أوباما يعلن عن استراتيجية أمنية «لا تعتمد فقط القوة العسكرية»

وثيقة «معدلة» تشرح أولويات الرئيس خلال سنتيه الأخيرتين في الحكم

سوزان رايس تتحدث حول استراتيجية الأمن القومي الجديدة في معهد بروكينغز بواشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
سوزان رايس تتحدث حول استراتيجية الأمن القومي الجديدة في معهد بروكينغز بواشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
TT

أوباما يعلن عن استراتيجية أمنية «لا تعتمد فقط القوة العسكرية»

سوزان رايس تتحدث حول استراتيجية الأمن القومي الجديدة في معهد بروكينغز بواشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
سوزان رايس تتحدث حول استراتيجية الأمن القومي الجديدة في معهد بروكينغز بواشنطن مساء أول من أمس (رويترز)

كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما عن استراتيجيته للأمن القومي، والتي أبرزت التزام الولايات المتحدة بالقيام بدور قيادي في ما يتعلق بالقضايا العالمية الملحة، لكنها عكست تحركا حذرا تجاه التدخل الأجنبي. وتشدد وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» التي عممتها الإدارة مساء أول من أمس، على أن الخطة التي سينتهجها الرئيس خلال السنتين المتبقيتين له في الحكم «لا تستند فقط إلى القوة العسكرية».
وقال أوباما في مقدمة الوثيقة المكونة من 29 صفحة، والتي قدمها البيت الأبيض إلى الكونغرس «في عالم معقد، لا يحتمل عدد من المسائل الأمنية التي نواجهها أجوبة سهلة وسريعة». وتستعرض الوثيقة تحديات وأولويات الولايات المتحدة، من النزاعات المسلحة إلى الجرائم المعلوماتية، مرورا بالتصدي للتغيرات المناخية. ويقول أوباما أيضا إن «التحديات التي نواجهها تتطلب الصبر الاستراتيجي والمثابرة»، مكررا بذلك أحد المواضيع الأساسية لسياسته الخارجية. ويشير إلى أن الكثير من المشاكل لا يمكن حلها عن طريق القوة العسكرية. ويؤكد الرئيس الأميركي أنه على المدى البعيد تعد جهود الولايات المتحدة لمواجهة الفكر الذي يقف وراء التطرف العنيف «أكثر أهمية من قدرتنا على القضاء على الإرهابيين في ساحة المعركة».
وأعرب الرئيس الأميركي مرة أخرى عن سروره لأنه طوى صفحة الحروب عبر قوات برية في العراق وأفغانستان «اللذين كانا في صلب السياسة الخارجية الأميركية خلال العقد المنصرم». وذكر بأن نحو 180 ألف جندي كانوا ينتشرون في العراق وأفغانستان عندما وصل إلى البيت الأبيض في 2009، مشيرا إلى أن عددهم اليوم يقل عن 15 ألفا. وأضاف أوباما «يجب أن نقر أيضا بأن استراتيجية للأمن القومي الذكي لا تستند فقط إلى القوة العسكرية». وجدد أوباما التزامه بقيادة التحالف الدولي لإضعاف وهزيمة تنظيم داعش والعمل مع الحلفاء الأوروبيين على عزل روسيا بسبب دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا.
وتعد الوثيقة الجديدة بمثابة تحديث لأخرى صدرت عام 2010 حين كان مر على أوباما في مقعد الرئاسة 15 شهرا فقط. ومنذ ذلك الحين تعرض لانتقادات في الداخل والخارج لنهجه الحذر بشكل زائد في السياسة الخارجية.
واعتبر خصوم أوباما في الكونغرس ما ورد في الوثيقة بأنه دليل ضعف. وأعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن إضافة مزيد من الصبر على السياسة الخارجية للرئيس أوباما لا تؤدي إلا إلى «إطالة أمد فشل» هذه السياسة. وقال ساخرا «أشك في أن تكون سياسة الصبر الاستراتيجي للرئيس أوباما قد أخافت تنظيم داعش والملالي الإيرانيين أو فلاديمير بوتين». وأضاف «من وجهة نظرهم، كلما تحلى أوباما بالصبر ازدادوا قوة».
وكانت هيلاري كلينتون، المرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة المقبلة، قد سخرت في أغسطس (آب) 2014 من غياب عقيدة حقيقية للسياسة الخارجية لدى الرئيس أوباما. واعتبرت كلينتون، التي أشارت إلى عبارة غالبا ما تعد ركيزة إدارة أوباما على صعيد السياسة الخارجية (لا تقوموا بأمور حمقاء)، أن البلدان الكبيرة تحتاج إلى «مبادئ أساسية»، وأن هذه الصيغة لا تعد واحدة من هذه المبادئ. ورد فريق أوباما مذكرا هيلاري كلينتون بأن هذه العبارة كانت تتحدث بنوع خاص عن الاحتلال في العراق، الذي كان «قرارا سيئا جدا». وعندما كانت سيناتورة، صوتت كلينتون لمصلحة شن الحرب في العراق، قبل أن تؤكد بعد ذلك أنها ارتكبت خطأ.
ولشرح الخطوط العريضة للاستراتيجية الجديدة، ألقت سوزان رايس، مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي، كلمة في معهد بروكينغز للأبحاث، كشفت فيها أن الولايات المتحدة دعت رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي من جهة والرئيس الصيني تشي جينبينغ من جهة أخرى، للقيام بزيارتي دولة إلى واشنطن. وقالت رايس «من أجل تعزيز علاقاتنا في هذه المنطقة الحساسة من العالم، أعلن بكل سرور أننا دعونا رئيس الوزراء آبي، والرئيس تشي جينبينغ للقيام بزيارتي دولة». ولم يعلن عن أي موعد لهاتين الزيارتين. وأوضحت رايس، من جهة أخرى، أن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو ورئيسة كوريا الجنوبية بارك غوين هاي سيزوران واشنطن هذا العام.
وذكرت رايس أيضا أن الولايات المتحدة ستلتزم بمساعدة الحكومة الجديدة في سريلانكا على إقامة مجتمع أكثر انفتاحا وديمقراطية. وضمت رايس سريلانكا إلى ميانمار وتونس كبلد «في حالة تحول». وقالت مستشارة الرئيس الأميركي «سنساعد الدول التي في مرحلة تحول، مثل بورما وتونس وسريلانكا، على أن تصبح مجتمعات أكثر انفتاحا وأكثر ديمقراطية وأكثر استيعابا».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.