اختتام الحوار الأميركي ـ الكوبي في هافانا

الوفدان ناقشا في اليوم الأخير ملف إعادة العلاقات الدبلوماسية

صحافية تقف أمام شاشة تبرز إعلانا عن الجولة الجديدة من المفاوضات الكوبية الأميركية في هافانا أمس (رويترز)
صحافية تقف أمام شاشة تبرز إعلانا عن الجولة الجديدة من المفاوضات الكوبية الأميركية في هافانا أمس (رويترز)
TT

اختتام الحوار الأميركي ـ الكوبي في هافانا

صحافية تقف أمام شاشة تبرز إعلانا عن الجولة الجديدة من المفاوضات الكوبية الأميركية في هافانا أمس (رويترز)
صحافية تقف أمام شاشة تبرز إعلانا عن الجولة الجديدة من المفاوضات الكوبية الأميركية في هافانا أمس (رويترز)

اختتمت في هافانا، أمس، المباحثات الأميركية - الكوبية التي استمرت يومين، وناقشت تفاصيل التطبيع التدريجي للعلاقات بعد إعلان البلدين، في منتصف الشهر الماضي، عن وضع حد لنصف قرن من القطيعة. وانتقل الوفدان في اليوم الأخير، أمس، لبحث موضوع استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما، وذلك بعدما كانا افترقا في اليوم الأول على خلاف حول عدة مواضيع مرتبطة بالهجرة، إلا أنهما نوها عموما بجودة المناقشات والموقف البناء للطرفين.
وفي اليوم الثاني من المباحثات بين الوفد الأميركي الذي تقوده مساعدة وزير الخارجية المكلفة شؤون غرب الكرة الأرضية روبرتا جاكوبسون، والوفد الكوبي برئاسة مديرة قسم الولايات المتحدة في وزارة الخارجية خوسيفينا فيدال، تطرق الطرفان إلى المهمة الشاقة المتمثلة في دراسة طريقة استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 1961. وسئل مسؤول أميركي قبل بدء النقاشات حول احتمال الإعلان عن مهلة أو تاريخ بهذا الصدد، فقال إنه «لا يعلم ما إذا كانت الأمور ستُحسم خلال اجتماع واحد».
ومن بين المواضيع التي يوليها الأميركيون أهمية خاصة رفع القيود المفروضة على تنقل الدبلوماسيين داخل الأراضي الكوبية وعلى عدد الموظفين الدبلوماسيين المعتمدين. وذكر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الثلاثاء، في واشنطن، أن واشنطن تطالب «برفع القيود على تجهيز بعثتنا (الدبلوماسية) كي نتمكن من تشغيلها كما ينبغي». وكذلك الوصول من دون قيود إلى قسم المصالح في هافانا، مشيرا إلى إمكانية قيام كوبا بالمثل في واشنطن.
وفي هافانا تحدث الوفد الكوبي الثلاثاء عن الصعوبات المالية التي تواجهها البعثة الكوبية في واشنطن بسبب القيود المرتبطة بالحصار الأميركي المفروض على كوبا منذ 1962. وذكرت وزارة الخارجية الكوبية مساء الثلاثاء أنه «ستمر قريبا سنة على القسم القنصلي» دون أن يتمكن من الاستفادة من خدمات مصرفية، الأمر الذي «يتسبب في بلبلة كبيرة لأجهزته». وكان هذا القسم قد توقف في مايو (أيار) 2014 عن تسليم جوازات السفر للكوبيين المقيمين في الولايات المتحدة، بسبب عدم تمكنه من التعامل مع أي مصرف مستعد للتكفل بحساباته المالية.
وعلى غرار الدبلوماسيين الأميركيين في كوبا، يخضع الكوبيون المرسلون إلى واشنطن لكثير من القيود، لا سيما ضرورة الحصول على إذن لمغادرة واشنطن. وأوضح كيري أنها مفاوضات تقتضي «توافقا متبادلا»، معربا عن تفاؤله وعن استعداده «لزيارة كوبا لتدشين سفارة رسميا» لكن فقط «عندما يكون الوقت مناسبا».
ولم تثمر الجلسة الأولى المغلقة للمباحثات التي تناولت إعادة النظر في اتفاقية الهجرة الموقعة في 1994، أي اتفاق. وذكر الوفد الكوبي استيائه من الامتيازات التي تمنحها الولايات المتحدة للمهاجرين الكوبيين القادمين إلى أراضيها، في حين أكد الأميركيون عزمهم على الاستمرار على هذه السياسة.
واعتبر ارتورو لوبيث ليفي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نيويورك أنه «مع أن هافانا وواشنطن ليس لديهما هدف مشترك على المدى الطويل، فإنهما على الطريق نفسه».
وحضرت جاكوبسون، وهي أول مسؤولة أميركية من هذا المستوى تطأ قدماها الأراضي الكوبية منذ إدارة جيمي كارتر، مساء أول من أمس، «عشاء عمل» مع قياديين من النظام الشيوعي لإرساء الأسس للحوار حول موضوع استئناف العلاقات الدبلوماسية.
ورحبت غالبية كبيرة من الأميركيين بالتغيير السياسي الأميركي تجاه كوبا المعلن في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن النواب الجمهوريين وقسما من المنشقين الكوبيين ينتقدون واشنطن لأنها لم تنتزع شيئا في المقابل في مجال الانفتاح السياسي والحقوق المدنية. ووعد الرئيس باراك أوباما بأن يعرض على الكونغرس رفع الحظر. وعمد الأسبوع الماضي إلى رفع سلسلة من القيود التجارية والمالية على الرحلات، في حين أفرجت هافانا من جانبها عن 53 معتقلا سياسيا مدرجين على اللائحة التي سلمتها الولايات المتحدة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.