ولي ولي العهد السعودي: أمننا أمام تحديات خطيرة.. ولا بد من كشف الرايات الكاذبة

وزراء الداخلية العرب يبحثون في الجزائر استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات

ولي ولي العهد السعودي خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع وزراء الداخلية العرب في الجزائر (واس)
ولي ولي العهد السعودي خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع وزراء الداخلية العرب في الجزائر (واس)
TT

ولي ولي العهد السعودي: أمننا أمام تحديات خطيرة.. ولا بد من كشف الرايات الكاذبة

ولي ولي العهد السعودي خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع وزراء الداخلية العرب في الجزائر (واس)
ولي ولي العهد السعودي خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع وزراء الداخلية العرب في الجزائر (واس)

وصف الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، التحديات التي تواجه الأمن العربي بـ«الكثيرة والخطيرة»، مشددا على أنها تستدعي بالضرورة مواجهة حازمة وذكية «تكشف أكاذيب الرايات والتنظيمات الإرهابية وزيف ادعاءاتها، وتصون شباب أمتنا من خديعة تلك الرايات والتنظيمات الضالة».
واجتمع وزراء الداخلية العرب في الجزائر أمس، في إطار أعمال الدورة 32 لمجلسهم، تحت رعاية الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بهدف وضع استراتيجية عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات. ودعا الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد علي بن كومان، الدول العربية إلى «الاقتداء بالمقاربات الناجحة في مجال مكافحة الإرهاب، ومنها مقاربة الجزائر الفريدة من نوعها التي سمحت لهذا البلد بالخروج من سنوات الجمر، وأفضت إلى تلاحم اجتماعي ومصالحة وطنية». كما تحدث عن تجربة السعودية في مواجهة الإرهاب من خلال برامج المناصحة ومواجهة الفكر بالفكر التي كشفت زيف الأفكار الضالة، والتي أشاد بها الجميع.
وقال الأمير محمد بن نايف في كلمة أمام المؤتمر، إن المواجهة المطلوبة يجب أن «تجمع بين قوة الردع وفاعلية الارتداع، خاصة إذا ما علمنا أن هذه التنظيمات هي في حقيقة الأمر واجهات وأدوات لدول وأنظمة تسخر كافة طاقاتها وإمكاناتها العسكرية والمالية والفكرية للنيل من أمن دولنا واستقرارها واستمرارية وجودها».
وقال الأمير محمد بن نايف، الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، مخاطبا الاجتماع: «تعلمون أيها الإخوة أن أمن دولنا العربية جزء لا يتجزأ، وهي الحقيقة التي تعمل بموجبها المملكة، وتبذل كل إمكاناتها لتعزيز أمن واستقرار دولنا، وترحب بكل جهد يحفظ للأمة العربية دماء شعوبها ومكتسباتها ومقومات حضارتها، ومن هذا المنطلق رحبت المملكة باستضافة مؤتمر الحوار اليمني تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لاستئناف العملية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية لإنقاذ اليمن من حافة الانهيار وحقن دماء أبنائه».
وأشار ولي ولي العهد وزير الداخلية السعودي، إلى أن لمجلس وزراء الداخلية العرب جهودا سباقة «في كشف خطورة الإرهاب وخطره على دولنا ودول العالم أجمع، وهي جهود تكللت بإعداد الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب في مبادرة نوعية غير مسبوقة بأي جهد دولي مماثل، يعززها إجراءات ومواجهات ميدانية حازمة مع الإرهابيين وأعمالهم الشريرة».
وأكد أنه لمن المؤسف أن «تستغل فئة ضالة من أبنائنا في الإساءة إلى سماحة ديننا الإسلامي لدى من لا يعرف حقيقة عظمة هذا الدين ووسطيته واعتداله، وتعريض أنفسهم وأوطانهم للخطر، فئة تحارب الإسلام باسم الإسلام، وتحت شعارات ورايات تخالف الإسلام وتنتهك حرمة دماء وأعراض وأموال المسلمين وغيرهم ممن حرم الله الإساءة إليهم وجعل من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعا».
وبين الأمير محمد بن نايف، أن جدول اجتماعات الوزراء العرب، حافل بموضوعات مهمة تعرض للنقاش «في توقيت مهم وفي ظل منعطف خطير وتداعيات أكثر خطورة تحيط بأمننا العربي»، آملا أن يسفر الاجتماع العربي عن قرارات وتوصيات «تعزز مسيرة التعاون والتنسيق القائم بين دولنا وترفع من جهوزية أجهزتنا الأمنية في مواجهة التحديات الأمنية وفاعلية إجراءاتها في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف وحماية أمننا العربي».
وشارك في الاجتماع، بالإضافة لوزراء الداخلية العرب، وفود أمنية رفيعة، وممثلون عن جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، واتحاد المغرب العربي، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول»، والمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني، والمنظمة العربية للسياحة، والهيئة العربية للطيران المدني، إضافة إلى مشاركة ممثلين عن الاتحاد الرياضي العربي للشرطة.
وكان وزير الدولة وزير الداخلية الجزائري الطيب بلعيز ألقى كلمة نعى في مستهلها باسمه وباسم وزراء الداخلية العرب، فقيد الأمة العربية خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، سائلا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، ناقلا ترحيب الرئيس الجزائري بالوزراء العرب، وأوضح أن انعقاد دورة المجلس دليل بين على بالغ الاهتمام الذي يوليه الرئيس بوتفليقة لهذه الدورة.
واستحضر الأدوار المهمة التي اضطلع بها الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله، في تعزيز عمل مجلس وزراء الداخلية العرب وضمان استمرارية اجتماعاته، ودعمه الأمانة العامة للمجلس منذ إنشائها.
وقال بلعيز، وهو رئيس الدورة الحالية التي تبحث استراتيجية أمنية عربية موحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، إن «هذا اللقاء ينعقد والأمة العربية في معظمها، لا تزال تعيش ظروفا استثنائية يطبعها تنامي بؤر التوتر وامتداد الاضطرابات والنزاعات العنيفة، واشتداد التطرف والإرهاب، وكذا بروز الكثير من الجماعات الإجرامية تحت مسميات مختلفة وصلت إلى أبشع أعمال الإجرام والدمار، ضمن خطط ممنهجة عابرة للأوطان توحي بوجود نية مبيتة لضرب استقرار بلداننا وزرع أسباب الانشقاق والتفكك».
وأضاف بلعيز: «التحولات السياسية العميقة التي عرفتها بعض البلدان العربية، عقب ما زعم أنه ربيع عربي، وما نتج عنها من خلافات داخلية أججت الصراعات وأسفرت عن حالة اللااستقرار، وفرت المناخ لانتشار وتنامي الجماعات الإرهابية». وأفاد وزير الداخلية الجزائري بأن «هذا الوضع شكل فرصة أمام قوى التطرف، لبث سمومها في جسد الأمة العربية بالترويج لأفكارها بين الشباب العربي وتنفيذ أعمالها الإرهابية، وهو ما يستدعي وضع استراتيجية عربية شاملة لمكافحة الإرهاب، تبدأ من وضع تصور استشرافي متجانس يرسم أوجه التعاون العربي في المجال الأمني، وتكثيف تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية، وتبني خطط أمنية عملياتية مشتركة ثنائية أو متعددة الأطراف لتضييق الخناق على الجماعات الإرهابية للحد من تحركاتها عبر الحدود».
وفي السياق نفسه، دعا رئيس الدورة في إطار الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى «مواجهة الجريمة الإلكترونية ومراقبتها لمنع الجماعات الإرهابية من استغلال الإنترنت لضرب استقرار الدول العربية ونشر الفكر المتطرف وتجنيد الشباب في صفوفها».
وضمانا لنجاح هذه الاستراتيجية دعا الوزير بلعيز، إلى «إنشاء قوات مدربة على مكافحة الإرهاب من خلال تكثيف الزيارات والخبرات بين رجال الأمن بالدول العربية».
من جهته، دعا الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد علي بن كومان، الدول العربية إلى «الاقتداء بالمقاربات الناجحة في مجال مكافحة الإرهاب، ومنها مقاربة الجزائر الفريدة من نوعها والتي سمحت لهذا البلد بالخروج من سنوات الجمر، وأفضت إلى تلاحم اجتماعي ومصالحة وطنية». كما تحدث عن تجربة السعودية في مواجهة الإرهاب من خلال «برامج المناصحة ومواجهة الفكر بالفكر التي كشفت زيف الأفكار الضالة، والتي أشاد بها الجميع». وقال إن «الوطن العربي يواجه تحديات أمنية كبيرة وانتشارا للإرهاب والجريمة بجميع أشكالها تقتضي من الجميع التنسيق وتضافر الجهود».
وأوضح بن كومان أن «الجرائم النكراء والتدمير للممتلكات التي يشهدها العالم العربي، من طرف الجماعات الإرهابية لم يعرف لها مثيل من قبل». وتحدث عن «أهمية تضافر الجهود وتبادل التجارب والخبرات، بين الدول العربية لمواجهة ظاهرة الإرهاب واستئصالها من المجتمعات العربية».
وأوضح بن كومان أن الدول العربية «واجهت الإرهاب لوحدها بعد أن فتحت الدول الغربية أبوابها لمنظري الإرهاب، ومدبري جرائمه بحجة حماية حقوق الإنسان وحق اللجوء السياسي». وأشار إلى «أهمية تطوير الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، وتقييم أدوات العمل العربي وتكييفها مع متطلبات الوضع الراهن لمواجهة آفة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله». وأشاد بـ«جهود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل رأب الصدع العربي وتعزيز وترقية العمل العربي المشترك، في مختلف المجالات».
كما ألقى وزراء الداخلية العرب، كلمات أشاروا فيها إلى التحديات التي تواجهها الأمة العربية في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية الحالية، التي تتطلب الوقوف إلى جانب الشعوب التي تتعرض للاضطهاد والقتل، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال والقمع. وأكد الوزراء أنه في ظل هذه الظروف، فإن الأمر يتطلب أيضا مواقف حازمة ومنسجمة لمواجهة انتشار الجماعات المسلحة والمتطرفة التي أصبحت تهدد السلم الاجتماعي في الوطن العربي، والتصدي لها من خلال تنفيذ الاستراتيجيات المشتركة حفاظا على سلامة الشعوب العربية، وضمانا لاستمرارية التنمية في مختلف الأقطار.
وسبق انطلاق الدورة، اجتماع الخبراء بهدف إعداد مشروع «إعلان الجزائر لمكافحة الإرهاب»، الذي يرتقب أن يعلن عنه في نهاية الاجتماع (في ساعة متأخرة أمس). وتتضمن الوثيقة تأكيد الدول العربية على التضامن فيما بينها وتفعيل أطر التعاون لمكافحة الإرهاب، والدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، وأهمية ضبط الحدود للرقابة على عمليات تهريب الأسلحة والحد من انتشارها، بالإضافة إلى التأكيد على رفض إلصاق آفة الإرهاب والتطرف بالدين الإسلامي. ويضم جدول أعمال المؤتمر 25 بندا، تم تحويلها إلى الأمانة العامة للمجلس تمهيدا للمصادقة عليها.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)