«حزب الله» يضع رجلا في ساحة المعركة السورية وأخرى في ميدان الحل السياسي

التقى وفودا معارضة ومستعد للجلوس مع القوى المؤيدة لإلقاء السلاح

طفل لبناني يحمل علم حزب الله مارا بجانب صور لأمين عام الحزب حسن نصر الله والمرشدين الإيرانيين الراحل الخمبني والحالي علي خامنئي (أ.ف.ب)
طفل لبناني يحمل علم حزب الله مارا بجانب صور لأمين عام الحزب حسن نصر الله والمرشدين الإيرانيين الراحل الخمبني والحالي علي خامنئي (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يضع رجلا في ساحة المعركة السورية وأخرى في ميدان الحل السياسي

طفل لبناني يحمل علم حزب الله مارا بجانب صور لأمين عام الحزب حسن نصر الله والمرشدين الإيرانيين الراحل الخمبني والحالي علي خامنئي (أ.ف.ب)
طفل لبناني يحمل علم حزب الله مارا بجانب صور لأمين عام الحزب حسن نصر الله والمرشدين الإيرانيين الراحل الخمبني والحالي علي خامنئي (أ.ف.ب)

لا يبدو «حزب الله» المنهمك حاليا بمعارك سوريا وخصوصا تلك المحتدمة على الجبهة الجنوبية وبالتحديد في مثلث القنيطرة – درعا – ريف دمشق، كما تلك المنتظر توسعها في منطقة القلمون والحدود اللبنانية – السورية، مقتنعا بأن الحل العسكري وحده قادر على وضع حد للأزمة السورية التي تدخل بعد أيام عامها الخامس، إذ تؤكد مصادر معنية بالملف أنه التقى في فترة ماضية وفودا من المعارضة السورية، بعضها مقرب من رئيس الائتلاف السوري السابق معاذ الخطيب، كما أنه لا ينفك يعرب أمام سائليه عن جهوزيته للجلوس إلى طاولة الحوار مع أي فصيل معارض يقبل بإلقاء السلاح.
وتشير المصادر إلى أن «حزب الله» يرفض حاليا الخوض بأي عملية يلعب فيها دور الوسيط بين جماعات المعارضة والنظام، ويشدد على أنه مستعد للحوار مع قوى المعارضة الراغبة بذلك «من موقعه كحليف لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وباعتبار أن هذه القوى تثق بوعوده بعدما اختبرته أكثر من مرة في الميدان».
وقد تنامى نفوذ «حزب الله» السياسي المرتبط بالأزمة السورية بعدما طلب المبعوث الأممي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لقاء أمين عام الحزب، حسن نصر الله، الطلب الذي اعتبره الحزب حينها بمثابة «انتصار» له وإقرار دولي بحجمه ودوره في لبنان والمنطقة، بعد تجنب المبعوثين الأمميين السابقين إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وكوفي أنان التواصل معه.
وتقول المصادر إن «قياديين في الحزب التقوا في مرحلة سابقة وفودا من المعارضة السورية في العاصمة بيروت طرقت أبوابهم»، لافتة إلى أن هذه الوفود كانت من المعارضة من الداخل والخارج على حد سواء. وتضيف: «كما جرت لقاءات بالواسطة مع مقربين من رئيس الائتلاف السوري السابق معاذ الخطيب، لكن الحديث معهم توقف منذ فترة».
وترددت في فبراير (شباط) الماضي معلومات عن لقاءات سرية عقدت في بيروت برعاية رسمية نرويجية، ضمت شخصيات سورية موالية معظمهم من رجال دين ومثقفين وسياسيين مقربين من النظام السوري، وأخرى معارضة مقربة من معاذ الخطيب.
وتؤكد المصادر استعداد الحزب للتحاور مع «أي فصيل في المعارضة السورية يوافق على إلقاء السلاح والاحتكام للتوافق، ويتفق معه على ترك لغة العنف جانبا»، لافتة إلى أن «حزب الله» والنظام السوري، على حد سواء، لم يقفلا يوما الباب أمام الحل السياسي، وهو ما تثبته تجارب جنيف وموسكو وأخيرا قبول السير بخطة دي ميستورا لتجميد القتال في حلب.
وتدرج دول على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ومجلس التعاون الخليجي «حزب الله» على لوائحها الخاصة بالإرهاب. كما قررت دول الاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) 2013 التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لـ«حزب الله»، مدرجة الأول على لائحتها للمنظمات الإرهابية، فيما تواصل سفيرة الاتحاد في بيروت أنجيلينا ايخهورست لقاءاتها مع مسؤولين في الحزب باعتبارهم جزءا من الجناح السياسي.
ويستفيد الحزب حاليا من وجوده في سوريا لإنشاء مجموعات مقاتلة شبيهة بالمجموعات الموجودة في لبنان، تحت مسمى «سرايا المقاومة»، إذ تؤكد المصادر انطلاق العمل فعليا لإنشاء سرايا مقاومة سورية تكون جاهزة في المراحل المقبلة لدعم «حزب الله» عسكريا من خلال جبهة الجولان، في أي حرب مقبلة بينه وبين إسرائيل. وكان حزب الله أعلن عام 2012 مشاركته بالمعارك الدائرة في سوريا إلى جانب قوات النظام وبالتحديد في القرى الحدودية، للدفاع عمن قال إنهم «لبنانيون يعيشون في قرى متداخلة بين البلدين ولمنع وصول المد التكفيري إلى لبنان»، متحججا أيضا بحماية المقامات الدينية وخصوصا مقام السيدة زينب بريف دمشق. وقد توسعت مشاركته في المعارك في سوريا لتطال حاليا معظم الجبهات، مع إقرار مصادر مطلعة على أجوائه بسيطرته على مساحات داخل سوريا أكبر من مساحة لبنان.
وتدهورت الأوضاع الأمنية في الداخل اللبناني بعيد قرار الحزب المشاركة بالحرب السورية، فتوالت التفجيرات في مناطق محسوبة عليه في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي بلدات شيعية في البقاع شرق البلاد. وصد «حزب الله» خلال الأشهر الماضية أكثر من هجوم لعناصر جبهة النصرة وتنظيم داعش عبر سلسلة جبال لبنان الشرقية، وكان آخرها مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) حين حاول عناصر «النصرة» احتلال مراكز عسكرية للحزب في جرد بلدة بريتال شرقا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.