«داعش» يواصل غزواته ضد إرث العراق التاريخي وينتقم من «نمرود» في الموصل

البرلمان العراقي يطالب بموقف دولي رادع

بقايا مدينة النمرود الآشورية قبل أن تتعرض للتدمير من قبل تنظيم داعش («الشرق الأوسط»)
بقايا مدينة النمرود الآشورية قبل أن تتعرض للتدمير من قبل تنظيم داعش («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يواصل غزواته ضد إرث العراق التاريخي وينتقم من «نمرود» في الموصل

بقايا مدينة النمرود الآشورية قبل أن تتعرض للتدمير من قبل تنظيم داعش («الشرق الأوسط»)
بقايا مدينة النمرود الآشورية قبل أن تتعرض للتدمير من قبل تنظيم داعش («الشرق الأوسط»)

بعد أقل من شهر على تدمير متحف الموصل (ثاني أكبر متحف بالعراق بعد المتحف الوطني ببغداد) أقدم تنظيم داعش على تجريف مدينة النمرود الواقعة جنوب الموصل. وفيما عبر العالم عن غضبه واستنكاره لما عده جريمة بحق الإنسانية بشأن متحف الموصل، فقد واصل هذا التنظيم زحفه باتجاه تدمير ما تبقى من آثار وشواخص ومراقد وأضرحة وصولا إلى النمرود. وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية في بيان لها إن مسلحي تنظيم «داعش» أقدموا على تجريف منطقة النمرود الأثرية التي تبعد مسافة نحو 30 كلم جنوب مدينة الموصل في محافظة نينوى»، مشيرة إلى أن «عناصر التنظيم استخدموا آلات ثقيلة لتجريف الموقع».
وفي هذا السياق أكدت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي أنها «بصدد مفاتحة الهيئات والمنظمات العالمية من أجل التحرك لوضع حد لهذا الزحف الهمجي ضد التاريخ والحضارة والتراث». وقال عبد الوهاب محمود علي مقرر لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «البرلمان العراقي بكل هيئاته ولجانه أدان هذه الجريمة التي هي ليست ضد العراق فحسب، بل هي ضد الإنسانية من منطلق أن ما تحتويه أرض العراق من آثار هي ملك الإنسانية جمعاء». وأضاف أن «بيانات الإدانة والاستنكار ليست كافية ولكن السؤال هو ما العمل في ظل هذه الهجمة سوى أن يتم دعم الجيش العراقي وتسليحه لكي يتمكن من طرد هذه العصابات حتى نتمكن من حماية باقي آثارنا ومتاحفنا في مدن العراق الأخرى علما أن ما يقوم به «داعش» في العراق اليوم ليس مستغربا، حيث سبق له أن قام بمثله في أفغانستان حين حطم تماثيل بوذا»، مؤكدا أن «هذا التنظيم هو عدو للإنسانية وهو ما يتطلب تضافر الجميع من أجل وضع حد لمثل هذه الممارسات الإجرامية». وأشار إلى «وجود خطة داخل البرلمان للتحرك بهذا الاتجاه حيث لم يعد ممكنا الاكتفاء بمجرد الإدانة أو توصيف الجرائم بوصفها ضد الإنسانية».
من جهتها أكدت عضو البرلمان العراقي عن كتلة التغيير الكردية وعضو لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية سروة عبد الواحد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما قامت به داعش من تدمير وتخريب للآثار العراقية أمر يفوق بمراحل كل ما عمله الغزاة الذين تناوبوا على غزو العراق عبر التاريخ لأن أيا منهم لم يفعل بالآثار العراقية مثلما فعلوا بل بقيت شاخصة عبر كل العصور»، مشيرة إلى أنه رغم الطابع الهمجي لـ«داعش» وهو أمر مفروغ منه لكن الأمر لا يخلو من غرابة، حيث إنه قد تكون مثل هذه الأعمال تغطية لما تقوم به المافيات في سرقة الآثار لأن هناك آثارا غير مسجلة حتى الآن وبالتالي لا تسهل سرقتها وفي هذا الوقت المضطرب إلا بعمليات من هذا النوع من خلال التواطؤ بين داعش وبين هذه المافيات لقاء أموال طائلة». وأشارت إلى أن «هدفنا القادم هو كيفية إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من إرث العراق التاريخي والحضاري». وكانت منظمة الثقافة والفنون التابعة للأمم المتحدة، يونيسكو، أكدت أن تدمير آثار النمرود جنوب مدينة الموصل من قبل «داعش» جريمة حرب لا يمكن التزام الصمت حيالها. وقالت مديرة المنظمة إيرينا بوكوفا، اليوم الجمعة، في بيان لها أمس الجمعة: «أدين بكل شدة تدمير موقع النمرود»، مشيرة إلى أنه «لا يسعنا التزام الصمت». وأضافت أن «التدمير المتعمد للإرث الحضاري يعتبر جريمة حرب، وأنا أناشد كل الزعماء السياسيين والدينيين في المنطقة أن يتصدوا لهذا العمل البربري الجديد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».