«الأونروا» توقف المساعدات لمتضرري الحرب.. وتحتاج إلى 100 مليون دولار فورا

حماس تصف القرار بالصادم وتطلب من مصر استئناف مباحثات وقف النار مع إسرائيل

فلسطينية تسير بالقرب من مبنى دمرته إسرائيل في حرب الصيف الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينية تسير بالقرب من مبنى دمرته إسرائيل في حرب الصيف الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا» توقف المساعدات لمتضرري الحرب.. وتحتاج إلى 100 مليون دولار فورا

فلسطينية تسير بالقرب من مبنى دمرته إسرائيل في حرب الصيف الماضي (أ.ف.ب)
فلسطينية تسير بالقرب من مبنى دمرته إسرائيل في حرب الصيف الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أمس أنها أوقفت تقديم المساعدات المالية للمدمرة بيوتهم أو بدل الإيجار في قطاع غزة بسبب نقص التمويل. وقالت «الأونروا» في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنها «أوقفت مضطرة تقديم المساعدات المالية للمتضررين من الحرب الأخيرة لإصلاح بيوتهم وأيضا بدل الإيجار حيث إن أموالها نفدت تماما».
وجاء قرار «الأونروا» فيما لا يزال عشرات الآلاف من الأسر الفلسطينية من دون مأوى بعد تدمير إسرائيل منازلهم في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ويسكن بعضهم في منازل تدفع «الأونروا» بدل إيجاراتها، ويعيش بعضهم في مدارس تابعة للوكالة. وبلغ عدد البيوت المدمرة للاجئين الفلسطينيين الذين ترعاهم «الأونروا» 96 ألف بيت.
وقالت «الأونروا» إنها حصلت على 135 مليون دولار فقط من أصل 724 مليون طلبتها أثناء مؤتمر الإعمار في القاهرة، فيما قدمت 77 مليون دولار لـ66 ألف أسرة حتى الآن لإصلاح منازلهم وكبدل للإيجار. وقال مدير عمليات «الأونروا» روبرت تيرنر «إن المعاناة في غزة في هذا الشتاء مستمرة، والناس لا يزالون ينامون بين الركام والأطفال يموتون من البرد»، مؤكدا أن «تعهدات الدول المانحة في مؤتمر القاهرة لم تصل، وهذا غير مقبول ومثير للإحباط». وأضاف أنه «من غير الواضح لماذا لم تصل أموال الإعمار حتى الآن». واتهم تيرنر المجتمع الدولي بأنه «لا يستطيع توفير الحد الأدنى، وعلى سبيل المثال إصلاح بيت في الشتاء أو رفع الحصار أو الوصول إلى الأسواق وحرية الحركة لسكان غزة».
وقال تيرنر «إن (الأونروا) التي تعتبر عامل استقرار في المنطقة في هذا الوقت الحرج تحذر من النتائج الخطيرة لهذا النقص الخطير في التمويل». وأكد تيرنر أن «الأونروا» بحاجة إلى 100 مليون دولار خلال الربع الحالي من هذا العام لإصلاح المنازل المدمرة ودفع بدل الإيجارات. وأردف «قلنا مسبقا إن الهدوء الحالي لن يستمر طويلا ونقول اليوم إن الهدوء في خطر». وعبر تيرنر عن القلق من أنه في حال عدم تمكنها من دفع تلك الأموال فسيعود المهجرون إلى مراكز الإيواء التابعة لها مجددا.
ويفاقم قرار «الأونروا» من معاناة الغزيين، ويزيد الضغط عليهم بشكل كبير. ويعيش في مراكز الإيواء التابعة لـ«الأونروا» حاليا عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين تهدمت منازلهم. وعبر مسؤولون عن الخشية من أن توقف مساعدات «الأونروا» سيجبر الأهالي على ترك المنزل المستأجرة والعودة إلى المدارس، وهو ما سيخلق أزمة جديدة لـ«الأونروا» وعلى صعيد العملية التعليمية.
وقال عدنان أبو حسنة، الناطق باسم «الأونروا»، إنه يخشى من أن يدفع هذا القرار لإعادة الناس لمراكز الإيواء وهو ما سيوقف العملية التعليمية.
وفورا، وصفت حماس قرار «الأونروا» بأنه صادم للغاية ومن شأنه مفاقمة معاناة غزة وتكريس مأساة الآلاف من الأسر المشردة والمدمرة بيوتهم. ودعا فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، في بيان، «الأونروا» إلى أن تعي خطورة هذا القرار، وأن تستخدم كل صلاحياتها كمؤسسة دولية تعنى بشؤون اللاجئين في الضغط على الدول المانحة والمجتمع الدولي من أجل الوفاء بتعهداتهم من أجل إعمار القطاع. واتهم برهوم «الرئيس محمود عباس أيضا بتحمل مسؤولية كبيرة عن هذه النتائج الخطيرة»، وأنه «عمل على منع وصول المساعدات وأموال الإعمار إلى مستحقيها». وناشد برهوم كل الدول التي اجتمعت في شرم الشيخ بالعمل فورا على دفع جميع المستحقات المالية التي تعهدت بها حتى يتم إنهاء معاناة سكان القطاع.
وعمليا، لم تدفع الدول المانحة أي فلس بسبب عدم التوافق الفلسطيني الداخلي، ولأن الأموال كانت مرهونة باتفاق دائم مع إسرائيل وعودة السلطة إلى حكم القطاع. ولم يتحقق أي من هذين الشرطين، إذ تقول حكومة التوافق إن حماس لا تمكنها من تسلم المعابر وفرض سيطرتها على القطاع، وهو ما يعطل تدفق الأموال وعملية الإعمار حتى الآن. وتقول حماس إنه على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها، وإن أحدا لا يمنعها من ذلك.
وكانت مسألة تسلم الحكومة الفلسطينية شرطا اتفق عليه في مباحثات وقف إطلاق النار في القاهرة من أجل إطلاق عملية إعادة الإعمار، ووضعه المانحون لاحقا شرطا كذلك لتدفق الأموال، لكن المباحثات حول التفاصيل لم تستكمل بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي. وطلبت حماس من مصر استئناف مباحثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وهي المباحثات التي توقفت بسبب الأوضاع الأمنية في مصر، ولسوء العلاقة بين مصر وحماس.
وأكد أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الخارجية في حركة حماس، أن «الحركة طلبت من الجانب المصري الاتصال بالاحتلال الإسرائيلي لاستكمال مفاوضات التهدئة التي عقدت في صيف العام الماضي»، مشددا على ضرورة فتح المعابر وإعطاء الشعب فرصته في الإعمار. وقال حمدان لفضائية «الأقصى» التابعة للحركة إن حماس معنية بإعادة الإعمار في غزة وفتح المعابر والتخلص من المشكلات في القطاع. وأضاف «حماس ستعطي الحكومة فرصتها للنجاح، لكنها لن تسمح باستمرار الأخطاء والتجاوزات».
واتهم حمدان حكومة التوافق بأنها لم تقم بواجباتها منذ توليها الحكم. وتابع «لم يعد مقبولا أن يحتكر فرد أو مجموعة القضية الفلسطينية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.