهيصمي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرئيس عبد ربه منصور هادي سوف يشارك في أعمال القمة العربية لما لهذا الحضور من دور، حيث يطلع القادة العرب على كل التطورات والمخاطر التي يتعرض لها اليمن». وأفاد بأن اجتماع المندوبين سوف يناقش إمكانية تقديم الدعم الكامل لبلاده للخروج من الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن الحل هو الحوار، وأن «استخدام القوة لن يظل إلى ما لا نهاية». وكان وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، أكد في تصريحات من الرياض، على مشاركة الرئيس اليمني في القمة العربية، مشيرا إلى «وجود دعم عربي وخليجي كبيرين لمثل هذه الخطوة». وقال إن «الملف اليمني سيكون مطروحا بقوة على طاولة القادة والزعماء العرب خلال القمة المقبلة، وسيطالب اليمن بإيجاد حل للأزمة اليمنية بشكل عاجل وفعال لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن». واستبعد ياسين أي مخاوف من خروج الرئيس هادي من اليمن في تلك الفترة لوجود ترتيبات خليجية كبيرة لعودته مرة أخرى. مشيرا إلى أن الرئيس موجود في مكان هادئ وآمن في العاصمة اليمنية (المؤقتة) عدن، وأنه «يمارس مهامه بكل شجاعة»، كما أنه يستقبل المسؤولين والسفراء والوفود بشكل عادي وطبيعي.
[ينما كشفت مصادر عربية لـ«الشرق الأوسط» أن من بين مشاريع القرارات المطروحة على القمة، زيارة وفد وزاري عربي بمشاركة الأمين العام، إلى عدن بعد انتهاء أعمال القمة.
وعلى صعيد آخر، أكدت الخارجية المصرية على ارتفاع المشاركة على مستوى القمة واهتمام كل الدول بها بعد مرور 70 عاما على العمل العربي المشترك، وضرورة تحديد أساليب عمل جديدة تتناسب وخطورة المرحلة.
ومن المقرر أن تتواصل الاجتماعات التحضيرية حتى موعد انعقاد القمة، وسوف يرفع الاجتماعان الوزاريان للقمة التوصيات ومشروعات القرارات المتعلقة بسبل دعم العمل العربي المشترك في الشقين الاقتصادي والسياسي ومواجهة التحديات الحالية. وتنعقد القمة يومي 28 و29 مارس في شرم الشيخ، في لحظة هامة، ارتباطا بالتطورات على الساحة العربية والإقليمية بالدور المنتظر من مصر في حل وتسوية الأزمات المتعددة المحيطة والمؤثرة على الأمن القومي العربي. وصرح المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير بدر عبد العاطي، أن انعقاد القمة يأتي في أعقاب القمة الاقتصادية الناجحة التي استضافتها شرم الشيخ، والتي كشفت عن حجم الاهتمام بنهوض مصر اقتصاديا في المرحلة القادمة، على ضوء ما لذلك من تأثير إيجابي في قدرة مصر على القيام بدور فعال في دعم الاستقرار في محيطها العربي والإقليمي. وتتولى وزارة الخارجية، بالتنسيق مع الجهات المصرية المعنية وبالتشاور مع الأمانة العامة للجامعة العربية، الإعداد والتحضير الجيدين للقمة لضمان عقدها بصورة مشرفة تليق بمكانة مصر العربية والإقليمية، ولتخرج نتائجها بما يتناسب مع حجم التحديات التي تواجه الأمة العربية.
وأضاف عبد العاطي أن القمة ستشهد نقاشا حول التحديات المشتركة التي تواجه الدول العربية وأمنها القومي، والتي تتطلب تطوير أدوات العمل العربي وكيفية مواجهة تلك التحديات التي تتجلى في تنامي ظاهرة الإرهاب في بقاع مختلفة من العالم العربي، لا سيما تلك التي تشهد أزمات مثل سوريا والعراق ومنطقة المشرق العربي وليبيا.. وهي أزمات تتشابه في الكثير من مسبباتها ومقوماتها، ويتعين على الدول العربية البحث عن سبل إنهائها واستعادة الاستقرار مع الوضع في الاعتبار لكل التطلعات المشروعة لشعوب تلك الدول.
ومن الملاحظ أن الدول التي أكدت مشاركتها على مستوى القادة، عدد كبير يفوق أعداد المشاركة في قمم سابقة، نظرا للظرف الاستثنائي الذي تشهده المنطقة. وانطلقت الاجتماعات التحضيرية للدورة الـ26 للقمة برئاسة مصر، صباح أمس، التي تسلمت الرئاسة من دولة الكويت، باجتماع لكبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي سيرفع توصياته لاجتماع وزراء التجارة والاقتصاد العرب الذي سيعقد اجتماعه غدا الأربعاء. وناقش كبار المسؤولين تقريرا بشأن متطلبات إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتحضيرات الاتحاد الجمركي، وبندا بشأن تطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك، وآخر بشأن التحرك العربي في مفاوضات تغير المناخ، بالإضافة إلى بند بشأن مبادرة مملكة البحرين تحت عنوان «تطوير المشروعات المنزلية ومشروعات الأسر المنتجة بالدول العربية، لتكون مدخلات في الصناعات الكبرى».
كما بحث كبار المسؤولين تقرير بشأن متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة العربية في دورتها العادية رقم 25 بدولة الكويت، وكذلك تقرير بشأن متابعة تنفيذ قرارات القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الثالثة بالرياض، في ما يتعلق البند الثامن من مناقشات كبار المسؤولين بشأن العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار «2015 - 2024».
وفي ما يتعلق بمشروعات الربط الكهربائي العربي، تضمن المشروع دعوة الدول العربية إلى الاسترشاد بتوصيات الدراسة التي انتهى من إعدادها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي حول الربط الكهربائي العربي الشامل، وتقييم استغلال الغاز الطبيعي في تصدير الكهرباء والعمل على استكمال وتحديث قواعد البيانات الخاصة بالكهرباء والغاز الطبيعي في الدول العربية.
وفي ما يتعلق بمخطط الربط البري العربي بالسكك الحديدية، فقد تضمن مشروع القرار دعوة للحكومات العربية بأن تضع ضمن أولوياتها استكمال شبكات السكك الحديدية لديها، وكذلك وصلات الربط فيما بين الشبكات السككية لما في ذلك من إيجابيات في تقليل تكلفة النقل وزيادة حجم وحركة نقل التجارة العربية البينية.
وفي ما يخص مشروع الربط البحري بين الدول العربية، تضمن مشروع القرار دعوة للحكومات العربية من أجل سرعة التوقيع على اتفاقية النقل البحري للركاب والبضائع بين الدول العربية كأحد أهم محاور مشروع الربط البحري بين الدول العربية.
وحول الإجراءات المتخذة بشأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لدعم المؤسسات المالية العربية المشتركة والشركات العربية المشتركة، فقد جاءت الإحاطة باستكمال جميع صناديق التمويل العربية زيادة رؤوس أموالها بنسبة لا تقل عن 50 في المائة وفق قرار القمة، ودعوة الشركات العربية إلى استكمال الإجراءات اللازمة وفقا لما تقرره جمعياتها العمومية.
وفي ما يتعلق بالإجراءات المتخذة بشأن استضافة البحرين للبورصة العربية المشتركة القابضة، فقد جاءت دعوة الجهات المعنية في البحرين إلى تيسير إجراءات شركة البورصة العربية المشتركة القابضة على الإعفاءات التي يتطلبها نشاط الشركة في إطار تنفيذ المبادرة من أجل تفعيل نشاط الشركة.
ومن جانبه، قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني، تيسير عمرو: «إننا جددنا المطالبة من الدول العربية بدعم قائمة من المشاريع المخصصة لدعم القدس الشريف في مختلف القطاعات وعلى رأسها قطاع التعليم والشباب، بالإضافة إلى الإسكان، التي تهدف إلى تعزيز صمود دعم شعبنا في القدس، والتي تتعرض إلى هجمة استيطانية غير مسبوقة، وخصوصا من حكومة اليمين الإسرائيلية التي جرى إعادة انتخابها، مما يدل على عدم وجود شريك إسرائيلي»، مؤكدا أنه «لا بد من الدول العربية الارتقاء على مستوى التحدي، وهذا ما نأمل ونثق به في قيادة الشقيقة مصر في المرحلة القادمة لترأسها أعمال القمة العربية».
وأضاف عمرو، في تصريح له على هامش أعمال الاجتماع، أن تلك المشاريع سبق وأن اعتمدتها القمة العربية التنموية «الاقتصادية والاجتماعية» التي عقدت في الرياض، والتي طلبت دولة فلسطين تقديمها على جدول أعمال القمة في حينه، مؤكدا أن دولة فلسطين تحتاج إلى الدعم والمساندة من الدول العربية الشقيقة وعلى رأسها جامعة الدول العربية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.