العبادي: سنتعقب ما نهبه تنظيم داعش من متحف الموصل

علاوي دعا في تصريح لـ «الشرق الأوسط» إلى التكاتف لهزيمة المتطرفين

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يقص الشريط لإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يقص الشريط لإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

العبادي: سنتعقب ما نهبه تنظيم داعش من متحف الموصل

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يقص الشريط لإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يقص الشريط لإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد أمس (إ.ب.أ)

تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس بالعمل على إعادة قطع أثرية قال إن تنظيم داعش سرقها من متحف الموصل بعد تحطيم معروضاته بغية بيعها في الخارج لتمويل عملياته.
جاء ذلك في كلمة ألقاها العبادي خلال احتفال بإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد، المغلق منذ أكثر من 12 عاما، إثر تعرض نحو ثلث موجوداته التي تقارب 15 ألف قطعة للنهب بُعيد الاجتياح الأميركي عام 2003.
وقال العبادي إن مقاتلي «داعش» الذين حطموا آثارا لا تقدر بثمن في متحف الموصل قبل ثلاثة أيام احتفظوا ببعض القطع لبيعها، وتعهد بمنعهم من تهريبها. وردا على فيديو يظهر مقاتلي التنظيم المتشدد وهم يستخدمون المطارق وآلات الثقب الكهربائية في تحطيم تماثيل ومنحوتات تعود لقرابة 3 آلاف عام، طلب العبادي أيضا الدعم الدولي للقضاء على «البرابرة الإرهابيين». ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله: «لدينا من الأخبار أن (داعش) دمر البعض (من القطع الأثرية) ويهرب البعض الآخر، وعملية التهريب قائمة على قدم وساق». وتابع أن كل المقتنيات مرقمة وعليها علامات، وأن العراق سيسعى لتتبعها بمساعدة دولية، مؤكدا: «سنلاحقهم ومعنا العالم، وهذه دعوة جادة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وإلى جميع الدول المحبة للسلام لملاحقة هؤلاء جميعا». وتابع: «تبا لهم ولأيديهم على ما يفعلون».
بدوره، كشف سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي «داعش» فجروا أمس «الجانب الشرقي من سور الموصل الآشوري، كذلك فجروا الكثير من آثار منطقة نمرود التاريخية، وفخخوا ما تبقى منها». واستطرد قائلا: «قبل تدميره محتويات متحف الموصل، نقل التنظيم المتطرف أكثر من ألف قطعة أثرية من المتحف إلى سوريا لبيعها». وجاءت إعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد الذي يضم آثارا يعود تاريخها إلى 100 ألف عام قبل الميلاد، بعد يومين من نشر تنظيم «داعش» شريطا مصورا يظهر تدمير تماثيل وقطع أثرية في الموصل، كبرى مدن شمال البلاد، التي يسيطر عليها التنظيم منذ يونيو (حزيران) الماضي. وأقيم احتفال في المتحف بحضور رئيس الوزراء ووزير السياحة والآثار عادل فهد الشرشاب، ومسؤولين وخبراء آثار.
وقال قيس حسين رشيد، وكيل وزير السياحة والآثار، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نستعد لإعادة المتحف، وهذا عمل نقوم به منذ أشهر لأنه يجب إعادة افتتاح المتحف أمام الجميع». وأضاف: «أحداث الموصل (في إشارة إلى تدمير الآثار) سرعت من عملنا، وأردنا أن نفتتحه اليوم (أمس) ردا على ما فعلته عصابات (داعش)».
وقال مسؤولون عراقيون أمس إن نحو 15 ألف قطعة أثرية تعرضت للنهب في عام 2003، لكن بغداد تمكنت من استرجاع نحو 4300 منها. وأوضح رشيد: «ما تم استرداده نحو 4300 قطعة من أصل 15 ألفا، وهذا عدد جيد»، مضيفا: «نتابع أكثر من 10 آلاف قطعة في الأسواق والمزادات».
من ناحية ثانية، دعا إياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية العراقي، المعنيين في العراق إلى التكاتف ونبذ الخلافات والتصدي بقوة للجماعات الإرهابية المتطرفة. وقال علاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التنظيم المتطرف «يسعى إلى تدمير حاضر ومستقبل وتاريخ العراق من خلال جرائمه التي يرتكبها هنا وهناك والتي أظهرت نياته العدوانية جراء استهدافه الناس والأرض والتاريخ والحضارة». وأضاف علاوي أن الجريمة التي طالت متاحف محافظة نينوى وحطمت تراثا عراقيا وتاريخا يمتد لآلاف السنين هي دليل واضح على وحشية هذا التنظيم وعدوانيته تجاه العراق وتاريخه الضارب في القِدم». وطالب علاوي بتفعيل المصالحة الوطنية والتكاتف من أجل التصدي لتنظيم داعش وطرده من كل مدن العراق والقضاء عليه بالكامل.
بدورها، ناشدت النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف «المنظمات الدولية ودول العالم اتخاذ موقف دولي من جماعات التطرّف والإرهاب التي تتوسع وتستبيح القتل والتخريب وتستهدف وجود الإنسانية». ووصفت نصيف «التخريب والتطاول على تراث وتاريخ العراق في متاحف محافظة نينوى بالنهج المتخلف الذي ينفذه تنظيم داعش بإنهاء الإنسانية التي انطلقت من بلاد وادي الرافدين منذ آلاف السنين ومنها إلى دول العالم الإرهابي».
أما رئيسة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، النائبة ميسون الدملوجي، فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا اليوم (أمس) ومن خلال لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب بيانًا أدان الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش بطمس هوية الموصل وطمس هوية العراق الثقافية». وأضافت: «طالبنا بأن يقام مؤتمر كبير وعاجل لجرد حجم وكمية الدمار الذي لحق بتاريخ الموصل الحضاري بعد استهدافه من قبل تنظيم داعش الإجرامي». كما ناشدت المجتمع الدولي إيقاف حملة تهريب الآثار العراقية ومحاربتها بشكل جدي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.