وزير الخارجية الأميركي من شرم الشيخ: مشاركتي تستهدف إزالة أي لبس عن توتر في علاقاتنا مع مصر

الحكومة المصرية تنفي توجيه دعوة رسمية لتركيا وإيران وإسرائيل

الرئيس المصري يرحب بوزير الخارجية الأميركي أمام مؤتمر «مصر المستقبل» أمس (أ.ب)
الرئيس المصري يرحب بوزير الخارجية الأميركي أمام مؤتمر «مصر المستقبل» أمس (أ.ب)
TT

وزير الخارجية الأميركي من شرم الشيخ: مشاركتي تستهدف إزالة أي لبس عن توتر في علاقاتنا مع مصر

الرئيس المصري يرحب بوزير الخارجية الأميركي أمام مؤتمر «مصر المستقبل» أمس (أ.ب)
الرئيس المصري يرحب بوزير الخارجية الأميركي أمام مؤتمر «مصر المستقبل» أمس (أ.ب)

حفلت أروقة المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، الذي انطلقت أعماله، أمس، برسائل سياسية، مثل غياب وفود من تركيا وإيران وإسرائيل، بينما حمل الحضور العربي والأميركي والأوروبي الرفيع إشارات واضحة على نجاح القاهرة في ترسيخ دورها الإقليمي بعد نحو عامين من ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. وقال جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، إن مشاركته في المؤتمر الاقتصادي تستهدف إزالة أي لبس يحاول البعض الترويج له حول أي توتر في العلاقات المصرية - الأميركية.
وقالت مصادر مصرية رسمية إن القاهرة لم توجه الدعوة الرسمية إلى قطر للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي، لكن وفدا قطريا حضر إلى المؤتمر وشارك في أعماله، الأمر الذي نوهت له الخارجية المصرية التي قالت، أمس، إن وفودا من الدول العربية جميعها حضر المؤتمر بما في ذلك قطر. من جهته، أكد كيري أن مشاركته في المؤتمر الاقتصادي تستهدف إزالة أي لبس يحاول البعض الترويج له حول أي توتر في العلاقات المصرية - الأميركية، مشيرا إلى أن «الجميع حريص على تنمية مصر واستقرارها وهى من الأمور الهامة للغاية التي نحرص عليها».
وكانت العلاقات المصرية - الأميركية قد شهدت توترا على خلفية عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين صيف العام قبل الماضي. وعلقت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لمصر، لكنها أمدت مصر بطائرات الأباتشي لمساعدتها في حربها على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء.
وقال كيري خلال لقائه بممثلي الشركات الأميركية الكبرى في ندوة نظمتها غرفة التجارة الأميركية ومجلس الأعمال المصري الأميركي عن العلاقات التجارية بين مصر وأميركا، إن «هناك تحديات هامة على مصر أن تواجهها بشجاعة من أجل خلق مجتمع قوى يعتمد على اقتصاد قوي.. وإن الاستقرار يأتي على رأس هذه التحديات».
وأضاف أن هذا يحتاج إلى تعاون الحكومة مع القطاع الخاص الذي يقع عليه العبء الأكبر في تحقيق التنمية المستدامة والوصول لمعدلات النمو التي تتطلع إليها مصر. وأكد وزير الخارجية الأميركي خلال الندوة أن البطالة من المشكلات الأساسية في مصر خاصة بين الشباب في سن العمل، مشيرا إلى أن التعليم سبب رئيسي في هذه المشكلة، وهو ما يستلزم استثمارات جيدة في هذا المجال، مشددا على دعم بلاده للتوجهات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة المصرية في مجال الاقتصاد.
وأضاف أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءات إصلاحية جيدة في مجال الاستثمار، بدأت بتخفيف الدعم عن المنتجات البترولية ثم إصدار عدد من التشريعات الجيدة للاستثمار، فضلا عن تخفيض الحد الأقصى للضرائب متوقعا أن تؤدى تلك الإجراءات إلى جذب استثمارات كبرى وتوفير فرص عمل كبيرة خلال الفترة القادمة.
وأشار إلى عدم ضرورة انتظار تحسن مناخ الاستثمار في مصر حتى تضخ الشركات الكبرى استثماراتها، وأنه من الأفضل إقامة المشروعات أولا ثُم العمل على تحسين ظروف الاستثمار، كاشفا أن الشركات الأميركية ضخت خلال العامين الماضيين استثمارات تتجاوز الملياري دولار في مصر.
وأشار إلى أن رغبة مصر لتحقيق معدلات النمو لـ7 في المائة يحتاج إلى تضافر الجهود للوصول إلى هذا المعدل المستهدف، مؤكدا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وجه بتقديم الدعم الكامل لمساندة الاقتصاد المصري، وحدد مجموعة من الإجراءات الإصلاحية، مشددا على أن تقدم أي دولة يقتضى مواجهة حاسمة للفساد.
وتعول القاهرة على أن يسهم المؤتمر الاقتصادي في دفع عجلة الاقتصادي في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، بعد 4 سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية.
وأكد إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصري، أن بلاده على أهبة الاستعداد لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم، مشيرا في تصريحات سبقت جلسة الافتتاح، إلى أهمية المؤتمر كونه ركنا رئيسيا في خارطة الاستثمار والاقتصاد التي وضعتها حكومته، بما يدعم المزيد من الاستقرار ويوفر كثيرا من الفرص الاستثمارية للمنطقة بأسرها ويحقق الرخاء للشعب المصري.
وقال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن المشاركة رفيعة المستوى، وكثافة أعداد الوفد المشاركة سواء الملوك والأمراء والرؤساء والوزراء والمبعوثين الشخصيين ووزراء الخارجية والاقتصاد والمالية والصناعة، إنما تمثل رسائل هامة لنقل الصورة الحقيقية عن مصر وللتأكيد على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. وأكد عبد العاطي أن كثافة المشاركة تعكس أيضا حقيقة أن مصر جاذبة للاستثمار ليس فقط لضخامة سوقها المحلي، ولكن لعضويتها في التجمعات الاقتصادية الأفريقية الكبرى بما فيها «الكوميسا»، ومنطقة التجارة الحرة العربية، بالإضافة إلى قرب إنشاء سوق أفريقية تضم «الكوميسا»، وتجمع شرق أفريقيا.
وتابع أن «الدول والشركات الغربية سواء في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة وآسيا بما في ذلك اليابان والصين والبرازيل يرون أن مصر من الدول الرئيسية جاذبة للاستثمار، وأنها بوابة للنفاذ للأسواق الخارجية، خصوصا الأفريقية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.