مصر تتجه لحذف المسائل الخلافية من مناهج التربية الدينية

مصادر أرجعتها لمواجهة الأفكار الشاذة ونشر قيم التسامح وقبول الآخر

مصر تتجه لحذف المسائل الخلافية من مناهج التربية الدينية
TT

مصر تتجه لحذف المسائل الخلافية من مناهج التربية الدينية

مصر تتجه لحذف المسائل الخلافية من مناهج التربية الدينية

كشفت مصادر مصرية مطلعة، عن أن «الحكومة المصرية تتجه بقوة لتعديل مناهج التربية الدينية بمراحل التعليم قبل الجامعي، وحذف المسائل الخلافية المثيرة للجدل، والتي يستغلها بعض المدرسين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، بدعوى أنها تدعو للإرهاب، وذلك لتحصين الطلاب وتصحيح الأفكار المغلوطة ومواجهة الأفكار المتشددة».
وقال علماء تربيون، إن «تنقيح بعض مناهج التربية الدينية سيسهم في نشر قيم التسامح وقبول الآخر والتصدي للغلو، وسيخلق صورة ذهنية جيدة عن الوسطية لدى الطلاب حتى لا يتم توجيههم لأعمال العنف والتشدد عند دخولهم الجامعة»، مؤكدين أن «هناك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنسب للرسول مناقضة لما جاء بالقرآن الكريم، واستغلتها بعض التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة».
وتشير الإحصاءات الرسمية في مصر إلى أن إجمالي عدد الطلاب بمرحلة التعليم قبل الجامعي بلغ 18 مليون طالب، تقدم لهم الخدمات التعليمية من خلال 46 ألفا و727 مدرسة تحتوي على 479 ألفا و255 فصلا دراسيا، وبلغ عدد البنين 9 ملايين و120 ألف طالب، وبلغ عدد البنات 8 ملايين و648 ألف طالبة.
وقالت المصادر المصرية التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، إن «وزارة التربية والتعليم شرعت بالفعل في إرسال مناهج التربية الدينية للأزهر ووزارة الأوقاف لمراجعتها»، مؤكدة أن «ذلك في إطار احترام أهل التخصص من جهة والحرص على إخراج كتبها في أفضل صورة وفق صحيح الدين من جهة أخرى».
وأكدت المصادر أنه «تم تشكيل لجان بالفعل لإخراج هذه الكتب في أفضل صورة، سواء في ترسيخ القيم الأخلاقية والوطنية، أو في ترسيخ أسس العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، وفي ترسيخ قيم التسامح وإبراز الوجه الحضاري لديننا الإسلامي السمح الذي يدعو إلى العمل والإنتاج وعمارة الكون، وينبذ كل ألوان العنف والتطرف والفساد والإفساد».
وقالت المصادر المصرية: «إن اللجان ستكون مهمتها تحديث المناهج، وإدراج المشكلات المعاصرة في المناهج الدراسية، لتحصين الطلاب ضد الأفكار المعوجة والشاذة، بالإضافة إلى تخفيف العبء الدراسي عن الطلاب»، لافتة إلى أن «بعض المدرسين الذي ينتمون للإخوان يستغلون بعض النقاط والمواقف التي توجد في الكتب، لتشجيع الطلاب على ممارسة العنف»، مؤكدة أن «هذه المواقف تظل في ذهن الطلاب عند دخول الجامعات».
وتشهد الجامعات المصرية منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) من العام قبل الماضي، أعمال عنف وقتل وتخريب، سقط خلالها عشرات الطلاب، فضلا عن توقيف المئات. وأعلنت السلطات جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا» وحملتها جميع أعمال العنف والقتل التي شهدتها البلاد.
في غضون ذلك، قالت المصادر المطلعة، إن «وزارة التعليم تبحث الآن إمكانية أن تكون مادة التربية الدينية مادة أساسية خلال المراحل الدراسية، وأن يتولى تدريسها في المدارس علماء وأئمة الأزهر».
وشكل الأزهر في سبتمبر (أيلول) الماضي، لجنة لإصلاح التعليم قبل الجامعي بالمعاهد الأزهرية، بعد أن واجه حملة شرسة في وسائل الإعلام، التي اتهمته بأنه يدعو للإرهاب في مناهجه.
وقال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بالفعل تم تنقيح المناهج الدراسية بتحديث مناهج المرحلة الإعدادية العام الحالي، ويتم حاليا تطوير مناهج المرحلة الثانوية»، مبينا أن «التنقيح لا يمس الثوابت؛ بل مواكبة المتغيرات وفق منهج الأزهر المعتدل ولإشاعة فكر الوسطية».
وتقدر الإحصائيات الرسمية عدد طلاب التعليم الأزهري قبل الجامعي بنحو أكثر من مليوني طالب، ويدرس الطلاب في هذه المعاهد إلى جانب المواد الشرعية واللغوية، المواد التي يدرسها نظراؤهم في التعليم العام، ويطلق عليها المواد الثقافية، كما يتم الطالب حفظ القرآن الكريم كاملا خلال المراحل التعليمية المختلفة.
وقال المسؤول في الأزهر: «البعض يطعن في مناهج الأزهر بقصد تشويه صورته دون فهم»، مشيرا إلى أنه في الأزهر يدرس الطالب في الفقه المسائل الخلافية وعادة ما تأتي فيها أقوال صحيحة وأقوال باطلة وضعيفة وشاذة، من أجل عرض جميع هذه الأقوال لدراستها وتفنيدها فقط وليس الأخذ بها.



غروندبرغ إلى طهران أملاً في ضغوط إيرانية على الحوثيين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال وصوله إلى صنعاء الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال وصوله إلى صنعاء الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

غروندبرغ إلى طهران أملاً في ضغوط إيرانية على الحوثيين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال وصوله إلى صنعاء الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال وصوله إلى صنعاء الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

على وقع التصعيد الحوثي المستمر من خلال الهجمات البحرية وإطلاق الصواريخ والمسيَّرات باتجاه إسرائيل، وكذا خرق التهدئة القائمة مع القوات الحكومية الشرعية، وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى طهران، الأحد، أملاً في استجلاب ضغوط إيرانية تحمل الجماعة على خفض التصعيد.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن زار الأسبوع الماضي العاصمة العمانية مسقط، قبل أن يزور صنعاء للقاء قادة الجماعة الحوثية، في سياق سعيه لاستئناف مسار السلام وحث الجماعة على وقف التصعيد الإقليمي وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية والموظفين السابقين لدى البعثات الدبلوماسية.

وأوضح بيان صادر عن مكتب غروندبرغ أن زيارته إلى طهران هي «جزء من سلسلة الاجتماعات الإقليمية والوطنية التي يعقدها في إطار جهود الوساطة التي يبذلها لتعزيز السلام في اليمن».

ويتوقع مراقبون يمنيون أن غروندبرغ يحاول أن ينتزع وعوداً من طهران بالضغط على الجماعة الحوثية لإطلاق سراح المعتقلين الأمميين وخفض التصعيد تمهيداً لاستئناف مسار السلام اليمني المتعثر بسبب هجمات الجماعة البحرية والإقليمية.

وكان المبعوث حض خلال زيارته صنعاء، قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وقال إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث - بحسب البيان - على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه طلب من الحوثيين بشدة إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

تصعيد بحري

وسط المساعي الأممية للتوصل إلى اختراق في جدار الأزمة اليمنية يفتح الباب أمام إحلال السلام بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية، واصلت الأخيرة تصعيدها البحري بالتزامن مع اتهامها من قبل القوات الحكومية بخرق التهدئة وشن هجمات في جبهات محافظات مأرب والجوف وتعز.

وادعى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، مساء السبت، أن قوات جماعته نفذت عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع البحرية التابعة لها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ والمسيَّرات.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث الحوثي أن عملية الاشتباك مع حاملة الطائرات الأميركية والقطع التابعة لها استمرت تسع ساعات، وأن «العملية العسكرية حققت أهدافها بنجاح وأجبرت حاملة الطائرات على المغادرة والهروب إلى أقصى شمال البحر الأحمر». وفق زعمه.

وكانت الجماعة المدعومة من إيران استقبلت الجمعة الماضي أوسع ضربات غربية وإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومينائين في الحديدة، في سياق الرد على هجمات الجماعة المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً.

وتعد الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين الخامسة من نوعها منذ يوليو (تموز) الماضي، والأولى التي تأتي بالتنسيق «ومن دون تشارك» مع الضربات التي تنفذها أميركا وبريطانيا منذ عام للحد من قدرات الجماعة على مهاجمة السفن.

ونقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إن الحوثيين «يدفعون وسيستمرون في دفع ثمن باهظ لعدوانهم علينا». كما توعد وزير دفاعه يسرائيل كاتس بأن «يد إسرائيل الطويلة ستلاحق قادة الحوثيين في أي مكان».

هجمات ميدانية

أكد الإعلام العسكري التابع للجيش اليمني، أن القوات الحكومية كبدت الحوثيين خلال 24 ساعة خسائر بشرية ومادية كبيرة، على امتداد جبهات مأرب، والجوف، وتعز.

ونقل الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر نت) عن مصادر عسكرية قولها إن قوات الجيش صدت اعتداءات للميليشيات الحوثية في العديد من الجبهات القتالية، شمالي غرب مأرب وجنوبها، حيث هاجمت عناصر الجماعة عدداً من المواقع العسكرية باستخدام المدفعية والقناصة والطيران المسير.

عنصران من الجيش اليمني عند خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وأوضح البيان أن عناصر الجيش المتمركزين على امتداد جبهات «الكسارة، والردهة، ورغوان» في الجبهات الشمالية الغربية من مأرب، أجبروا الميليشيا الحوثية على التراجع والفرار، وفي الجبهة الجنوبية أعطبوا مدفعية كانت تستخدمها الجماعة لقصف مواقع عسكرية.

وفي محافظة الجوف المجاورة، (شمال شرقي صنعاء) أفاد الإعلام العسكري للجيش اليمني بأن القوات أحبطت محاولة تسلل لمجاميع حوثية في جبهة «الجدافر»، وأجبرت العناصر الحوثية المهاجمة على الفرار، وتعاملت مع مصادر النيران بحزم، وكبدت الميليشيات خسائر بشرية ومادية.

وفي محافظة تعز (جنوب غرب) ذكر الإعلام العسكري أن القوات الحكومية أفشلت محاولة تسلل حوثية في الجبهة الشمالية الشرقية وأجبرت المجاميع المهاجمة على الفرار، وسط تسجيل إصابات في صفوفها.

وطبقاً لما أورده الإعلام الحكومي، تزامن صد الهجوم في تعز مع استمرار اعتداءات الحوثيين على مواقع الجيش في مختلف جبهات المحافظة باستخدام المدفعية وقذائف الهاون، إلى استمرار تحشيدهم إلى مناطق التماس.