معارضون يحذرون من «اقتتال وشيك» بين «النصرة» و«حزم» في الشمال السوري

«الجبهة الشامية» تدعو الطرفين لـ«ضبط النفس».. وتدخل على خط الوساطة

معارضون يحذرون من «اقتتال وشيك» بين «النصرة» و«حزم» في الشمال السوري
TT

معارضون يحذرون من «اقتتال وشيك» بين «النصرة» و«حزم» في الشمال السوري

معارضون يحذرون من «اقتتال وشيك» بين «النصرة» و«حزم» في الشمال السوري

حذّر معارضون سوريون في شمال البلاد، أمس، من جولة اقتتال جديدة بين فصيلي «حركة حزم» المعتدل، و«جبهة النصرة» المتشدد، على خلفية اتهامات بإعدام أسرى لدى الطرفين، وسط محاولات من «الجبهة الشامية»، وهي أكبر الفصائل العسكرية المعارضة في الشمال «لاحتواء الخلاف، والدخول على خط الوساطة منعًا لقتال محتمل بينهما»، كما قال نائب رئيس مجلس محافظة حلب منذر سلال لـ«الشرق الأوسط».
وأصدرت جبهة النصرة، وهي «الفرع السوري لتنظيم القاعدة»، أمس، بيانًا اتهمت فيه حركة حزم باختطاف عدد من قيادييها ومقاتليها وبتحريض حزم مقاتليها على قتال جبهة النصرة، معتبرة أن «جميع مكونات حركة حزم باتت هدفًا مباشرًا لها». وردت «حزم» في بيان، أكدت فيه أنها لم تعدم عناصر من «النصرة» كانوا أسرى لديها، لكن التنظيم المتشدد اعتبر أن البيان «غير كافٍ، وليس دليلاً ثابتًا على براءتها» مما سمته «الانتهاك».
وكانت «النصرة» شنت هجومًا في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ضد «حركة حزم» في معقلها في ريف حلب الغربي، وسيطرت على مواقع لها، متهمة الحركة بأنها «ذراع أميركية في شمال سوريا». وكانت «حزم» من الفصائل القليلة التي تلقت دعمًا عسكريًا من الولايات المتحدة الأميركية، بينها صواريخ «تاو» المضادة للدروع، واستخدمتها في معاركها الأخيرة في حلب ضد قوات النظام، حيث أمنت تغطية نارية لفصائل المعارضة السورية المهاجمة في ريف حلب الشمالي، كما أكد مصدر في حركة «حزم» لـ«الشرق الأوسط».
لكن هذا الدعم الأميركي تضاءل بعد انضمام «حزم» إلى «الجبهة الشامية» التي تضم معتدلين ومقاتلين إسلاميين غير متشددين. وتتوزع حركة حزم «في ريف إدلب، وريف حلب الغربي بشكل رئيسي»، بينما تتوزع «النصرة» على مساحة أكبر في ريف إدلب وريف حلب الشمالي.
ولا ينظر معارضون إلى أن المعركة المحتملة بين «النصرة» و«حزم» ستكون متكافئة لصالح «حزم»، بل «ستعود بالضرر على فصائل المعارضة التي تقاتل في الشمال ضد قوات النظام». وقال سلال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الوقائع «دفعت الجبهة الشامية للدخول على خط الوساطة لمنع الاقتتال بين الطرفين»، مشيرًا إلى أن الجبهة الشامية «تعتبر أنه إذا ثبت أن حزم أعدمت أسرى (النصرة) لديها، فستكون قد أخطأت». وأشار إلى أن الوساطات «ازدادت وتيرتها منذ مساء الأربعاء، بتجنب أي معركة في الداخل».
وكانت «الحركة الشامية» أصدرت بيانًا دعت فيه «حركة حزم» إلى «الالتزام بقرارات القيادة»، مشيرة إلى أن هذا البيان «هو بمثابة الإنذار الأخير»، فيما دعت «النصرة» إلى «ضبط النفس وعدم التسرع بالدخول في الاقتتال مع حركة حزم». كما طالبت الطرفين «بالالتزام بما تم الاتفاق عليه مع الجبهة الشامية».
ولا ترى «الجبهة الشامية» مصلحة في هذا الوقت من جولة قتال جديدة بين فصيلين عسكريين يقاتلان ضد قوات النظام في ريف حلب الشمالي، كون ذلك «من شأنه أن يشتت القوى»، كما قال مصدر معارض معتدل في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، وسط مخاوف من أن تكون ذرائع «النصرة» هادفة للقضاء على المعتدلين في الشمال. وقال المصدر إن المصلحة الاستراتيجية للجبهة الشامية في منع الاقتتال، يعود إلى أن «النصرة» التي تشارك الجبهة في القتال ضد النظام بريف حلب الشمالي، وتمتلك القوة التي تؤهلها لذلك. أما المصلحة الاستراتيجية للحفاظ على «حزم»، فتتمثل بـ«الحفاظ على فصيل محلي صرف، يشكل مع الفصائل المعتدلة السورية الأخرى، دفعًا آمنًا للبلاد في المستقبل». ويستبعد المصدر تدخل «الشامية» لمصلحة أحد الطرفين، وخصوصًا أنها تعتبر «حزم» مخطئة بقتل الأسرى، إذا ثبت ذلك.
وارتفعت المخاوف من «حرب وشيكة» بين «حزم» و«النصرة»، بعدما اتضح أن بعض أسرى «النصرة» لدى «حزم»، تعرضوا للتصفية. وكانت حزم قد أسرت مجموعة من مقاتلي «النصرة» بهدف مبادلتهم بأسرى من مؤيديها كانت النصرة احتجزتهم في منطقة خان الشبل أثناء هجوم «النصرة» على فصائل «جبهة تحرير سوريا» بزعامة جمال معروف أواخر العام الماضي.
واتهمت «النصرة» حركة «حزم» بأنها «مشغولة بإثارة الاقتتال والمناوشات مع المجاهدين في الخطوط الخلفية بالريف الغربي وغيره»، وأنها أعاقت «إمداد المجاهدين وصعَّبت تحركهم من خلال نصبها للحواجز الطيارة والكمائن التي دأبت عليها لخطف المجاهدين وأسرهم»، لافتة إلى «اختطاف أبو عيسى الطبقة زعيم (النصرة) في البادية، والأخوين أبو الجراح وأبو مالك (الحمصيين) من جبهة النصرة، واختطاف أبو المقداد أطمة من جبهة النصرة، واختطاف أبو أنس الجزراوي التابع لـ(مركز دعاة الجهاد)».
وقالت «النصرة»، إن «الجبهة الشامية» بلغتها بأن «حزم» صفت أبو عيسى الطبقة، والأخوين أبو الجراح وأبو مالك (الحمصيين) منذ 4 أيام (أي بعد انضمام حزم للجبهة الشامية)، وأن «الجبهة الشامية» لن تستطيع أن تقدم القتلى لمحكمة شرعية، كما كان متفقًا عليه، وأنه «لم يعد للجبهة الشامية أي سلطة على (حزم) وتعهدت بإصدار بيان فصل للحركة»، بحسب مصدر في «النصرة».
وأشارت «النصرة» إلى أنها «لن نقبل أي عملية احتواء للحركة بعد الآن، مطالبة «الشامية» بـ«إخلاء كافة مقرات حزم ورفع أيديهم عنها»، ذلك أن لـ«جبهة النصرة» اليوم «ثأرًا تأخذه، وحقًّا تسترده».
وفي المقابل، اتهمت «حزم» غريمتها «جبهة النصرة» بإثارة الاقتتال والمناوشات معها في الخطوط الخلفية بالريف الغربي وغيره، إضافة إلى احتجاز نحو 15 مقاتلاً من قياديي «حزم» والمعتدلين في سجونها وتحريض شرعيي «النصرة» المستمر لجنودهم على قتال حركة حزم على أننا مرتدون وكفار وعملاء للغرب.
وتابعت حركة حزم في بيانها قائلة: «طالبنا الجبهة الشامية وباقي الفصائل مرارًا بأن تتحمل مسؤوليتها وتتدخل لإطلاق سراح جميع المختطفين، وصبرنا على تأخرهم مراعاةً للظروف التي تمر بها ثغور حلب وانشغال الجميع بصدّ العدو، وإننا مستعدون أن نسلم ملف القضية بكافة متعلقاتها لأي هيئة شرعية مستقلة تماما عن الفصائل، وسوف نكشف الحقائق والمعلومات والأدلة تباعا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».