اليونانيون يحسمون أمرهم في انتخابات اليوم.. وأوروبا قلقة

توقع فوز اليسار الراديكالي الرافض لشروط الدائنين.. واحتمال خروج البلاد من منطقة اليورو

امرأة تمر أمام عبارة مكتوبة تدعو إلى رفض الديون وإبعاد صندوق النقد الدولي عن البلاد في شارع بأثينا أمس (رويترز)
امرأة تمر أمام عبارة مكتوبة تدعو إلى رفض الديون وإبعاد صندوق النقد الدولي عن البلاد في شارع بأثينا أمس (رويترز)
TT

اليونانيون يحسمون أمرهم في انتخابات اليوم.. وأوروبا قلقة

امرأة تمر أمام عبارة مكتوبة تدعو إلى رفض الديون وإبعاد صندوق النقد الدولي عن البلاد في شارع بأثينا أمس (رويترز)
امرأة تمر أمام عبارة مكتوبة تدعو إلى رفض الديون وإبعاد صندوق النقد الدولي عن البلاد في شارع بأثينا أمس (رويترز)

يتوجه اليونانيون إلى صناديق الاقتراع اليوم للمشاركة في انتخابات برلمانية تراقبها أوروبا باهتمام وقلق بالغين، وذلك غداة انتهاء الحزبين المتنافسين الرئيسيين سيريزا اليساري الراديكالي، والديمقراطية الجديدة المحافظ عرض آخر مواقفهما، وأصدرت استطلاعات الرأي توقعاتها الأخيرة عشية الاقتراع.
ويهدف الاقتراع الذي دعي إليه 9.8 مليون ناخب لانتخاب مجلس تشريعي جديد على أن يجري تكليف الحزب الفائز بتشكيل الحكومة إذا حاز الغالبية المطلقة، أي أكثر من 150 عضوا في البرلمان المكون من 300 عضو. ويبدو أنه من الصعب حصول أي حزب على الغالبية المطلقة، لكن هناك شبه إجماع على تقدم حزب سيريزا اليساري الراديكالي وتكليف زعيمه ألكسيس تسيبراس برئاسة الحكومة.
وعنونت الأسبوعية الليبرالية «بروتو ثيما» أمس «اربطوا أحزمتكم»، في إشارة إلى النجاح المتوقع لحزب سيريزا الذي قد يحمل إلى الحكم تسيبراس، النائب الأوروبي البالغ من العمر 40 عاما الذي يرفض صراحة سياسة التقشف. ويسود قلق وسط قطاع من اليونانيين كما في الدول الأوروبية الأخرى، بسبب رفض تسيبراس لشروط الجهات الدائنة للبلاد وبالتالي احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو وربما حتى الاتحاد الأوروبي.
ويأمل تسيبراس إعادة التفاوض حول أكثر من 300 مليار يورو من الديون التي تمثل 175 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي لليونان. وأعلن أنه مع احترامه للمؤسسات الأوروبية، فإنه لا يعتبر نفسه ملزما بالشروط التي وضعتها ترويكا الدائنين التي تمثل الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وفرضت الترويكا على اليونان سياسة تقشفية لـ4 سنوات مقابل قروض بقيمة 240 مليار دولار.
وقد يشجع فوز سيريزا آخرين في أوروبا مثل حزب بوديموس في إسبانيا، كما يمكن أن يعطي دفعا لجبهة اليسار في فرنسا. حتى الأحزاب اليمينية مثل الجبهة الوطنية في فرنسا ترى في فوز سيريزا منفعة لها. وأشارت 5 استطلاعات نشرت نتائجها أول من أمس إلى تقدم سيريزا على الأقل 2.9 نقطة أو حتى 6.7 نقطة على حزب الديمقراطية الجديدة بزعامة إندونيس ساماراس. ويبقى عنصر مجهول يتعلق بالخيار النهائي لما بين 10 إلى 15 في المائة من الناخبين لا يزالون مترددين.
وتبادل رئيس سيريزا ألكسيس تسيبراس وساماراس آخر الانتقادات الشديدة مساء الجمعة، الأول في هيراكليون في كريت والثاني في أثينا. وقال تسيبراس إنه «يقود المعركة من أجل كل شعوب أوروبا من أجل وضع حد للتقشف وتفادي نهاية الديمقراطية». وأضاف «لهذا السبب تتجه أنظار كل أوروبا إلى اليونان وتنتظر جميع شعوب أوروبا 25 يناير (كانون الثاني) الحالي. وأمام قاعة سادها الحماس وامتلأت بأعلام لوح بها الحاضرون، حرص ساماراس على العكس على التشديد مرة جديدة على أن حادثة تسيبراس لن تحصل متهما سيريزا بأنه حزب «لا يعرف ما هي أوروبا ولا يفهم أوروبا وسيجعل أوروبا تقف ضد اليونان». لكن مهما قال في هذا الصدد فإن كلمته «إلى اللقاء» في آخر الخطاب بدت وكأنها وداع. ونشرت صحيفة «اي افغي» المقربة جدا من سيريزا أمس رسما كاريكاتوريا لرئيس الوزراء وهو يلف سجادة حمراء باسمه وإلى جانبه حقيبتان جاهزتان.
ويبدو أن شركاء اليونان أنفسهم أخذوا علما بالتغيير القادم في هذا البلد الذي يعيش منذ 2010 بمساعدة دائنيه الدوليين. وقال وزير المالية الفرنسي ميشال سابان: إن «مجموعة اليورو ستجتمع الاثنين حول موضوع اليونان لتبحث خصوصا في المهلة الزمنية التي ستعطى للحكومة بعد الانتخابات لتكون قادرة على الحوار». وهذه التصريحات ما كانت لتصدر لو أظهرت استطلاعات الرأي فرصا لاستمرارية الحكم في اليونان.
وأمس، ارتاح الناخبون اليونانيون من الأخبار السياسية على الإذاعة والتلفزيون، إذ إن القانون ينص على وجوب وقف الحملات عشية الانتخابات. ولم تتحدث محطات التلفزيون والإذاعة عن الانتخابات إلا بجوانبها العملية مثل مواعيد فتح مراكز التصويت. ولا يمنع هذا المرشحين وجريا للعادة من لقاء مناصريهم وأعضاء فرق حملتهم أو صحافيين متخصصين «بعيدا عن الأضواء» وإن كان ذلك لا يمنع وسائل الإعلام من تعقبهم. والتقى تسيبراس أنصاره في مقهى قريب من الحديقة العامة.
ويعول فريق تسيبراس على فارق من 5 إلى 10 نقاط مع الديمقراطية الجديدة دون أن يكون ضامنا لغالبية مطلقة من 151 مقعدا من 300. ولكنه يأمل عقد تحالفات مع أحزاب صغيرة لتجنب العودة إلى صناديق الاقتراع في مارس (آذار) المقبل.
وقال ساماراس الذي التقى أنصاره قرب ساحة سينتاغنما، لصحافيين أجانب إن «المترددين الذين يشكلون 14 في المائة هم معنا. الناس تريد الاستقرار». ولا يتوقع الناخبون حتى من مؤيدي سيريزا الكثير وهو ما لخصته افدوكيا كاسولي المتقاعدة بقولها إن «تسيبراس أنيق ويتحدث بطلاقة، ولكن ماذا بوسعه أن يفعل في هذا الوضع؟». وفي مجمل الأحوال تتابع أوروبا وبقية العالم الحدث عن كثب، فقد تم اعتماد 876 صحافيا (35 في المائة أكثر من الانتخابات التشريعية في 2012 في أوج الأزمة) بينهم 497 أجنبيا قدموا من 45 بلدا.



روسيا تشيد بمواقف ترمب وتَحمِل على أوروبا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
TT

روسيا تشيد بمواقف ترمب وتَحمِل على أوروبا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

أشاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأحد، بهدف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «المنطقي» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه حَمَل على القوى الأوروبية التي احتشدت حول كييف، واتهمها بالسعي إلى إطالة أمد الصراع.

وقال لافروف إن الولايات المتحدة لا تزال تريد أن تكون الدولة الأكبر قوة في العالم، وإن واشنطن وموسكو «لن تتفقا أبداً على كل شيء، لكنهما تتفقان على التحلي بالنهج العملي حينما تتطابق المصالح». وذكر لافروف أن نموذج العلاقة بين الولايات المتحدة والصين هو النموذج الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين موسكو وواشنطن لإنجاز كثير من «الأمور ذات المنفعة المشتركة» دون السماح للخلافات بالتحول إلى حرب. وأضاف لصحيفة «كراسنايا زفيزدا» العسكرية الروسية، وفقاً لنص نشرته وزارة الخارجية: «دونالد ترمب براغماتي (شخص عملي)... شعاره هو المنطق السليم. وهذا يعني، كما يمكن للجميع أن يروا، التحول إلى طريقة مختلفة لإنجاز الأمور». وتابع قائلاً: «لكن الهدف لا يزال جعل (أميركا عظيمة مرة أخرى)»، في إشارة إلى الشعار السياسي لترمب، مضيفاً: «هذا يعطي طابعاً حيوياً وإنسانياً للسياسة. ولهذا السبب من المثير للاهتمام العمل معه».

طفل يجلس على دبابة روسية مدمرة وسط العاصمة الأوكرانية كييف الأحد (أ.ب)

أوروبا «وراء مآسي العالم»

وكانت روسيا قد غزت أوكرانيا في 2022 بآلاف القوات؛ مما تسبب في أكبر مواجهة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.

وتحدث ترمب إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير (شباط) الماضي، وقال إنه يريد أن يذكره التاريخ بوصفه «صانع السلام»، لكنه غيّر تماماً السياسة الأميركية بشأن حرب أوكرانيا. وقال لافروف إن المكالمة مع بوتين كانت بمبادرة من ترمب. وقال ترمب الأسبوع الماضي إن الصراع قد يتحول إلى حرب عالمية ثالثة، مشيراً إلى أنه تحدث إلى بوتين في «مناسبات عدة» وأنه يعتقد أنه سيكون هناك اتفاق سلام في أوكرانيا.

ودخل ترمب يوم الجمعة هو ونائبه جي. دي. فانس في مشادة كلامية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي داخل المكتب البيضاوي. واتهم ترمب زيلينسكي بعدم احترام الولايات المتحدة، وقال إنه يخسر الحرب وإنه لم تتبقَّ لديه أي أوراق. وسارع زعماء أوروبيون إلى الدفاع عن زيلينسكي.

لكن لافروف انتقد أوروبا، قائلاً إنه على مدى 500 عام مضت، كانت أوروبا هي المحرك لـ«كل مآسي العالم» سواء «الاستعمار، والحروب، والحملات الصليبية، وحرب القرم، ونابليون بونابرت، والحرب العالمية الأولى، وأدولف هتلر». وأضاف لافروف: «والآن، بعد ولاية (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن، جاء أشخاص يريدون الاسترشاد بالمنطق السليم... يقولون بشكل مباشر إنهم يريدون إنهاء جميع الحروب، ويريدون السلام».

كما رفض لافروف المقترحات الأوروبية لإرسال فرقة من قوات حفظ السلام الأوروبية، وقال إن روسيا ليست لديها ثقة بأوكرانيا بعد انهيار «اتفاقيات مينسك»، التي كانت تستهدف إنهاء حرب انفصالية من قبل الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا. وقال لافروف إن الأوروبيين لا يستطيعون توضيح الحقوق التي سيتمتع بها الناطقون بالروسية بموجب خطط قوات حفظ السلام الأوروبية، مضيفاً أن روسيا لا تحب فكرة دعم الأوروبيين زيلينسكي. وتابع: «الآن يريدون أيضاً دعمه بحرابهم في شكل وحدات حفظ سلام. وهذا يعني أن الأسباب الجذرية لن تختفي».

«انسجام مع رؤيتنا»

كما قال الكرملين، في تصريحات بُثت الأحد، إن التحول الكبير الذي شهدته السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا تماشى إلى حد كبير مع رؤيته. وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، لمراسل من التلفزيون الرسمي في مقابلة مسجلة: «الإدارة الجديدة تغير بسرعة جميع إعدادات السياسة الخارجية. وهذا ينسجم إلى حد كبير مع رؤيتنا». وأضاف: «لا تزال الطريق طويلة؛ لأن هناك أضراراً جسيمة لحقت بالعلاقات الثنائية بأكملها. لكن إذا تواصلت الإرادة السياسية، للرئيس بوتين والرئيس ترمب، فإن هذا المسار يمكن أن يكون سريعاً وناجحاً للغاية». وأدلى بيسكوف بهذه التصريحات الأربعاء، لكنها نُشرت الأحد.