الـ«يونيسكو» اعتبرتها «جريمة حرب» وتتوجه مجددا إلى مجلس الأمن

باريس تدعو لوقف تدمير التراث الإنساني في العراق

الـ«يونيسكو» اعتبرتها «جريمة حرب» وتتوجه مجددا إلى مجلس الأمن
TT

الـ«يونيسكو» اعتبرتها «جريمة حرب» وتتوجه مجددا إلى مجلس الأمن

الـ«يونيسكو» اعتبرتها «جريمة حرب» وتتوجه مجددا إلى مجلس الأمن

بعدما عرفت تفاصيل «المجزرة» التي ارتكبها تنظيم داعش بحق آثار نادرة تشكل إرثا مهما من تاريخ البشرية والحضارة، اعتبرت مديرة عام المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» أن ما يحصل بمثابة «تطهير ثقافي» وعمدت إلى رفع المسألة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة. كما أنها توجهت إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية من أجل أن تضع يدها على قضية لا تهم العراق وحده بل العالم بأسره، باعتبار أن عملية تدمير الآثار وحرق المخطوطات الفريدة والثمينة يعد مسا بالذاكرة الإنسانية.
بيد أن هذه التهديدات وكثير غيرها انصب من كل الأنحاء لا يبدو أنه كان لها كبير أثر على «داعش» ولا على خططها في «مسح» طبقات كاملة من تاريخ وآثار الحضارات القديمة التي شهدتها بلاد ما بين النهرين. وجاء تدمير آثار موقع نمرود الأشورية لتثير موجة إضافية من بيانات الإدانة. وباعتبار الـ«يونيسكو» مسؤولة عن المحافظة على التراث الإنساني، فإن المنظمة الدولية كانت أول من رفع الصوت للتنديد بما سمته «جريمة حرب» وأول من طلب مجددا من مجلس الأمن الدولي التدخل لوضع حد لهذه الممارسات.
وأصدرت المديرة العامة إيرينا بوكوفا بيانا جديدا أمس حثت فيه المسؤولين السياسيين والدينيين ومجمل الأسرة الدولية إلى الوقوف بوجه ما سمته «الهمجية الجديدة» والابتعاد عن «التزام الصمت» بوجه جريمة متعمدة وخصوصا «توحيد الجهود» لوضع حد لهذه الكارثة المحدقة. وجاء في بيان بوكوفا ما يلي: «عن التطهير الثقافي الحالي في العراق لا يوفر شيئا ولا أحدا وهو يستهدف الأرواح والأقليات ويترافق مع التدمير المنهجي للتراث البشري الذي يعود لآلاف السنين». ومجددا، أعلنت المديرة العامة للمنظمة الدولية أنها رفعت المسألة مرة أخرى إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية.
وأمس أيضا، نددت فرنسا بـ«أقصى الشدة» بعمليات التدمير المستمرة والممنهجة للتراث الثقافي العراقي. ففي بيان صدر أمس عن وزارة الخارجية، اعتبرت فرنسا أن ما قامت به وتقوم به «داعش» من تدمير مراقد الأنبياء ومحتويات متحف الموصل وأخيرا موقع نمرود الأثري «تعبير لمنطق بغيض هدفه القضاء على أحد أهم الموروثات الإنسانية». وذكرت باريس بالقرار الذي اتخذته اليونيسكو في الخريف الماضي لجهة حماية تراث العراق وبالقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 12 فبراير (شباط) الماضي تحت الرقم 2199 والقاضي بإدانة ما تقوم به «داعش» ودعوة الدول المعنية إلى محاربة تهريب وسرقة الآثار العراقية. وحرصت باريس، إزاء هذا الوضع الخطير للغاية، على الإعراب للسلطات العراقية عن «كامل دعمها» للجهود التي تقوم بها من أجل «وضع حد» لهذه الممارسات وإحالة القائمين بما اعتبرته «جرائم حرب» على العدالة.
غير أن إدانة الـ«يونيسكو» والإدانات الصادرة عن الحكومات والمنظمات والهيئات الدولية لا يبدو أنها ستفيد بشيء طالما الوضع الميداني على حاله، وطالما أن «داعش» تعتبر نفسها بمأمن عما تتضمنه من تهديدات. وتقع مدينة نمرود الأثرية التي يعود تاريخا إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد على ضفة نهر دجلة وعلى نمسافى 30 كلم جنوب الموصل. وسيطرت «داعش» بداية الصيف الماضي على شمال العراق وعمدت بعدها إلى إعلان الخلافة على أجزاء من الأراضي السورية والعراقية.
من جهتها دانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، أمس اعتداء تنظيم «داعش» على مدينة النمرود الآشورية الأثرية في محافظة نينوى وتجريف معالم أثرية تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده، فيما دعت إلى التدخل السريع لحماية المعالم الأثرية. وقالت «إيسيسكو» في بيان لها إن «تنظيم داعش الإرهابي بفكره المتطرف المهدد لمكونات الحياة من تراث ثقافي وحضاري وديني لا يمثل الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى الفضائل ويحث على احترام الحياة والحفاظ على كرامة الناس، وعلى الحوار والتعايش مع أتباع الثقافات والأديان الأخرى». وأعربت عن قلقها من «استمرار الاعتداءات الإجرامية لهذا التنظيم الإرهابي على الإرث التاريخي في العراق وسوريا»، محذرة من «أضراره الجسيمة على التراث الثقافي والحضاري الإنساني في هذه المنطقة». ودعت المنظمة الدول الأعضاء والأمم المتحدة والـ«يونيسكو» إلى «التدخل السريع لحماية المعالم الأثرية في المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».