في مؤشر على ظهور مواجهة جديدة بين الحكومة المغربية والجمعيات النسائية، أعلنت أمس «الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب»، التي تعد من أكبر الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء، رفضها لمشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، الذي أنجزته الحكومة، وعدته «هدية ملغومة» قدمت للمغربيات قبل الاحتفال بذكرى 8 مارس (آذار).
وتعتزم جمعيات نسائية مدعومة من أحزاب المعارضة، تنظيم مسيرة احتجاج بعد غد الأحد في الرباط، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أطلقت عليها اسم «مسيرة المساواة والديمقراطية»، للمطالبة بإقرار المساواة بين الرجال والنساء ضمن أجندة الإصلاح السياسي في البلاد.
وكانت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، التي توجد على رأسها بسيمة الحقاوي، المنتمية لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، قد أعدت مشروع قانون يتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، التي نص عليها الفصل 19 من الدستور المغربي، وهي تعد أول هيئة من نوعها في المغرب منحها القانون الجديد عدة اختصاصات، تتمثل في إبداء الرأي وتقديم الاستشارة والمقترحات المتعلقة بقضايا المساواة بين الجنسين. كما يدخل ضمن مهامها استقبال الشكاوى والتظلمات التي قد ترفعها جهات سياسية، أو منظمات مدنية، أو مؤسسات في القطاع الخاص للاحتجاج على قوانين تكرس التمييز، ولا تحقق المناصفة.
بيد أن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أوضحت في لقاء صحافي عقدته أمس في الرباط، أن المشروع جاء «مخيبا للآمال، لا سيما أن الحكومة قدمته أياما قليلة قبل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، المتزامن هذه السنة مع 20 سنة على مؤتمر بكين».
وانتقدت سميرة بيكاردن، رئيسة الجمعية، بشدة عدم توفر الهيئة على أي صلاحيات رقابية وزجرية، مما يجعلها «مجرد هيئة لإصدار التوصيات وإبداء الرأي، وتقديم المقترحات، ومركزا لإعداد الدراسات». وقالت إن المشروع الحكومي جاء «مخالفا لانتظارات المجتمع، ولا يتماشى مع المذكرة التي أصدرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الشأن، التي نصت على إنشاء هيئة بصلاحيات شبه قضائية»، مضيفة أن الهيئة «لا تتماشى مع الفصل 19 من الدستور الذي نص على المساواة في الحقوق والحريات الأساسية، كما أنها لا تتلاءم مع عزم المغرب على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما».
ودعت الجمعية حكومة ابن كيران إلى مراجعة هذا المشروع وتدقيقه، واقترحت منح الهيئة صلاحيات زجرية وشبه قضائية، وتلقي الشكاوى ومعالجتها والتحقيق بشأنها، كما طالبت بأن ينص قانون الهيئة على أن تتدخل الهيئة لمساعدة المشتكيات من ضحايا التمييز والعنف، وقيام هذه المؤسسة التي طالما انتظرت المنظمات النسائية خروجها إلى حيز الوجود، بإظهار مدى احترام المغرب للمواثيق والمعاهدات التي صادق عليها بشأن مكافحة كل أشكال التمييز ضد النساء. كما انتقدت الجمعية غياب خبراء ومختصين في قضايا المساواة والمناصفة ضمن أعضاء الهيئة الـ15 الذين سيعين 7 منهم من قبل رئيس الحكومة، الأمر الذي يمس باستقلاليتها، بحسب الجمعية.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يثار فيها جدل واسع بين الجمعيات النسائية المغربية والحكومة، حيث سبق لهذه المنظمات أن انتقدت قانون محاربة العنف ضد النساء الذي أعدته وزارة الأسرة والتضامن، وأحيل على مجلس الحكومة للدراسة والمصادقة، إلا أنه تعثر إخراجه إلى اليوم.
ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى الحكم والمنظمات النسائية المغربية متوجسة من حدوث تراجع في قضايا المساواة والمناصفة، حتى إنها تحاسب رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران على أي كلمة ينطق بها، أو وصف يتعلق بالنساء، وتجعلها مبررا كافيا للخروج إلى الشارع للاحتجاج عليه.
جمعيات نسائية مغربية ترفض قانون هيئة المناصفة ومحاربة التمييز
عدته هدية ملغومة قدمتها الحكومة للمرأة قبل الاحتفال بيومها العالمي
جمعيات نسائية مغربية ترفض قانون هيئة المناصفة ومحاربة التمييز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة