قضت المحكمة العليا الأميركية أمس بالإجماع بأن مسؤولي السجن في أركنسو انتهكوا حقوق الحرية الدينية للسجناء المسلمين وذلك بمنعهم من إطالة لحاهم.
وتتعلق القضية بغريغوري هولت الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة السرقة والاعتداء المنزلي. سعى هولت، المعروف أيضا باسم عبد المالك محمد، بعد أن شهر إسلامه، إلى إطالة لحيته بمقدار نصف بوصة (1.3 سم). وذكر هولت في دعواه أن أكثر من 40 ولاية وحكومة فيدرالية تسمح للسجناء بإطالة لحاهم إلى الحد المذكور. وأغلبها يسمح بإطالتها لأطول من ذلك. وذكر أن الاستثناءات من هذا هي ولايات ألاباما وأركنسو وفلوريدا وجورجيا وساوث كارولينا وتكساس وفرجينيا.
في ولاية أركنسو تقضي لوائح السجون بإطلاق شوارب تكون «مهذبة على نحو أنيق»، مع إعفاء اللحى بمقدار ربع بوصة بالنسبة للسجناء الذين يعانون من مشكلات جلدية، ولكنها تحظر إطالة اللحى في الحالات الأخرى. كانت الدائرة الثامنة بمحكمة الاستئناف الأميركية، في سانت لويس، قد قضت بأن المخاوف الأمنية بالولاية كافية لمنع هولت من إطالة لحيته، فرفع هولت التماسا خطيا يطلب فيه من القضاة النظر في قضيته، لافتا إلى أن محاكم أخرى أسقطت سياسات حظر إطلاق اللحى في السجون.
عند البت في القضية، طبق القضاة نفس الاختبار القانوني الذي طبقوه في شهر يونيو (حزيران) في قضية هوبي لوبي، التي سمحت فيها لبعض الشركات الملتزمة بمعتقدات دينية برفض دفع ثمن تغطية وسائل منع الحمل للعاملات الإناث لديها. ينظر الاختبار، المبين في القوانين الفيدرالية، في البداية فيما إذا كانت اللائحة الحكومية المطعون فيها تضع عبئا كبيرا على الشعائر الدينية. وإذا كان الأمر كذلك فإن الاختبار يلزم الحكومة بتوضيح السبب المقنع الموجود لديها لفرض اللائحة، وأنه لا توجد أي وسيلة أفضل لتحقيق ذلك.
كتب القاضي صمويل أليتو، وهو الذي كتب رأي الأغلبية في قضية هوبي لوبي، رأي المحكمة في القضية التي نظرت أول من أمس الثلاثاء، هولت ضد هوبي، رقم 13 - 6827. وقال إن هولت «نفذ بسهولة» الشرط الذي يلزمه بتوضيح أن الحظر المفروض على اللحى يعتبر عبئا على ممارساته لشعائره الدينية. وقال القاضي أليتو إن قاضي المحاكمة أخطأ في قوله إنه يكفي تزويد هولت بسجادة صلاة، والقدرة على التواصل مع مرشد ديني والوجبات المناسبة وما شابه ذلك.
ومع ذلك، قال مسؤولو السجن إن لديهم أسبابا مقنعة لقيامهم بفرض الحظر على إعفاء اللحى، وأهمها مكافحة الممنوعات. فذكر أحد المسؤولين أنه حتى اللحى القصيرة يمكن أن تخفي «أي شيء بدءا من شفرات الحلاقة وحتى المخدرات والسهام محلية الصنع». وقال آخر إنه يمكن كذلك من إخفاء بطاقات الاتصال الخاصة بأجهزة الهواتف الجوالة في اللحى.
ورد القاضي أليتو بأن فكرة تعرض الأمن «للخطر بشكل جدي بالسماح لسجين بإعفاء لحيته بطول نصف بوصة من الصعب أخذها على محمل الجد»، فكتب القاضي في الحكم: «ينبغي أن يكون أي بند من بنود الممنوعات صغيرا للغاية ليتم إخفاؤه في لحية طولها نصف بوصة. كما سيضطر السجين الذي يسعى لإخفاء البند في مثل هذه اللحية القصيرة إلى أن تتوفر له وسيلة يمنع بها هذا البند من السقوط على الأرض».
لا تفرض سجون أركنسو «حلق الرؤوس أو قصة شعر البحارة» بحسب القاضي أليتو، ولذلك «من الصعب أن نبرر لماذا يسعى أحد السجناء لإخفاء ممنوعات في لحيته التي يبلغ طولها نصف بوصة وليس في شعر رأسه الأطول».
وأشار القاضي أليتو إلى أن قاضيا جزئيا تأمل في هولت وقال له: «من غير المعقول الاعتقاد أنه باستطاعتك إخفاء ممنوعات في لحيتك».
وذكر القاضي أليتو أنه إذا ظل المسؤولون مرتابين من الممنوعات يمكنهم تفتيش لحى السجناء. وقال: «تقوم الإصلاحية بالفعل بتفتيش شعر وملابس السجناء، ومن المفترض أنها تفتش اللحى النصف بوصة للسجناء الذين يعانون من أمراض جلدية»، ورفض المخاوف التي تشير إلى أن «قيام الحرس بتفتيش لحية السجين قد يشكل خطرا على السلامة الجسدية للحارس إذا كان السجين يخفى شفرة حلاقة أو إبرة في لحيته».
وقال أليتو إن هذا قد يكون صحيحا في أنواع أخرى من عمليات التفتيش، مضيفا أن الحراس يمكنهم كذلك أن يطلبوا من «السجين أن يقوم بتمشيط لحيته بمشط».
قدم مسؤولو السجن مبررا آخر لحظر اللحى، قائلين إن إعفاء اللحى قد يسهل على السجناء عملية تغيير مظهرهم. وقالوا إنهم يشعرون بالقلق بشكل خاص إزاء مشكلات تحديد الهوية في السجون، حيث يعيش السجناء في ثكنات ويعملون في الحقول. رد القاضي أليتو بأن سلطات السجن يمكنها التقاط صور للسجناء بلحى ومن دون لحى. وأضاف أن الحظر المفروض على اللحى غريب نظرا لأنه يسمح «للسجناء بإطلاق شواربهم وشعر رؤوسهم أو إعفاء لحاهم بمقدار ربع بوصة لأسباب طبية»، وقال: «كما يمكن كذلك حلق كل هذا الشعر في أي لحظة».
اقترن قرار القاضي أليتو باستشهادات من قضية هوبي لوبي. وأضافت القاضية روث بادر غينسبرغ، التي عارضت هذا الحكم فقرة واحدة في القرار يوم الثلاثاء للتمييز بين الحكمين، فكتبت: «خلافا للإعفاء الذي وافقت عليه هذه المحكمة في قرار هوبي لوبي، لا يجوز أن يؤدي استيعاب المعتقد الديني لمقدم الالتماس في هذه الحالة إلى التأثير على نحو ضار على الأشخاص الآخرين الذين لا يؤمنون بمعتقدات مقدم الالتماس».
* خدمة «نيويورك تايمز»