وسط معلومات أكدتها مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» عما وصفته بـ«حملة اعتقالات واسعة النطاق»، تشنها الميليشيات المسلحة التي ترفض سيطرتها بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس ضد العمال والرعايا المصريين، اعتبر نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، أن القصف الجوي المصري على مواقع تابعة لتنظيم داعش في ليبيا يمثل ما سماه بـ«اعتداء على السيادة الليبية».
وطلب أبو سهمين في بيان متلفز مساء أمس، بمناسبة مرور أربع سنوات على اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 من المجتمع الدولي القيام بدوره في اتخاذ ما يلزم بشأن «هذا الاعتداء الذي قام به الجيش المصري على الأراضي الليبية في خرق للمواثيق والأعراف الدولية».
كما طالب المواطنين الليبيين بضرورة ضبط النفس وتجنب أي رد فعل سلبي يمس سلامة المواطنين المصريين داخل الأراضي الليبية، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني أمر كافة جهات الاختصاص بالشروع في التحقيق والتحقق من صدقية واقعة قتل المواطنين المصريين والتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة للوقوف على عين الحقيقة.
بينما نفت وزارة الداخلية فيما يعرف باسم حكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها عمر الحاسي، ما أشيع من تقارير عن اقتحام السفارة المصرية بطرابلس وحرقها، واعتبرت أن الهدف منها خلق الفتنة بين الشعبين الشقيقين. وأكد المبروك أبو ظهير مدير الأمن الدبلوماسي بالوزارة أن السفارة لم تتعرض للاعتداء وأنها مؤمنة من قبل أعضاء الأمن الدبلوماسي المكلفين بحمايتها، مشيرا إلى أن اتصالا هاتفيا جرى مع السفير والقنصل المصري لدى ليبيا لإبلاغهما بسلامة مبنى السفارة، وأن وزارة الداخلية شددت على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتأمين البعثات الدبلوماسية في ليبيا.
من جهته، زعم ما يسمى بمجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها أنه سيوفر الحماية للرعايا المصريين العاملين في المدينة وسيضمن عدم التعرض لهم. وهدد المجلس في بيان له بأن الرد على القصف الجوي المصري سيكون قاسيا وأليما في الوقت والمكان المناسبين. على حد قوله.
لكن مصادر أمنية أكدت في المقابل اعتقال ميليشيات مسلحة لعشرات المصريين المقيمين في العاصمة الليبية طرابلس كرد فعل انتقامي على الغارات الجوية التي يشنها سلاح الجو المصري ضد مواقع تابعة لتنظيم داعش في الأراضي الليبية.
وقالت المصادر إن كتيبة «شهداء أبو سليم»، التي يترأسها أغنيوة الككلي، تعتقل منذ يومين العشرات من المصريين المقيمين في ضاحية أبو سليم بالعاصمة طرابلس، موضحة أن الميليشيات المسلحة في مدينة مصراتة بغرب ليبيا اعتقلت عشرات المصريين.. كما أجبرت الكثير منهم على الخروج في مظاهرات منددة بالغارات الجوية المصرية.
وقال صحافي محلي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حملة اعتقالات كبيرة للعمال والرعايا المصريين في عدة مدن، وفقا لمعلومات حصل عليها من قياديين فيما يسمى بميليشيات فجر ليبيا. وطالبت هذه الميليشيات في وقت سابق أول من أمس من جميع الرعايا المصريين مغادرة ليبيا خلال 48 ساعة، حفاظا على سلامتهم من أعمال انتقامية.
من جهتها، قالت مصادر عسكرية إن الكتيبة (166 مشاة) التابعة لأركان الجيش المنبثقة عن البرلمان السابق غادرت في طريقها إلى مدينة سرت لتطهيرها من تنظيم «داعش»، الذي سيطرت عناصره على مقرات الدولة ووسائل الإعلام المحلية فيها منذ ثلاثة أيام.
ونقلت وكالة شينخوا الصينية عن أبو بكر الهريش عضو المجلس البلدي لمدينة مصراتة، أنه لا يمكن الجزم بما إذا كانت هذه العناصر تنتمي لداعش، لكنه أكد على أنها مجموعة إرهابية خارجة عن القانون، قامت بترويع الآمنين في المدينة.
إلى ذلك، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين بأنه يجب على القوات الجوية المصرية أن تضمن في سياق ردها الاحترام الكامل لمبادئ التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية. وحث جميع الأطراف في ليبيا على السعي إلى حوار جدي لوضع حد للنزاع الحالي، وعلى وجه الخصوص للانخراط بشكل بناء في الجهود التي يبذلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون للمضي قدمًا في عملية سياسية تشمل الجميع وتهدف إلى معالجة التحديات السياسية والأمنية المهولة في ليبيا.
ويتنازع على الشرعية في ليبيا برلمانان وحكومتان، بعد سيطرة قوات «فجر ليبيا» على العاصمة طرابلس في أغسطس (آب) الماضي، وإحيائها للبرلمان السابق بعد انتهاء ولايته، وإنشائها لحكومة موازية لكنهما لم يلقيا أي اعترافات من المجتمع الدولي.
ولجأ البرلمان المنتخب العام الماضي إلى شرق البلاد هو والحكومة المنبثقة عنه، حيث نالا اعترافات المجتمع الدولي، لكن المحكمة الدستورية الليبية العليا، أبطلت تعديلا دستوريا انتخب بموجبه مجلس النواب، ما جعل المجتمع الدولي في حرج.
ليبيا: حملة اعتقالات تطول رعايا مصريين في عدة مدن
حكومة العاصمة طرابلس تنفي اقتحام مقر السفارة المصرية
ليبيا: حملة اعتقالات تطول رعايا مصريين في عدة مدن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة