غياب «النهضة» و«الجبهة الشعبية» عن الحكومة التونسية الجديدة يوسع دائرة المعارضة

عودة 4 وزراء شغلوا مناصب وزارية في حكومة السبسي عام 2011

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتسلم من رئيس وزرائه المكلف حبيب الصيد لائحة تشكيل الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتسلم من رئيس وزرائه المكلف حبيب الصيد لائحة تشكيل الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
TT

غياب «النهضة» و«الجبهة الشعبية» عن الحكومة التونسية الجديدة يوسع دائرة المعارضة

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتسلم من رئيس وزرائه المكلف حبيب الصيد لائحة تشكيل الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يتسلم من رئيس وزرائه المكلف حبيب الصيد لائحة تشكيل الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)

تتجه أحزاب «النهضة» و«آفاق تونس» و«الجبهة الشعبية» إلى لعب دور المعارضة في البرلمان بعد الكشف عن تركيبة الحكومة التونسية الجديدة المشكلة من حزبي حركة نداء تونس والاتحاد الوطني الحر. كما أن هذه المعارضة قد تُدعم عبر الأحزاب السياسية غير المعنية منذ البداية بالمشاركة في الحكومة، ويأتي على رأس القائمة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة عماد الدايمي وحزب التيار الديمقراطي (برئاسة محمد عبو).
وحصلت حركة «نداء تونس» الفائزة في الانتخابات البرلمانية الماضية على 7 حقائب وزارية وهي وزارة الخارجية التي آلت للأمين العام للحركة الطيب البكوش، والنقل التي سيشغلها محمود بن رمضان، والتجارة والصناعات التقليدية (سليم شاكر)، والصحة (سعيد العايدي)، والتكوين المهني والتشغيل (سلمى اللومي)، والشؤون الدينية (العروسي الميزوري) إلى جانب حصول لزهر العكرمي على خطة وزير معتمد مكلف بالعلاقات مع مجلس النواب (البرلمان).
في المقابل، حصل «الاتحاد الوطني الحر» على 3 حقائب وزارية ممثلة في السياحة التي آلت لمحسن حسن والشباب والرياضة لماهر بن ضياء الأمين العام للحزب ووزارة التنمية والاستثمار لنجيب درويش.
وخلال اليوم الأول الذي تلا الإعلان عن الحكومة دار جدل كبير بشأنها ولم تسلم من الانتقادات والتأويلات، وأولى الملاحظات أن حركة النهضة وحزب آفاق تونس بقيا خارج التشكيلة بعد تخمينات أولية بمشاركتهما في الحكومة بعدد من الحقائب الوزارية. وتشكلت الحكومة التي يقودها الحبيب الصيد من حركة نداء تونس (86 مقعدا برلمانيا) والاتحاد الوطني الحر (17 مقعدا برلمانيا) وهذا عدد لا يمنحها الأغلبية المطلقة المقدرة دستوريا بـ109 أصوات للحصول على ثقة البرلمان.
وتعول حركة نداء تونس على تفاهمات سابقة مع حركة النهضة خلال تنصيب رئيس البرلمان ونائبيه للحصول على ثقة بعض نواب حركة النهضة عند التصويت على الحكومة، كما أن عددا من النواب المستقلين قد يصوتون لصالح حكومة الصيد.
وفي انتظار عرضها على البرلمان يوم الاثنين 26 يناير (كانون الثاني) الحالي، فإن الحكومة المعلن عنها لبت أحد المطالب الأساسية لتحالف الجبهة الشعبية، وهو عدم تشريك حركة النهضة في الحكومة في مقابل تشريك عدة عناصر يسارية غير منتمية سياسيا إلى اليسار على غرار كمال الجندوبي (الوزير المعتمد لمكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني) ولطيفة الأخضر (وزيرة الثقافة) وخديجة الشريف (وزيرة المرأة والأسرة).
غير أن الجيلاني الهمامي القيادي في تحالف الجبهة الشعبية أبدى تحفظه تجاه الحكومة الجديدة وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها حكومة لا تختلف عن «حكومة المحاصصة الحزبية»، وتابع قوله: «علينا انتظار برنامج الحكومة باعتبار أن تركيبتها الحالية لم تحصل على وفاق وطني، لذلك رجح أن تمتنع الجبهة الشعبية عن التصويت لصالحها».
وضمت الحكومة عدة وجوه سياسية شاركت في حكومة الباجي قائد السبسي التي شكلها سنة 2011 فمحمد الصالح بن عيسى وزير العدل الجديد كان يشغل خطة كاتب عام للحكومة في عهد الباجي والعروسي الميزوري وزير الشؤون الدينية عاد إلى نفس المنصب الوزاري الذي شغله سابقا وسعيد العايدي وزير الصحة كان وزيرا للتكوين المهني والتشغيل، كما أن لزهر العكرمي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب (البرلمان) شغل خطة كاتب دولة لدى وزير الداخلية في حكومة 2011.
وفي تعليق على تشكيلة الحكومة التي أعلنها الحبيب الصيد، قال زياد العذاري المتحدث باسم حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة ستدرس تركيبة الحكومة في القريب العاجل (اليوم أو غدا) وستعلن موقفها النهائي بشأن دعمها من عدمه. وتابع قوله: «مبدئيا نحن نتمنى لها النجاح والتوفيق والحركة تحترم كل الاختيارات» على حد تعبيره.
وبشأن الأسماء الواردة في تشكيلة الحكومة وإن كانت الحركة راضية عن تلك التسميات وتعرف البعض منها أو تدعمها، قال العذاري إن «بعض أسماء الوزراء سمعوا بها من خلال وسائل الإعلام، والبعض الآخر مجهول بالنسبة لقيادات الحركة وهناك إلى جانبهم أسماء جديدة» وتابع قوله: «وهذا الأمر يتطلب الرجوع إلى هياكل الحركة لدراسة كل المعطيات والخروج بموقف نهائي من حكومة الحبيب الصيد».
وتضمنت الحكومة الجديدة 9 حقائب وزارية لفائدة المرأة التونسية، كما جرت الاستجابة لطلب تحييد وزارات السيادة وشمل هذا التحييد وزارات الداخلية والعدل والدفاع. وأسندت إلى محمد الناجم الغرسلي الذي لم يطرح اسمه بالمرة في كل التسريبات التي سبقت الإعلان عن الحكومة، فهو من أبناء مدينة القصرين (وسط غربي تونس) وهو من نفس مدينة وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو. والغرسلي قاض من الدرجة الثالثة وكان لعدة سنوات رئيسا للمحكمة الابتدائية بالقصرين وخلال رئاسته لتلك المحكمة كان معه وزير الداخلية لطفي بن جدو في خطة حاكم تحقيق.
وقد عين بعد الثورة من قبل حكومة الباجي قائد السبسي واليا (محافظا) على منطقة المهدية (وسط شرقي تونس) وهو المنصب الذي شغله إلى حد الإعلان عن التركيبة الجديدة للحكومة. وخلال رئاسته للمحكمة الابتدائية بالقصرين كان معه وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو في خطة حاكم تحقيق.
وكلف الحبيب الصيد محمد الصالح بن عيسى بحقيبة وزارة العدل والشؤون العقارية، وهو خبير في القانون الإداري وهي كفاءة مستقلة واتخذ الصيد في المقابل قرارا بحذف وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية من تركيبة الحكومة الجديدة. أما بالنسبة لفرحات الحرشاني وزير الدفاع الجديد فهو أستاذ جامعي مختص في القانون الدستوري وهو يخلف غازي الجريبي القاضي السابق بالمحكمة الإدارية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».