يحاول مخرجون وممثلون عراقيون الاقتراب أكثر من المتلقي والتأثير عليه عبر استخدام الكوميديا هذه المرة في الدراما المسرحية، وتوظيفها لإيصال رسائل التعايش السلمي بين المكونات والمذاهب، والسخرية من التوجهات التي ينتهجها البعض لتكريس التناحر الطائفي والفرقة، الأمر الذي استقبله الجمهور وتفاعل معه، مما شجع على إنتاج أعمال جديدة تصب في ذلك الاتجاه، كان آخرها المسرحية الشعبية الكوميدية «نهر الخير».
ولم تزل ذاكرة المواطن العراقي حافلة بذاكرة مميزة لمسرحيات عراقية كوميدية شكلت علامة فارقة في المشهد الفني الدرامي، بسبب ما حملته من أفكار ومفاهيم اجتماعية مهمة بأسلوب كوميدي هادف نجح في كسب جمهوره من العوائل العراقية إلى صالات العرض المسرحي طيلة عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وكذلك الجمهور العربي. ورغم الركود الذي سادها مطلع القرن الحالي، فإن هناك محاولات لاستعادة ثقة ذلك الجمهور والتطرق لأعمال مسرحية كوميدية تتناول مشكلات الفرد العراقي، وأهمها الطائفية والفساد السياسي والإداري وتحديات الإرهاب وغيرها.
يقول المخرج العراقي غانم حميد، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وهو يستعد لوضع اللمسات الأخيرة لمسرحيته الكوميدية الجديدة «نهر الخير»: «العمل كتبه الفنان المعروف حسين النجار، وهو لصالح دائرة السينما والمسرح، إحدى تشكيلات وزارة الثقافة العراقية، بالاشتراك مع شركة فنون الشرق الأوسط للإنتاج والتوزيع الفني، المسرحية كوميدية تحاول استثارة الضحك لدى الجمهور بحرفية وحسن توظيف عاليين، وهي تعتمد في جانب كبير على عنصر المفاجأة، ذلك العنصر المحوري في صناعة الضحك، فضلا عن كوميديا الموقف التي باتت لازمة أساسية له.
وأضاف حميد: «يشارك في تجسيدها نخبة من ألمع نجوم الكوميديا في العراق، بينهم محمد حسين عبد الرحيم، وناهي مهدي، وإحسان دعدوش، وزهور علاء، ونسمة، وإحسان هاني، ونجلاء فهمي، ومحمود شنيشل، وغيرهم، أما فكرة العمل فهي تقترب من الناس وتحاول التركيز على مفهوم أن هذا الوطن واحد، وأن الفرقة لا تؤدي إلا إلى الفرقة والتناحر وضياع الوطن وضياع الإنسان، وذلك من خلال قصة عن تناحر عائلتين عراقيتين.
وعن الصياغات الفنية خلال العمل، قال حميد: «يشاركنا في صياغة هذا العرض الفنان محمد هادي الذي سيقوم بمهمة الموسيقى التصويرية والألحان، فضلا عن كتابة الأغاني للشاعر المبدع صباح الهلالي، ويشاركنا الفنان فؤاد ذنون بشغل المقدمة التي ستكون استعراضية يؤديها الممثلون الذين أراهن على خبراتهم ومكانتهم لدى الجمهور».
بدوره، أكد الفنان العراقي محمد حسين عبد الرحيم، أحد أهم أبطال العمل، أنه على يقين أن هذه المسرحية ستكون ذات إيقاع خاص؛ فالفنان غانم حميد مخرج العمل معروف عنه أنه يعمل وفق معادلة علمية توفق بين المسرح الأكاديمي والمسرح الشعبي، بما يحقق فائدة ثقافية للمتلقي، فضلا عن المتعة بما تنطوي عليه من رؤى جمالية، مضيفا: «شخصيتي ما بين الجادة والهزلية، وتسير وفق قاعدة (شر البلية ما يضحك)، الأمر الذي يتطلب العمل على أسس صحيحة والابتعاد عن صيغة الوقوف أمام الميكرفون لمدة نصف ساعة - كما يفعل البعض - ليقول نكات مضحكة».
أما الفنان ناهي مهدي فقال: «بعد نجاح عملنا مع المخرج غانم حميد (اللي يريد الحلو) عرفنا أن العمل معه مسرح أكاديمي شعبي وليس مسرحا شعبيا تقليديا، حيث يرتكز على مفردات الجملة وحركات الممثل والأداء المتقن»، مضيفا: «هذا العمل أتوقع له النجاح بوجود كل مفردات نجاحه، أما شخصيتي في هذا العمل فهي شخصية (راضي)، وتمثل الإنسان العراقي الذي هو في كل الظروف راضٍ، وهي جديدة في تفاصيلها ومحتواها».
أما الفنانة الشابة نجلاء فهمي فقالت: «أنا سعيدة بمشاركتي في هذه المسرحية لوجود المخرج غانم حميد أولا، وثانيا للغروب القوي من عمالقة الكوميديا؛ فمحمد حسين عبد الرحيم قامة كبيرة في الكوميديا، وهذه هي المرة الأولى التي أقف أمامه في المسرح، أما باقي زملائي فعملت معهم من قبل عبر أكثر من تجربة مسرحية ناجحة». وأضافت: «العمل مهم جدا لأنه إلى جانب الكوميديا يحمل رسالة مهمة إلى مختلف أطياف الشعب من أجل الوحدة الوطنية وضرورتها في هذا الوقت الحرج».
الكوميديا العراقية تتصدى للتناحر الطائفي بأعمال مسرحية جديدة
«نهر الخير» عمل يعيد العراقيين إلى صالات العرض
الكوميديا العراقية تتصدى للتناحر الطائفي بأعمال مسرحية جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة