المعارضة تهدد الإمدادات من العاصمة إلى درعا

28 فصيلاً يشارك.. وحلقة الوصل بين المحافظات الجنوبية الثلاث خارج سيطرة النظام

رجل من مدينة دوما شرق دمشق يحمل طفليه الناجين من غارات النظام على مبنى يسكنونه أمس  (رويترز)
رجل من مدينة دوما شرق دمشق يحمل طفليه الناجين من غارات النظام على مبنى يسكنونه أمس (رويترز)
TT

المعارضة تهدد الإمدادات من العاصمة إلى درعا

رجل من مدينة دوما شرق دمشق يحمل طفليه الناجين من غارات النظام على مبنى يسكنونه أمس  (رويترز)
رجل من مدينة دوما شرق دمشق يحمل طفليه الناجين من غارات النظام على مبنى يسكنونه أمس (رويترز)

أكدت مصادر المعارضة السورية في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن قوات النظام السوري «دفعت بتعزيزات إلى الغوطة الغربية لدمشق، بهدف شن معركة واسعة لاستعادة السيطرة على قرية دير العدس»، الفاصلة بين ريف دمشق الجنوبي وشمال شرقي القنيطرة وشمال محافظة درعا، في حين «فاجأت قوات المعارضة القوات النظامية بحشودها ومحاولتها فتح ثغرات في جبهات جديدة، بما يمكنها من قطع خط الإمداد الرئيس بين مدينة درعا والعاصمة دمشق».
وتأتي الحملة العسكرية للقوات الحكومية، بعد يومين على فقدان النظام سيطرته على تلة الحارة واللواء 82 في المنطقة الاستراتيجية التي تصل درعا بالقنيطرة وريف دمشق، وبالتالي، فقدان السيطرة على بلدة دير العدس التي تبعد 4 كيلومترات عن الأوتوستراد الدولي الذي يربط درعا بالعاصمة السورية، مما يهدد خط الإمداد الرئيسي للقوات الحكومية، كونه «بات تحت مرمى النار»، كما يهدد بسيطرة المعارضة على 4 مدن رئيسية في درعا تعد بوابة دمشق، وهي أزرع التي تعد منطقة عسكرية، وغباغب وجاسم والصنيمن.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المدن الأربع «باتت مكشوفة أمام قوات المعارضة، على الرغم من أنها لم تسيطر عليها، ذلك أن حلقة الوصل بين المحافظات الثلاث باتت خارج سيطرة النظام».
وفوجئت القوات النظامية التي شنت حملة واسعة الاثنين الماضي، انطلاقاً من الغوطة الغربية من جهة الشمال، لاستعادة السيطرة على دير العدس، بمقاومة شرسة من قوات المعارضة. وقال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المعارضة «استخدمت صواريخ التاو الأميركية لمواجهة الدبابات، مما أدى إلى تدمير 9 دبابات لقوات النظام، ومقتل عناصر منهم».
وأشار الدراراني إلى أن «الحشود التي حضرها النظام لهذه العملية، ضخمة»، لافتاً إلى أن المسؤول الأمني البارز في النظام اللواء رستم غزالة «تفقّد أحد المحاور في محيط (قرصة) ليعطي عناصره دعماً معنوياً»، وأظهرت الصور غزالة يرتدي درعا أزرق، ويتفقد أحد المحاور وإلى جانبه عسكريون.
وفي مقابل تلك الحشود، أعلنت عدة فصائل إسلامية ومقاتلة في بيان عن بدء معركة «وأخرجوهم من حيث أخرجوكم» التي تهدف إلى السيطرة على بلدتي نامر وقرفا - مسقط رأس رستم غزالة، وضرب حاجز أبو كاسر وخربة غزالة وتل الخضر ومهجورة الخضر وتل عرار والملعب البلدي وكتيبة المدفعية في درع. وأعلنت الفصائل الـ28 التي تشارك في العملية، أن الأوتوستراد الدولي «بات منطقة عسكرية، لذلك نهيب بإخوتنا الشرفاء في جيش النظام الذين حالت الظروف دون التحاقهم بصفوف الثورة أن يسلموا أنفسهم ولهم الأمان ونتعهد بالحفاظ على دمائهم وأرواحهم».
وتسعى المعارضة، من خلال تهديدها للأوتوستراد الدولي، إلى فصل مدينة درعا الخاضعة لسيطرة النظام، عن العاصمة السورية. ويعد الأوتوستراد الدولي، هو الخط الحيوي الوحيد المتبقي أمام قوات النظام لإيصال الإمدادات العسكرية والغذائية إلى مدينة درعا، بعد أن قطعت المعارضة الطريق القديم إلى درعا عبر سيطرتها على مدينة الشيخ مسكين. وقالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن أمام قواتها «مهمات صعبة كون المنطقة عسكرية، وتتضمن عددا كبيرا من القوات النظامية»، مشيرة إلى أنها تحاول فتح ثغرات للالتفاف على الحشود النظامية، وإشعال جبهات أخرى «بهدف تخفيف الضغط عن مناطق الاشتباكات». وتشير إلى أن القوات الحكومية «لا تزال تواصل قصفها في محيط الشيخ مسكين، بما يمنع توسيع نطاق العمليات منها إلى مناطق متاخمة».
بالتزامن، قصفت قوات النظام مناطق في المزارع المحيطة بأوتوستراد السلام قرب مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية. كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتمكن قوات النظام مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين إيرانيين من التقدم في ريف دمشق الغربي والسيطرة على قرية الدناجي القريبة من دير ماكر، وسط استمرار الاشتباكات بينها وبين مقاتلي الفصائل الإسلامية والفصائل المقاتلة.
وتتوزع كتاب المعارضة في مناطق واسعة محيطة بالعاصمة السورية، بدءا من جنوب دمشق وريفها الغربي في داريا، وصولا إلى الغوطة الشرقية لدمشق، وريف دمشق الشمالي والغربي في القلمون. وتقول مصادر المعارضة إن «أغلب التشكيلات المقاتلة موجودة في الغوطة الشرقية، ويتصدرها «جيش الإسلام» بزعامة زهران علوش»، إلى جانب «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» الذي يرابض بشكل أساسي في جوبر وحده، دون جيش الإسلام، فيما يتوزع مقاتلو «ألوية الحبيب المصطفى» في جوبر والغوطة. أما في جنوب دمشق، فتوجد كتائب مقاتلة معارضة من الجيش السوري الحر، وبعض مقاتلي «جبهة النصرة» ومقاتلي «تنظيم داعش»، تحديدا في الحجر الأسود.
في غضون ذلك، تواصل قصف القوات النظامية على مدن ومناطق الغوطة الشرقية لدمشق، حيث أفاد ناشطون بقصف مشفى ميداني. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قيام القوات الحكومية في 5 أيام بمختلف مناطق الغوطة الشرقية بقتل ما لا يقل عن 178 شخصا، تبلغ نسبة الضحايا المدنيين بينهم 80 في المائة من المجموع الكلي للضحايا، ونسبة النساء والأطفال 32 في المائة، وهي نسبة مرتفعة جدا وتظهر بشكل واضح تعمد استهداف المدنيين.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.